الريسوني: نصحت الإخوان بدعم البرادعي أو صباحي.. وهذه أسباب فشل المصالحة بين جبهتي الجماعة كشف الدكتور أحمد الريسوني، نائب رئيس "الاتحاد العالمى لعلماء المسلمين"، مفاجأة كبيرة عن كواليس ترشح الرئيس الأسبق محمد مرسي، إلى الرئاسة، قائلاً إنه يحمّل قيادات جماعة "الإخوان المسلمين" مسئولية ما حدث لأول رئيس مدني منتخب بعد ثورة يناير. وعلق الريسوني، فى مقابلة تليفزيونية، على الجدل الذى أثير حول تصريحاته السابقة التى أعلن فيها عن ارتياحه لعزل "مرسي"، قائلاً: "ما قلته حينها نتاج أفكار تراودنى من سنين وبالتالى مازلت عند كل ما قلته"، مستدركًا: "أما عن موقفى من أحداث الثالث من يوليو فهو معروف وانتقدته بردود علمية وفقهية ودستورية، ولم أتشفَ فى جماعة الإخوان لأننى أعتبر نفسى إخوانيًا أكثر منهم". وأضاف: "ارتياحى لعزل مرسى كان فى لحظة معينة، وأنا أعرف أنه أُقحم إقحامًا فى الرئاسة، وهو كان ضد الترشيح أصلًا من حيث المبدأ ورغم هذا تقدم وتحمل المسئولية فقلت لعل الله أراحه ولعل الإخوان يعيدون ترتيب أوراقهم".. وتابع: "مؤاخذتى على الإخوان أنهم اندفعوا فى الشأن السياسى بسرعة لا تؤدى إلا إلى حوادث وكوارث". وحول انتقاده لعدم وجود مفكرين فى الجماعة، قال: "حديثى عن الضحالة الفكرية الموجودة بالإخوان يتكرر منذ زمن، وقلت قبل ذلك أن الجماعات والأحزاب تضيق بأصحاب الرأى وبالتالى تدفع بهم إلى خارج التنظيم، وهذا الأمر إذا استمر تجد أن الجماعة فى حالة نزيف شديد لأصحاب الرأى ولا يبقى سوى الجنود التنظيميون، وهذا أحد الأسباب الكبرى لأزمة الإخوان الآن". وفيما يتعلق بمرحلة ما قبل ترشح مرسي، قال: "وفد من جماعة الإخوان زار المغرب، وأحد الرفاق نصحهم بدعم عمرو موسى أو البرادعى على سبيل المثال وليس الحصر فهم أدرى بالوضع فى مصر، أى أن الفكرة التى قيلت لهم إنهم يجب أن يتدرجوا فى نقل مصر إلى الحكم الديمقراطى من خلال دعم رئيس مدنى ويكون مدينًا لهم لأنهم أوصلوه للحكم.. بمعنى أن يكرروا نفس تجربة حركة النهضة التونسية مع (المنصف المرزوقي)". واستدرك: "أما عن قول الجماعة بأنها تواصلت مع شخصيات مثل طارق البشرى وحسام الغريانى، فلا أريد أن أدخل فى تفاصيله لأننى أعرف أنهم كانوا مصرين على الترشح وأصبحوا يرون منصب الرئاسة بين أيديهم". وأردف: "الأمر كان محسومًا لديهم لدرجة أن أحد قادة الجماعة قال لي: (لو رشحنا حيوانًا للرئاسة سينجح)، بما يعنى أنهم اعتقدوا أن الرئاسة بيد الإخوان يوصلون من يشاءون، فإذا اعتذر البشرى أو غيره كان عليهم ترشيح أحد الساسة.. والبشرى رجل مفكر ولو كنت مكانه لرفضت ألف مرة". وتابع: "كان عليهم ترشيح حمدين صباحى أو البرادعى أو محمد سليم العوا وهو الأقرب لقلبي، ومع ذلك أتفهم رفض الجماعة لترشيح عبد المنعم أبو الفتوح لوجود خصومة معه". وحول ما يقوله البعض بعدم إمكانية انتقاد "الإخوان" لأنهم فى محنة، قال: "بناء على هذه الفكرة فلا يجوز انتقاد الإخوان منذ الأربعينيات، لأنهم فى محنة، وكذا جميع الأنظمة العربية تقول إن هذا ليس وقت الحرية، لأننا فى صراع مع التخلف، فكثيرون مرروا علينا الاستبداد والجمود بدعوى أنهم يحاربون إسرائيل ولهم أعداء، ولو تعلق سكوتنا بشهر أو اثنين لقلنا نعم، لكن