العمل: زيارات ميدانية لتفقد مواقع الإنتاج بأسيوط    فتح باب التقدم لجوائز جامعة القاهرة لأعضاء هيئة التدريس حتى نهاية يوليو المقبل    «التضامن الاجتماعي» توافق على قيد ونقل تبعية 3 جمعيات بالقاهرة والغربية    القباج: توزيع 100 طن لحوم على الأسر الأولى بالرعاية على مستوى المحافظات    رئيس جامعة بني سويف: بدء الدورة الثالثة للمبادرة الوطنية للمشروعات الخضراء الذكية    رئيس مركز المناخ يحذر من التعرض لأشعة الشمس للحفاظ على السلامة الشخصية    محافظ كفر الشيخ يتابع جهود حملات إزالة الإشغالات بدسوق    المقاومة تقصف تمركزًا لجنود وآليات الاحتلال فى تل زعرب بقذائف الهاون    رئيس الهجر ة الدولية في السودان: ارتفاع كبير بأسعار المياه والوقود    سفير مصر الأسبق بإسرائيل: مؤتمر الاستجابة الإنسانية الطارئة لغزة يضع كل طرف أمام مسئوليته    الأهلي يواجه الاتحاد السكندري في ثاني مباريات نهائي دوري سوبر السلة    بيدري: الإصابة أصبحت من الماضي.. ودي لا فوينتي شجعني في الأوقات الصعبة    فكري صالح: مصطفى شوبير حارس متميز وشخصيته في الملعب أقوى من والده    تشاهدون اليوم.. تونس فى ضيافة ناميبيا بتصفيات إفريقيا للمونديال وفرنسا تستعد لليورو بمواجهة كندا    إدريس : أتوقع أن نحقق من 7 إلى 11 ميدالية في أولمبياد باريس    عاجل.. إعلامي شهير يعلن أولى صفقات الأهلي الصيفية    رئيس منطقة الإسكندرية الأزهرية ووكيلها يهنئان أوائل الشهادة الإعدادية    ضبط 12000 علبة مستحضرات تجميل مجهولة المصدر في البحيرة    السكة الحديد تفتح باب حجز التذاكر على قطارات العيد الإضافية اليوم    تجديد حبس شقيقين قتلا جارهما بالسلام    تضمنت قائمة بأدلة الثبوت.. إرسال قضية سفاح التجمع إلى النائب العام    أجندة قصور الثقافة.. عروض لفرق الأقاليم المسرحية واحتفالات بيوم البيئة العالمي    في يومه العالمي.. كيف كان أرشيف الحضارة المصرية القديمة وأين يحفظ؟    صدمة لجمهور أفلام عيد الأضحى.. الأطفال لن تشاهد تلك الأفلام (التفاصيل كاملة)    عمرو محمود يس وياسمين عبدالعزيز في رمضان 2025 من جديد.. ماذا قدما سويا؟    فى ذكرى رحيله.. عبدالله محمود شارك عمالقة الفن خلال رحلة فنية قصيرة    وزارة الصحة: نستهدف رفع الوعي بالكشف المبكر عن الأورام السرطانية    محافظ الشرقية يُفاجئ المنشآت الصحية والخدمية بمركزي أبو حماد والزقازيق (تفاصيل)    «معلومات الوزراء» يلقي الضوء على ماهية علم الجينوم وقيمته في المجالات البشرية المختلفة    أستاذ صحة عامة يوجه نصائح مهمة للحماية من التعرض لضربات الشمس    الصحة: الانتهاء من قوائم الانتظار لعمليات قسطرة القلب بمستشفى السويس العام    «البحرية البريطانية» تعلن وقوع حادث على بعد 70 ميلا جنوب غربي عدن اليمنية    مقررة أممية: إسرائيل استغلت قضية الأسرى لإضفاء شرعية على قتل الفلسطينيين    برقم الجلوس.. الموقع الرسمي لنتيجة الصف الثالث الإعدادى 2024 الترم الثاني للمحافظات (رابط مباشر)    «الداخلية»: ضبط 552 مخالفة عدم ارتداء الخوذة وسحب 1334 رخصة خلال 24 ساعة    ماس كهربائي.. تفاصيل نشوب حريق داخل شقة في العجوزة    وزيرة البيئة: إطلاق مركز التميز الأفريقي للمرونة والتكيف بالقاهرة خلال 2024    عرض حلول تحديد الهوية بمؤتمر الأمن السيبراني .. تفاصيل    شركة فولفو تنقل إنتاج السيارات الكهربائية من الصين إلى بلجيكا    الشركة القابضة المصرية الكويتية تعلن عودة الغاز إلى مصانع الأسمدة التابعة    إلغاء الأدبي والعلمي.. تفاصيل نظام الثانوية الجديد وموعد تطبيقه    حنان ترك تتصدر التريند بسبب ابنتها.. ما القصة؟    «مع بدء طرح أفلام العيد».. 