مستشار وزير التموين: خفض الفائدة سيحقق استقرارا بسةق الذهب.. والسعر المحلي «جيد جدا» للشراء    مصادر ل«سي إن إن»: مسئولون أمريكيون حثوا جانتس على عدم ترك حكومة الحرب الإسرائيلية    الزمالك يتخذ قرارًا مفاجئًا بشأن الصفقات الصيفية وثنائي الفريق (تفاصيل)    كريم محمود عبدالعزيز يشارك جمهوره صورة من محور يحمل اسم والده الراحل    الجيش الأمريكي يعلن تدمير مسيرات وصواريخ للحوثيين على خلفية تصعيد جديد    نجيب ساويرس ل ياسمين عز بعد حديثها عن محمد صلاح: «إنتي جايه اشتغلي إيه؟»    إبراهيم حسن يكشف كواليس حديثه مع إمام عاشور بعد لقطته "المثيرة للجدل"    عمرو أديب: تريزيجيه لاعب عظيم و بيتألق في صمت ومش واخد حقه أوي    خلال ساعات، اعتماد نتيجة الشهادتين الابتدائية والإعدادية الأزهرية    رئيس البعثة الطبية للحج: الكشف على 5000 حاج.. ولا حالات خطرة    حكومة غزة: جيش الاحتلال ينشر معلومات زائفة بشأن أسماء ضحايا مجزرة النصيرات (فيديو)    محمد السعدي يرقص مع ابنته في حفل زفافها على أغنية خاصة من محمد حماقي    حاول قتلها، زوجة "سفاح التجمع" تنهار على الهواء وتروي تفاصيل صادمة عن تصرفاته معها (فيديو)    مفاجأة.. مكملات زيت السمك تزيد من خطر الإصابة بالسكتة الدماغية    شلبي: نسخة إمام عاشور بالزمالك أفضل من الأهلي.. نجوم الأبيض "الأحرف".. وسنفوز بالسوبر الأفريقي    الأرصاد تكشف حالة الطقس خلال الأسبوع الجاري وموعد انخفاض الحرارة    بعد الزيادة الأخيرة.. أسعار استمارة بطاقة الرقم القومي الجديدة وكيفية تجديدها من المنزل    كوت ديفوار تواصل انتصاراتها بتصفيات المونديال    عشرات القتلى والجرحى في هجمات على مقاطعتين أوكرانيتين ضمّتهما روسيا    أفضل 10 أدعية للعشر الأوائل من ذي الحجة    الإفتاء: الحج غير واجب لغير المستطيع ولا يوجب عليه الاستدانة من أجله    البيت الأبيض: لا نسعى إلى صراع مع روسيا لكن سندافع عن حلف "الناتو"    طبق الأسبوع| من مطبخ الشيف هبة راشد.. طريقة عمل الجلاش باللحم والجبنة    الحبس وغرامة 10 آلاف ريال.. شركات السياحة تحذر المصريين الزائرين بالسعودية    «صفقات سوبر ورحيل لاعب مفاجأة».. شوبير يكشف ملامح قائمة الأهلي الصيف المقبل    بولندا تهزم أوكرانيا وديا    خبير اقتصادي: طرح كبير بنهاية العام.. والمواطن سيشعر بتحسن    نيجيريا تتعادل مع جنوب أفريقيا 1 - 1 فى تصفيات كأس العالم    حزب الله اللبناني يعلن استهداف تجمعا لجنود إسرائيليين في مثلث الطيحات بالأسلحة الصاروخية    أطول إجازة رسمية.. عدد أيام عطلة عيد الأضحى ووقفة عرفات لموظفين القطاع العام والخاص    بالأسماء.. إصابة 7 أشخاص في حادث تصادم ميكروباص وملاكي على طريق جمصة بالدقهلية    ربة منزل تنهي حياتها شنقًا بعد تركها منزل زوجها في الهرم    إصابة 5 أشخاص بحالات تسمم بعد تناول سندوتشات حواوشى بالمحلة    بيسكوف: "الخط الأحمر" بالنسبة لنا كان توجيه أوكرانيا ل"معادة روسيا"    مقرر بالحوار الوطني: الإصلاح السياسي مفتاح النجاح الاقتصادي والمصريون في الخارج ليسوا مجرد مصدر للعملة    فريد