نحن أمة التناقضات، نتمرغ فيها كما يتمرغ حديث التخرج فى تراب الوظيفة الميرى، لغة التضاد هى لغتنا الرسمية، وليست لغة الضاد، وهو حال أولى الأمر منا، يستغرقوا طيلة الوقت فى الحديث عن الشرق، ثم يتجهون صوب الغرب، يصرخ المسئول منهم بضرورة التقشف، بينما يحمل بجيوبه دفتر شيكات أطول من الشريط الحدودى بين سوريا والعراق، نملك أجهزة رقابية بلا عدد، ومع هذا نحتل المركز الرابع عالميًا لأكثر الدول فسادًا وقريبًا مع همة الفاسدين نستطيع أن ننافس على البرونزية. نملك صرفًا صحيًا.. غير صحى، تعليم مجانى.. يكلف الأسرة آلاف الجنيهات سنويًا، منافذ جمركية مشددة يمر منها الفيل، متسللاً دون أن يشعر أحد حملة دكتوراة بلا حدود، وإلى الآن لم ننجح فى صنع سى دى واحد يحمل علامة صنع فى مصر باستثناء سيديهات مرتضى منصور الشهيرة! ليس ذلك على المستوى المحلى فقط، بل العربى أيضًا، حدث يومًا أن وقف صدام حسين يتفاخر بامتلاكه سربًا من طائرات "الإيه وإكس"، التى ترصد دبيب النمل فوق السحاب، فى الوقت الذى كانت فيه طائرات الفانتوم الإسرائيلية تدك مفاعله النووى أوزيراك دكًا، وتعود وهى تتمطع فى السماء دون أن يعترضها غراب نوحى سنكوح، ورغم كل ذلك تجدنا نعيش ونقاوم.. ننام ونصحو.. نبكى ونضحك، لا تعرف لماذا أو على ماذا.. ربما نكاية فى الشاعر وتكذيبًا لادعائه أننا أمة ضحكت من جهلها الأمم. حتى فى كرة القدم أيضًا التى تعتبر لعبة أو ما نعدها نحن كذلك بما يعنى سهولة إدارتها لا نسير إلا عكس الاتجاه وعقوبة المصرى والأهلى الأخيرة خير مثال على لغة التضاد التى ننتهجها فى كل مناحى حياتنا. فالمفترض أن المصرى قد وقعت عليه عقوبة التجميد لمدة عامين، والطبيعى أن تبدأ العقوبة من الموسم القادم 2013، على أن تنتهى موسم 2015، بسبب إلغاء الموسم الحالى 2012 عقب وقوع الكارثة، لكن اتحاد الكرة بغرابة شديدة تجاهل ذلك باستفزاز نادر الحدوث، وقرر بكل سهولة احتساب هذا الموسم الملغى أصلاً من ضمن العقوبة الموقعة على فريق المصرى البورسعيدى..! طبعًا العبد لله لم يأت بجديد هنا فالكل يعلم ذلك جيدًا. لكن الجديد هنا وطبقًا لمنطق اتحاد الجبلاية فى تطبيق العقوبة على المصرى، أن النادى الأهلى يعتبر بهذه الصورة قد عوقب هو الآخر ضمنًا بالإيقاف لمدة عام وهو الموسم الحالى بما يعنى أن إتحاد الكرة قد ساوى المجنى عليه بالجانى لتصبح عقوبة الأهلى هى الإيقاف لمدة عام مع أربع مباريات دون جماهير وغرامة جوزيه وإيقاف حسام غالى، فهل فطنت إدارة الأهلى لهذا الأمر العجيب؟ أم مر عليها الموضوع دون التوقف أمامه والتدبر فيه؟؟ وانساقت وراء مهاترات إعلامية بشأن مضاعفة عقوبات المصرى ولم تنتبه إلى ذلك؟ الأنكى أن كل أندية الدروى العام طبقًا لنفس منطق اتحاد الكرة قد عوقبت هى الأخرى بالإيقاف لمدة موسم، وعلى حد علمى أن فرق الدورى لم تشارك فى كارثة بورسعيد فما هذا الذى نراه؟ لا أملك تفسيرًا، لكن على اتحاد الجبلاية أن يميط اللثام عن هذا اللغز الذى (عمم) به إدارة الأهلى التى يضرب بها الأمثال فى فن الإدارة.