عقب أحداث 3 يوليو 2013، تجمد نشاط الحركة الإسلامية بشكل كبير في مصر، إذ أغلقت أبوابها، واعتقل كثير من قياداتها، ولجأ البعض الآخر إلى الصمت مجبرًا في ظل تلك الأوضاع. وحاول الإسلاميون العودة للمشهد السياسي في 2015 و2016 ولكن لم تفلح هذه المحاولات التي كانت عن استحياء، إلا أنه ومع بداية هذا العام بدأ نشاط غير معتاد لها على مدار السنوات الثلاث الماضية. البداية كانت عند حزب "الوسط" حيث استضاف مساء الاثنين الماضي المائدة المستديرة التي ُنظمها بعنوان "بعد مرور 6سنوات.. ثورة 25 يناير ما لها وما عليها". وأدار اللقاء المهندس أبو العلا ماضي، رئيس الحزب، وتحدث فيها الدكتور حازم حسني، الأستاذ بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية والدكتور مصطفى كامل السيد أستاذ العلوم السياسية بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية، و أيمن الصياد الكاتب الصحفي ورئيس تحرير مجلة «وجهات نظر»، وخالد علي المحامي والحقوقي ووكيل مؤسسي حزب العيش والحرية، ومحمد القصاص نائب رئيس حزب "مصر القوية". وفي اليوم التالي (الثلاثاء)، نظم حزب "مصر القوية" بالمشاركة مع أعضاء "الحملة الشعبية للدفاع عن الأرض"، مؤتمرًا بعنوان: "تيران وصنافير مصرية"، بحضور المحامي خالد على، ممثل هيئة الدفاع عن تيران وصنافير، والدكتور شادي الغزالي حرب، عضو حملة "مصر مش للبيع"؛ وحمدي قشطة، ممثلًا لمعتقلي جمعة الأرض، وهيثم محمدين، ممثلًا عن حركة الاشتراكيين الثوريين، وأحمد سالم، نائب رئيس حزب "مصر القوية"، بالإضافة إلى لفيف من ممثلي القوى السياسية. وعبر المشاركون في المؤتمر عن رفضهم لاتفاقية ترسيم الحدود بين مصر والسعودية التي تنازلت بموجبها الحكومة المصرية عن جزيرتي تيران وصنافير لصالح السعودية؛ كاشفين عن السيناريوهات المتوقع حدوثها خلال الفترة المقبلة وخططهم للاستمرار في الدفاع عن مصرية الجزيرتين. محمد الديب عضو حزب "الوسط" قال إن "عقد مثل هذه الندوات تمثل خطوة جريئة من الحزب للعودة للمشهد السياسي مجددًا". وتوقع الديب أن "يشهد العام الحالي انفراجة قوية للأحزاب الإسلامية والعودة إلى الساحة من جديد، خاصة في ظل ضغوط دولية على الرئيس عبدالفتاح السيسي؛ أهمها من السعودية والولايات المتحدة لعمل هدنة مع التيارات الإسلامية في مصر". الدكتور عادل عامر، رئيس مركز "المصريين للدراسات السياسية والقانونية" قال إن "الأحزاب الإسلامية، خاصة أحزاب الوسط ومصر القوية والوطن، تحاول العودة للظهور إلى المشهد السياسي، مستغلة قضية تيران وصنافير، من أجل محاولة البزوغ مرة أخرى من خلال البيانات التي يصدرها قياداتهم، وأيضًا التغريدات المثيرة للجدل أحيانا والتي تدعو للتحريض ضد أعمال السلطة التنفيذية". وأضاف: "لا تبشّر الديناميكيات الحالية بالخير لقيام مصر ديمقراطية في المستقبل. إذ لم ترحّب الدولة القديمة أو الإسلاميون بأي مسار للتغيير السياسي والاجتماعي الديمقراطي، فالطرفان لا يزالان غير مستعدّين للانخراط مع أطراف فاعلة أخرى أو اعتماد طريقة تفكير ديمقراطية مجدّدة، وهذا الأمر يجعل الإسلام السياسي، مثله مثل الدولة القديمة في مصر، جزءًا من المشكلة المتواصلة بدلاً من أن يكون جزءاً من الحلّ. وتابع: "يُرجَّح أن يتحقّق هذا السيناريو إذا ماقرّر النظام أن يقدّم مكافأةً للمعتدلين الذين يوافقون على الإدماج الانتقائي وفقاً لشروط النظام. لكن يُرجَّح أن تكون هذه الشروط أقسى من تلك التي فُرِضَت في عهد مبارك،فسيصبحون على الأرجح أقرب إلى ديمقراطيين محافظين ما بعد إسلاميين يشاركون في السياسات الوطنية، في حين سيميل المتشدّدون إلى شن تمرّدٍ ضدّ الوضع الراهن". على جانب مغاير، قال محمد حسين، عضو "المجلس الثوري المصري" (معارض)، إن "هذه الأحزاب اجتمعت بموافقات الأمن وما كان لهم إن يجتمعوا إلا بموافقته وتحت أعينه، وهو ما يمثل جزءًا من الصراع المكتوم بين أجهزة الدولة حاليًا". وأضاف: "أحد الإطراف المتصارعة في الدولة يستخدم هذه الأحزاب بصورة أو بأخرى في مرحلة ما من التغير السياسي الذي تسعى له أطراف مختلفة، وقد تسمح بعض من هذه الأحزاب أن تستخدم أنفسها كمحلل في تغير شكل النظام كما فعل حزب النور سلفًا". وتابع عضو "المجلس الثوري": "نحن كثوار قد فقنا الثقة في مثل هذه التجمعات التي تطلق علي نفسها أحزاب، خاصة وأن بعضها تماهى مع ما حدث في 3 يوليو، مثل "مصر القوية" وأثبتوا أنهم ليس لديهم رؤية سياسية تقود نحو حرية واستقلال وكرامة الوطن والمواطن والأحزاب".