زهران ل«الشاهد»: ثورة 1952 مستمدة من الفكر السوفيتي وبناءً عليه تم حل الأحزاب ودمج الاتحاد القومي والاشتراكي معًا    حظك اليوم برج الأسد السبت 8-6-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    فريد زهران: ثورة 25 يناير كشفت حجم الفراغ السياسي المروع ولم تكن هناك قيادة واضحة للثورة    هيثم الحاج علي: 30 يونيو أرست العدالة الثقافية في مصر    إزاى محمد منير غنى "ياللى بتسأل عن الحياة" مجانا بفيلم أحلى الأوقات.. اعرف القصة    أخبار × 24 ساعة.. إجراء 2 مليون و232 ألف جراحة ضمن مبادرة إنهاء قوائم الانتظار    نائب محافظ القاهرة يتابع أعمال النظافة وإزالة الإشغالات بحي عين شمس    كيف توزع الأضحية؟.. «الإفتاء» توضح ماذا تفعل بالأحشاء والرأس    موعد أذان الفجر بمدن ومحافظات مصر في ثاني أيام ذى الحجة    محمود محيي الدين يلتقي البابا فرانسيس على هامش مبادرة أزمة الديون في الجنوب العالمي    منتخب مصر الأولمبي يفوز على كوت ديفوار بهدف ميسي    لخلافات بينهما.. مُدرس بالمعاش يشرع في قتل طليقته بالشرقية    «الاتصالات»: نسعى لدخول قائمة أفضل 20 دولة في الذكاء الاصطناعي بحلول 2028    أدعية ليالي العشر من ذي الحجة.. «اللَّهُمَّ إنِّي أَسْأَلُكَ الهُدَى»    أستاذة اقتصاديات التعليم لإكسترا نيوز: على الطلاب البحث عن تخصصات مطلوبة بسوق العمل    "كل الزوايا" يشيد بأداء تريزيجيه.. عندما تنصف كرة القدم المقاتلين من أجلها    الكشف على 8095 مواطناً خلال قافلة طبية بقرية بلقطر الشرقية بالبحيرة    أخبار مصر: 4 قرارات جمهورية هامة وتكليفات رئاسية حاسمة لرئيس الحكومة الجديدة، زيادة أسعار الأدوية، أحدث قائمة بالأصناف المرتفعة في السوق    "هتتطبق يعني هتتطبق".. برلماني يعلق علي زيادة أسعار الأدوية    جامعة طنطا تطلق قافلة تنموية شاملة بمحافظة البحيرة بالتعاون مع 4 جامعات    أوقفوا الانتساب الموجه    "الهجرة": نحرص على المتابعة الدقيقة لتفاصيل النسخة الخامسة من مؤتمر المصريين بالخارج    "البحوث الفنية" بالقوات المسلحة توقع بروتوكول مع أكاديمية تكنولوجيا المعلومات لذوي الإعاقة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من المستفيد من سياسة تعويم الجنيه المصري؟
نشر في المصريون يوم 09 - 01 - 2017

سياسة تعويم أو تحرير سعر صرف العملة المحلية أمام العملات العالمية تعني باختصار شديد ترك السعر يتحدد بحرية وفق عوامل العرض والطلب. وهي سياسة سليمة وضرورية في الدول التي تعاني من وجود سوق سوداء للعملات الأجنبية مثل مصر نتيجة نقص المعروض منها. ولنجاح هذه السياسة شروط كما سوف نوضح حالا.
ومنذ حوالي شهرين طبقت مصر هذه السياسة كواحدة من توصيات عدة لصندوق النقد الدولي من أجل البدء في الإصلاح الاقتصادي والقضاء على السوق السوداء والحصول على قرض من الصندوق بقيمة 12 بليون دولار على ثلاث سنوات. وكانت النتيجة أن انخفضت قيمة الجنيه أمام العملات الأجنبية بمعدلات قياسية، وعلى سبيل المثال انخفض الجنيه أمام الدولار من حوالي 9 جنيه إلى أكثر من 18 جنيه وذلك في غضون أيام قليلة.
