قال دبلوماسيون إن مصر أجلت تصويتًا في مجلس الأمن كان مقررًا الخميس على مشروع قرار يطالب بوقف بناء المستوطنات الإسرائيلية بعد أن حث رئيس الوزراء الإسرائيلي والرئيس الأمريكي المنتخب واشنطن على استخدام حق النقض (الفيتو) ضد مشروع القرار. وأضاف الدبلوماسيون أن الرئيس عبدالفتاح السيسي أمر البعثة المصرية لدى الأممالمتحدة بتأجيل التصويت الذي كان سيجبر الرئيس الأمريكي باراك أوباما على الاختيار بين حماية إسرائيل بالفيتو أو الامتناع عن التصويت وتسجيل انتقاد أمريكي للبناء على أراض محتلة يريد الفلسطينيون إقامة دولتهم المستقلة عليها. كان الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قد طالبا البيت الأبيض باستخدام الفيتو ضد مشروع القرار في مؤشر على مخاوفهما من أن أوباما قد يتخلى عن الحماية الدبلوماسية الأمريكية طويلة الأمد لإسرائيل في الأممالمتحدة. ونقلت وكالة "رويترز" عن مصدرين مطلعين إن السيسي أرجأ التصويت بعد طلب من إسرائيل. ومصر هي أول دولة عربية تبرم اتفاقية سلام مع إسرائيل. ويمكن لأي دولة عضو في مجلس الأمن الدولي طرح مشروع قرار للتصويت. وتعاونت مصر -التي تحظى حاليا بعضوية غير دائمة في المجلس- مع الفلسطينيين لصياغة مشروع القرار. ولجأ نتنياهو إلى تويتر في جوف الليل لتوجيه هذا النداء في بادرة على قلقه من أن يطلق أوباما طلقة الوداع على سياسة طالما كان يعارضها وعلى زعيم يميني كانت علاقته به مضطربة. وبعد ساعات قدم ترامب دعما لنتنياهو عبر تويتر وفيسبوك متناولا قضية من أكثر القضايا المثيرة للجدل في الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني ومساعي تنفيذ حل الدولتين المتوقفة فعليا منذ عام 2014. وقال ترامب "القرار المتعلق بإسرائيل الذي يبحث في مجلس الأمن يجب استخدام حق النقض (الفيتو) ضده". وأضاف "كما قالت الولاياتالمتحدة مرارا..السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين لن يتحقق إلا من خلال المفاوضات المباشرة بين الجانبين وليس من خلال أن تفرض الأممالمتحدة شروطا... هذا يضع إسرائيل في موقف تفاوضي ضعيف للغاية وينطوي على ظلم شديد لجميع الإسرائيليين". وقال دبلوماسيون إن مصر وزعت مسودة القرار مساء الأربعاء وكان من المقرر أن يصوت مجلس الأمن الذي يضم 15 عضوا عليه في الساعة الثالثة عصرا (2000 بتوقيت جرينتش) يوم الخميس. وأضافوا أنه لم يتضح كيف ستصوت الولاياتالمتحدة التي تحمي إسرائيل من أي إجراء داخل الأممالمتحدة. ويطالب مشروع القرار إسرائيل "بوقف فوري وكامل لجميع أنشطة الاستيطان في الأراضي الفلسطينية المحتلة بما فيها القدسالشرقية." وتقول مسودة القرار إن بناء إسرائيل للمستوطنات "لا يستند إلى أي أساس قانوني أو دستوري وهو انتهاك صارخ للقانون الدولي." ويبدي القرار قلقا شديدا من أن استمرار النشاط الاستيطاني "يعرض للخطر الشديد الحل القائم على أساس الدولتين." ورفض البيت الأبيض التعليق. لكن بعض الدبلوماسيين كانوا يأملون في أن يمكن أوباما مجلس الأمن من الموافقة على القرار بالامتناع عن التصويت. وكان من المقرر أن يعقد مجلس الوزراء الإسرائيلي الأمني المصغر جلسة خاصة في الساعة 1500 بتوقيت جرينتش لمناقشة القضية. وعبر مسؤولون إسرائيليون عن قلقهم من أن صدور مثل هذا القرار سيشجع الفلسطينيين على السعي لفرض عقوبات دولية على إسرائيل. وفي بيروت قال وزير الخارجية الفرنسي جان مارك أيرو للصحفيين "الاستمرار في بناء المستوطنات يضعف الموقف على الأرض بالكامل ويتسبب في الكثير من التوتر. إنه يقضي على آفاق حل الدولتين. لذلك يمكن لهذا أن يعيد التأكيد على رفضنا لتلك السياسة." ودأبت إدارة أوباما على توجيه انتقادات حادة لبناء المستوطنات في الضفة الغربيةالمحتلةوالقدسالشرقية. لكن مسؤولين أمريكيين قالوا هذا الشهر إنه ليس من المتوقع أن يتخذ الرئيس خطوات كبيرة فيما يتعلق بعملية السلام بين إسرائيل والفلسطينيين قبل أن يترك منصبه. وكتب نتنياهو على تويتر يقول إن الولاياتالمتحدة "يتعين عليها استخدام حق النقض (الفيتو) ضد القرار المناهض لإسرائيل في مجلس الأمن اليوم الخميس". وتعزز موقف زعماء تيار اليمين المتطرف والمستوطنون في إسرائيل بانتخاب المرشح الجمهوري دونالد ترامب. وأشار ترامب بالفعل إلى تغيير محتمل في السياسة الأمريكية بتعيينه أحد محاميه - وهو جامع تبرعات لمستوطنة إسرائيلية كبيرة- سفيرا جديدا لواشنطن لدى إسرائيل. وقال نتنياهو -الذي يشكل المستوطنون شريحة أساسية من قاعدته الانتخابية- إن حكومته كانت أكبر حليف لهم منذ الاستيلاء على الضفة الغربيةوالقدسالشرقية في حرب عام 1967. واقترح بعض نواب البرلمان من حزب ليكود اليميني الذي يتزعمه نتنياهو بالفعل أن تعلن إسرائيل السيادة على الضفة الغربية إن لم تستخدم الولاياتالمتحدة حق الفيتو ضد مشروع القرار. وهذا الاحتمال لا يبدو مرجحا لكن نتنياهو قد يختار تسريع وتيرة بناء المستوطنات كعلامة على تحديه لأوباما ومساندة منه للمستوطنين. وتعتبر إسرائيل أن القدس بأكملها عاصمتها وهو أمر لا يحظى باعتراف دولي. وتقول الولاياتالمتحدة إن استمرار إسرائيل في بناء المستوطنات يفتقر للشرعية لكنها لم تصل إلى حد تبني موقف العديد من الدول الأخرى القائل بأنه غير قانوني بموجب القانون الدولي. ويقيم نحو 570 ألف إسرائيلي في الضفة الغربيةوالقدسالشرقية في الأراضي التي احتلتها إسرائيل في حرب عام 1967. ولإصدار أي قرار من مجلس الأمن فإن مشروع القرار يحتاج إلى موافقة تسعة أعضاء وألا تستخدم أي من الدول دائمة العضوية بالمجلس وهي الولاياتالمتحدة وفرنسا وروسيا وبريطانيا والصين حق النقض (الفيتو) ضده.