أن يستمر الأمر لعقود فمتى يأتى الوقت المناسب للنقد؟". ونصح الريسوني، الجماعة بتغيير ما ينتقدهم عليه، قائلًا: "الجمود الفكرى يجب أن يزول والعلماء، والمفكرون والساسة يجب أن تكون لهم مكانة داخل الإخوان وفى قلب قيادة الجماعة، ويجب أن تعود منهجية التحليل للواقع لأنهم كانوا ينظرون له كما يشتهون وهذا خطأ.. هذه العقليات يجب أن تتغير وحين يحدث شيء سوف يعرفون ما يجب عليهم فعله". وكشف الريسوني أسباب فشله فى التوفيق بين الطرفين المختلفين فى جماعة الإخوان، قائلًا: "فشلت جهودنا لأن الطرف الذى يطلق على نفسه (القيادة التاريخية) يرى أنه ليست هناك مشكلة وإنما بعض العناصر داخل الجماعة تململت وارتكبوا مخالفات والموضوع لا يزيد عن هذا بمعنى أن الجماعة على ما يرام ولا تواجه آية أزمات، هذه القيادة طلبت منى أنا والدكتور يوسف القرضاوى تأييد هذه الشرعية التى تريد تأديب من يختلف معها، ولهذا فشلنا لأنهم لا يبحثون عن حل على اعتبار أنه ليست هناك مشكلة". وقال سامح عيد، الباحث فى الحركات الإسلامية، إن "الفكرة الأساسية لتلك التصريحات تكشف عن تغير فى الجماعة بفعل الهزائم المتلاحقة". وأضاف ل"المصريون": "هذه التغيرات تكمن فى خروج بعض القيادات عن أدبيات الجماعة وتوجيه النصح والانتقادات بشكل علني، وهذا غريب لأن الجماعة منذ عام 28 تمر بأحداث جسام ومع ذلك لم تُنشر.. وهذا يؤكد أن الجماعة لن تعود لُحمة واحدة مرة أخرى وستظل قيادات تونس والمغرب منفصلة عن أى مكتب إرشاد يأتى فى المستقبل، وإنما ستصبح المسألة مجرد تقارب فكرى ولن يعود التنظيم الدولى مثلما كان". وتابع: "فيما يتعلق بنقطة ترشح مرسي، فالكل يعلم أنه نزل كمرشح احتياطى لخيرت الشاطر الذى استبعد، وحينها وجد مرسى نفسه أمام الأمر الواقع، لأن أدبيات الجماعة تجبره على هذا.. قد يمتلك رأيًا مضادًا لمسألة الترشح، ولكن طالما اتخذ الجميع قرارًا مخالفًا فعليه الالتزام، ومع ذلك فإن التصويت على الرئاسة داخل الجماعة كان غريبًا، لأنه تكرر 3 مرات وكان فى المرتين الأوليين يرفض الفكرة، ثم وافقوا فى المرة الثالثة بعد تحييد جزء من الأعضاء، وهذا لا يصح.. التصويت يكون مرة واحدة بالقبول أو الرفض، ولكن رغبة الترشح للرئاسة كان يدفع إليها نائب المرشد خيرت الشاطر". واستدرك: "حديث الرجل عن فشل الوساطة بين طرفى الجماعة بسبب (القيادة التاريخية) لا يعنى أنه منحاز بشكل أو بآخر للتيار المضاد". وأردف: "لقد تدخل القرضاوى والريسونى ووضعا 3 حلول ورُفضت من القيادة التاريخية، الذين صمموا على بقاء الوضع على ما هو عليه دون تغيير ، لأنهم يدركون أن أية محاولة للتغيير ستطيح بهم خارج المشهد". واستدرك: "هناك سبب آخر لغضب الريسونى من القيادات التاريخية، وهو أن محمود حسين وإبراهيم منير شخصيتان ضعيفتان، بينما الريسونى قامة فكرية كبيرة وغالبًا خرج بانطباع من النقاش معهما بأنهما لا يستحقان أن يكونا على رأس الجماعة". وراى أن "ظهوره المتكرر بسبب أن التيار التابع لمحمد كمال يزداد عنفًا والأمور تتعقد وهو يريد حماية إخوان المغرب من مصير إخوان مصر، وليس لتوقيت تصريحاته - قبل ذكرى ثورة يناير - أى تداعيات، لأن الجماعة لن تستطيع أن تنظم الكثير من الفعاليات فى تلك الذكرى".