والاسئلة التي نحاول الإجابة عليها باختصار شديد هي:
هل نجحت سياسة التعويم في تحقيق أهدافها الإصلاحية؟ ومن الذي استفاد ومن الذي تضرر منها؟
هل كان التوقيت مناسبا وهل كانت هناك بدائل أخري؟
أولا، نجحت سياسة التعويم منذ تطبيقها في جلب حوالي 2 بليون دولار في شكل استثمارات أجنبية إلى مصر ولكن من المعلوم أن هذا المبلغ يخص مستثمرين محليين وأجانب سارعوا بالعودة الى السوق المصرية لاستغلال فرصة نادرة لشراء أصول عقارية ومالية مصرية بنسبة خصم تصل إلى 50% هى نسبة انخفاض سعر الجنيه. فعلى سبيل المثال فإن امتلاك 10% من أسهم شركة معينة أو مشروع عقاري معين قيمته 100 مليون جنيه، كان يتطلب تحويل مبلغ 10 مليون دولار قبل التعويم، أصبح يتطلب تحويل 5 مليون دولار فقط بعد التعويم مباشرة. ولذلك ارتفع مؤشر البورصة المصرية وبدأت اسعار العقارات في الارتفاع. وبمعنى آخر فإن ثروات مصر أصبحت رخيصة وفرصة ممتازة للمضاربين من أصحاب النقد الأجنبي.
وبالتأكيد فإن هذا النوع من الاستثمار الأجنبي ليس هو ما تنشده مصر التي تعاني من تدهور مستوى الخدمات الاساسية مثل التعليم والصحة والمواصلات وارتفاع معدلات البطالة والتضخم والدين العام وتحتاج إلى استثمارات أجنبية في القطاعات الإنتاجية والخدمية التي تساهم في علاج هذه المشاكل الهيكلية.
وحتى تكتمل منظومة التعويم فإن اتفاقية دين صندوق النقد الدولي التي أشرنا إليها تهدف بالاساس الى تمكين مصر من الوفاء بالتزاماتها الدولية إزاء القروض الأجنبية والمستثمرين الأجانب الذين يرغبون في تحويل أرباح استثماراتهم إلى خارج مصر. بمعني انه بالإضافة إلى ما حصلوا عليه من خصم غير مباشر على استماراتهم داخل مصر، فإن العائد بالنقد الأجنبي سيكون مضمونا أيضا ويمكن تحويله إلى الخارج وقتما يشاؤون.
وفي المقابل فإن المستثمر أو المواطن المصري الذي كان يمتلك 10 مليون جنيه تعادل واحد مليون دولار ليلة التعويم، استيقظ من نومه صباح التعويم ليجد أن شقى عمره أصبح يساوي نصف مليون دولار فقط عندما قرر البنك المركزى مساءا تطبيق سياسية التعويم فجأة.
وكما قلنا مرارا من قبل فإن أسرع طريقة لإفقارأي شعب هي تخفيض قيمة عملته المحلية بقرار إداري.
وبالإضافة إلى ما سبق فإن سياسة التعويم دون وجود احتياطي مناسب من النقد الأجنبي لدى البنك المركزي وفي ظل اسعار فائدة مرتفعة يؤديان إلى نوع من الركود التضخمي. وهذا حاصل في مصر الآن، حيث أدى الانخفاض الشديد في قيمة الجنيه الى أرتفاع معدلات التضخم الى مستويات قياسية لم تشهدها مصر عبر تاريخها الطويل وهو ما يؤدى إلى الحد من معدلات الاستهلاك ومن ثم ركود الأسواق وتضرر الصناعات المحلية. كما أدت أسعار الفائدة المرتفعة على القروض والودائع الى الحد من الاستثمار وتفاقم الركود.
