جدل واسع أثارته التسريبات التي بثها الإعلامي أحمد موسى عبر برنامجه على "قناة صدى البلد" مساء السبت منسوبة للدكتور محمد البرادعي، نائب الرئيس السابق، والفريق سامي عنان، رئيس أركان القوات المسلحة سابقًا. وتضمنت تسجيلات المحادثات التي أذيعت ضمن حلقة عنوانها "افضح البرادعي سليط اللسان"، عدة مكالمات بين البرادعي وشقيقه علي، وكذلك مكالمة بينه وبين عنان إبان ثورة 25يناير، لتثير تساؤلات حول من الذي يقف وراءها، وأمد بها الإعلام القريب من السلطة. وليست هذه المرة الأولى التي يذيع فيها الإعلامي المثير للجدل تسريبًا يستهدف من خلاله تشويه صورة المعارضين للسلطة الحالية، لكنها المرة الأولى التي يقوم فيها ببث تسريب لمسئول عسكري رفيع، وقت وجوده في منصبه. وقبل نحو عامين، أذاعت قناة "مكملين" التابعة ل "الإخوان المسلمين"، تسريبات للواء عباس كامل مدير مكتب الرئيس عبدالفتاح السيسي وقت أن كان وزيرًا للدفاع، وفجرت جدلاً واسعًا وقتها. وقال اللواء عبدالسلام شحاتة، الخبير الأمني ل "المصريون"، إن "تسريبات مكالمات بعض الشخصيات العامة والخاصة، ليس جديدًا على الدولة المصرية، لكنها سياسة قديمة استخدمت خلال عهد عبدالناصر، وتم تطويرها لحد وقتنا هذا". وتزامنت التسريبات مع بث قناة "العربي" أول مقابلة تلفزيونية للبرادعي منذ أن غادر مصر عام 2013، وتتضمن نقاشًا حول الأوضاع السياسية في مصر آنذاك ويدلي بأراء تنتقد شخصيات سياسية عدة كانت لها أدوار بارزة آنذاك وحول الأداء السياسي للمجلس العسكري الذي تولى السلطة بعد الإطاحة بالرئيس الأسبق حسني مبارك. وأضاف شحاتة: "سياسة التنصت أو تسجيل المكالمات ليست بعيدة عن الرئيس عبدالفتاح السيسي، بل يكون هدفًا لعمليات من هذا النوع، فالتنصت يستهدف الرئيس وحتى أصغر مسئول في الدولة، وهذه هي سياسة قذرة للأجهزة الأمنية". وتابع: "الإعلامي أحمد موسي أداة لتنفيذ تعليمات المسئولين في الجهات السيادية، التي تريد القضاء على سامي عنان ومحمد البرادعي، وهذه هي البداية وليست النهاية كما يعتقد البعض". وفور انتهاء بث التسجيلات، كتب البرادعي على "تويتر" إن "تسجيل وتحريف وبث المكالمات الشخصية +انجاز+ فاشي مبهر للعالم". وأضاف "أشفق عليك يا وطني"، وتابع "شرعية النظام في اي دولة مستمدة من حماية الحقوق والحريات. عندما يُجرم نظام في حق مواطنيه فهو بذلك يفقد مبرر وجوده. ليتنا نتعلم من التاريخ". كما كتب "على الأنظمة الفاشية أن تفهم أن احترام الحقوق والحريات لم يعد أمرًا داخليًا وإنما له تداعيات سياسية واقتصادية دولية. ليتهم يفهمون". فيما صرح الفريق عنان، الذي لا يظهر في وسائل الإعلام منذ إعلان انسحابه من سباق الترشح للرئاسة في 2014 بأنه لم يطلع على فحو التسريب المنسوب إليه. واستدرك الخبير الأمني: "هناك جهتان بإمكانهما تسجيل المكالمات الهاتفية لأي مواطن حتى لو كان خارج الدولة هما: شركات المحمول، أو الجهات الأمنية". ورجح، أن "وراء هذه التسجيلات للشخصيات العامة باعتبارها أمنًا قوميًا، أحد الأجهزة السيادية الذي يمتلك أحدث أجهزة التنصت في العالم، كما يمتلك بعض الوسائل التكنولوجية في الوصول إلى المواطنين أيًا ما كانوا داخل مصر وخارجها، وبالتالي فإن التسجيلات أمر طبيعي داخل الدولة المصرية". واتفق معه في الرأي العميد محمود القطري، الخبير الأمني، قائلاً إن "هناك ثلاث جهات يمكنها تسجيل المكالمات الهاتفية لأي مواطن مهما كانت صفته هي: شركات المحمول، أو جهاز أمن الدولة قد أعطى الأمر بتصريح التسجيل، أو الأجهزة الأمنية السيادية". وأضاف القطري ل"المصريون": "هناك ثلاثة سيناريوهات وراء التسريب؛ السيناريو الأول هو أن التسجيلات غير حقيقية، وجاءت لإثارة الرأي العام، أما السيناريو الثاني وهو أن هناك صراعات داخل أجهزة الدولة تريد القضاء على بعض الشخصيات التي تهدد النظام الحالي". وتابع: "السيناريو الثالث هو قيام شخصية مهمة في الدولة بالاستعانة بشركات المحمول في الحصول على التسجيلات، وقيام بإرسالها إلى أحمد موسى مستهدفًا تشويه صورة معارضي النظام". وأثارت التسريبات ردود فعل منددة على نطاق واسع. وقال الكاتب الصحفي محمود سلطان رئيس التحرير التنفيذي ل "المصريون"، إن تسريب مكالمة للرجل الثاني داخل الجيش ""جريمة" تقتضي بلا تردد، أن يحاكم عليها من تنصت، ومن أذاع، ومن يملك الفضائية التي ارتكبت هذه الجريمة المروعة، أمام القضاء العسكري". وأضاف: "لا توجد دولة في العالم، تسمح بهذا العبث الخطير بأمنها القومي، فالبرادعي آنذاك كان نائبًا لرئيس الجمهورية.. وعندما تُسجل مكالماته خارج القانون، وإذاعتها بهذه الأريحية والفجاجة.. فنحن إذن أمام دولة تعرض أمنها القومي طواعية للاختراق والإهانة ولقلة القيمة". وقال المحامي طارق العوضي على "فيس بوك" إن بث تسجيلات قائد سابق في الجيش يمثل خطرًا على الأمن القومي. وكتب "أطالب المدعي العام العسكري بالتحقيق في واقعة تسجيل ونشر مكالمات خاصة (...) بعنان. هذه الواقعة تشكل خطرا واختراقا للقوات المسلحة وتهدد الأمن القومي المصري". وقال الناشط الحقوقي، نجاد البرعي، إن التسجيل الذي أذاعه الإعلامي أحمد موسي مخالف لنص للمادة 57 من الدستور ويعتبر جريمة جنائية يعاقب عليها القانون. وأضاف البرعي عبر حسابه على موقع "تويتر": "أن تسجيل المكالمات وإذاعتها مخالفه للمادة 57 من الدستور وهي جريمة جنائية قد تعرض من سجل وعرض وأذاع إلي العقوبة الجنائية يومًا "ما".