وخلاصة هذه النقطة أن التعويم حقق نوعا من الاستقرار النقدي الذي طالما طالب به صندوق النقد الدولي من أجل جلب الأستثمارات الأجنبية لمصر ولكنه أضر كثيرا بالملايين من الفقراء واصحاب الدخول الثابتة ولم يحقق حتى الآن الاصلاح الاقتصادي الموعود في معدلات النمو والتوظيف. كما أن السوق السوداء للعملات الأجنبية لم ولن تختفي طالما أن الطلب على الدولار بالذات أكبر بكثير من المعروض منه وأي اقتصادي مبتدئ يعرف أن حالة عدم التوازن هذه تؤدي إلى وجود سوق موازية للدولار حيث يتم تداوله بأسعار أعلى من السوق الرسمية وهذا هو حال الدولار في مصر منذ نكسة عام 1967.
ثانيا، أما بالنسبة لمسألة التوقيت والبدائل الأخرى، فإن التوقيت لم يكن هو الأمثل دون شك. ولتوضيح هذا نقول ان الاوضاع الاقتصادية السائدة في أي بلد وقوة واستقلال مؤسساتها وليس صرامة الحاكم هي التي تعزز أو تفشل أي سياسة اقتصادية جديدة. وفي هذا فإن الظروف الاقتصادية لمصر أيام عصابة المخلوع مبارك كانت ملائمة لنجاح سياسة التعويم أكثر منها الأن حيث بلغ حجم الاحتياطي من النقد الأجنبي 35 مليار دولار وكانت احتياطيات حقيقية تمثل فوائض نقدية وليس ديون كما هو الحال الآن.
كما بلغ معدل النمو الاقتصادي 6% ليس بفضل المخلوع ولكن نتيجة ارتفاع معدلات التجارة العالمية وتحويلات المصريين في الخارج. كما كان الفارق بين سعر السوق الرسمي وسعر السوق السوداء لا يتعدى نسبة ال 10% وليس 100% كما كان الحال ليلة التعويم.
وبالرغم من كل هذه الظروف المواتية لتطبيق التعويم ضيع مبارك بعناده مع الصندوق فرصة الإصلاح الاقتصادي في مصر مفضلا الاستقرار الزائف لنظام حكمه على مصلحة الوطن.

ولكن هل كان هناك بديل آخر أمام صانع القرار؟
نقول إن ظروف مصر الاقتصادية كان من الممكن ان تكون أفضل حالا لو أن صانع القرار امتلك الإرادة الحقيقية لاستعادة الأموال التي قام نظام مبارك بنهبها وإخفاءها في الداخل والخارج قبل وأثناء ثورة يناير 2011 وهي تقدر ب 100 بليون دولار على أقل تقدير.
وكان من الممكن ان نكون أفضل حالا لو أن صانع القرار خصص مساحة أكبر من وقته وموارده لمحاربة الفساد المنتشر في كافة ربوع مصر ومؤسساتها دون أدني حياء أو حذر.
وكان من الممكن ان نكون أفضل حالا لو أن موارد الدولة المحدودة تمت إدارتها بشكل مسؤول وأكثر كفاءة بدلا من إنفاقها على مشاريع كبيرة دون دراسات كافية ودون أي سلم للأولويات. وقد قرأت مؤخرا أن الحكومة تخطط حاليا لبناء أكبر مسجد وكنيسة في العاصمة الجديدة بينما هناك 40 مليون مواطن يعيشون تحت الفقر! وتحيا مصر.
وبالتأكيد كان من الممكن أن نكون أفضل حالا كمجتمع متماسك لو أن اعباء الإصلاح تم توزيعها بشكلٍ عادل على الجميع وتمت معاملة الموظفين وأرباب المعاشات ماليا مثل القطاعات الأخرى التي تم تمييزها بشكل استفزازي لمشاعر الجميع مما أدى الى استفحال مشكلة فجوة الدخل بين الأغنياء والفقراء.
وأخيراً فإن صانع القرار لابد ان يعلم أنه بدون تنمية بشرية حقيقة والاهتمام بأحوال الاغلبية الفقيرة فإن مصر لن تحقق أي نوع من التنمية الملموسة والمستدامة.
ومحصلة ما هو حاصل حتى الآن هو أن سياسة التعويم أدت الى موجة مد طفى على سطحها الأجانب والأغنياء وغرقت في ثناياها الأغلبية المستضعفة.
د. محمود يوسف بكير
مستشار اقتصادي
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.