4 أفلام مهددة بالسحب من السينمات    عالم أزهري يوضح فضل الأيام العشر الأوائل من ذي الحجة وكيفية اغتنامها    3 طرق صحيحة لأداء مناسك الحج.. اعرف الفرق بين الإفراد والقِران والتمتع    «الإفتاء» توضح أعمال يوم النحر للحاج وغير الحاج.. «حتى تكتمل الشعائر»    اليوم.. "إسكان الشيوخ" تعقد 7 اجتماعات بشأن مشروعات طرق    عدلي القيعي يكشف شعبية الأهلي في مصر ب إحصائية رقمية    الملامح النهائية للتشكيل الحكومي الجديد 2024    مجلس التعاون الخليجي: الهجوم الإسرائيلي على مخيم النصيرات جريمة نكراء استهدفت الأبرياء العزل في غزة    حزب الله يستهدف موقع الرمثا الإسرائيلي في تلال كفر شوبا اللبنانية المحتلة    هذه الأبراج يُوصف رجالها بأنهم الأكثر نكدية: ابتعدي عنهم قدر الإمكان    من تعليق المعاهدات إلى حرب «البالونات» الأزمة الكورية تتخذ منعطفًا خطيرًا    أمير هشام: كولر يعطل صفقة يوسف أيمن رغم اتفاقه مع الأهلي ويتمسك بضم العسقلاني    ما أهم الأدعية عند الكعبة للحاج؟ عالم أزهري يجيب    النديم: 314 انتهاك في مايو بين تعذيب وإهمال طبي واخفاء قسري    ما هي أيام التشريق 2024.. وهل يجوز صيامها؟    انتصار ومحمد محمود يرقصان بحفل قومي حقوق الإنسان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الثورة السورية .. ومحاولة الخروج من النفق المظلم
نشر في المصريون يوم 20 - 03 - 2012

لا يبدو في الأفق أن الأزمة السورية المشتعلة منذ عام تقريبًا على حكم بشار الأسد تقترب من الانفراج، رغم أجواء التفاؤل النسبية التي أحاطت باللقاء الذي عقده وزير الخارجية الروسي سيرجيه لافروف مع نظرائه العرب، وإعلان الطرفين توافقهم على 5 بنود تنهي مأساة الشعب السوري، وفي مقدمتها وقف العنف أيًّا كان مصدره، وإيجاد آلية رقابة محايدة، وعدم التدخل الخارجي، وإتاحة وصول المساعدات الإنسانية لجميع السوريين بدون إعاقة، والدعم القوي لمهمة كوفي عنان لإطلاق حوار سياسي بين الحكومة وجماعات المعارضة، وهي نقاط لا تختلف كثيرًا عن الوساطة العربية التي لا تعامل معها الأسد بازدراء أجبر الجامعة على سحب مراقبيها ونقل الأزمة إلى مجلس الأمن قبل أن يعرقلها الفيتو الروسي الصيني.
مجازر بشعة
ورغم مرور ما يقارب الشهر على الفيتو الروسي وتصاعد مساعي بعض القوى العربية للضغط على موسكو لتغيير موقفها من المجازر الجارية حاليًا إلا أن كل المؤشرات تسير في إطار صعوبة حدوث اختراق مهم يكتب نهاية، للأزمة، برغم إعلان لافروف دعم روسيا لتسوية الأزمة وفق المبادرة العربية وما تتضمنه من نقل الأسد صلاحيته لنائبه فاروق الشرع -وإن لم يذكرها مباشرة -وبدء حوار مع المعارضة على غرار الأزمة اليمنية، لاسيما أن المواقف الصادرة من كلا طرفي المعادلة السورية لا تبشر بحدوث ما ينهي عاما من مجازر قوات الأسد ضد الثوار التواقين بشدة لإنهاء أربعين عامًا من الحكم العائلي الطائفي.
وزاد من أجواء التشاؤم تأكيد الأسد على رفضه الاستجابة للمطالب التي نقلها إليه المبعوث الأممي كوفي عنان، والخاصة بوقف العنف وبدء حوار مع المعارضة، بل عزف على "أسطوانة مشروخة تتمثل في صعوبة تحقيق هذا الحوار لأي نجاح في ظل تواجد مجموعات إرهابية تعمل على إشاعة الفوضى و "زعزعة "استقرار البلاد عبر استهدافها المواطنين، من مدنيين وعسكريين، وتخريب الممتلكات العامة والخاصة، وهي مفردات أكدت أن بشار لا يعيش الواقع السوري، ويتجاهل استعداد الشعب لتقديم الغالي والنفيس من أجل الخلاص من حكمه.
ولم يفلح الدعم الإقليمي اللافت لمهمة عنان وخروج إشارات من عدة عواصم دولية وإقليمية بتأييد هذه المهمة، وفي مقدمتها أنقرة التي أعربت عن استعدادها لبذل أقصى جهودها لإنهاء شلالات الدم وإنجاح جهود الأمم المتحدة والجامعة العربية التي تستبعد التدخل الدولي في الشأن السوري وتعاطي المعارضة السورية بإيجابية مع جهود عنان لتسوية الأزمة في تحقيق نجاح لافت، بل إن الأزمة بقيت تراوح مكانها مع تشديد دمشق على ضرورة وقف ما أسمته الإرهاب وأنشطة العصابات المسلحة وإصرار موسكو على المساواة بين الضحية والجلاد بالحديث عن أهمية الوقف المتزامن للعنف.
جهود متعثرة
تعثر مهمة عنان وتحفظ النظام والمعارضة السورية عليها، بل توجهيها انتقادات شرسة لهذه الجهود، كل ذلك أغلق الأبواب على إمكانية التوصل لحل سلمي، بل إن الحمى الدبلوماسية التي شهدتها المنطقة قد سمحت لآلة الأسد العسكرية بتصفية أكبر عدد ممكن من معارضيه، حيث لم تعد تكترث بجهود عنان ولا بالتوافق العربي الروسي، بل استمرت في حصد أرواح السوريين في حمص وحماه وإدلب بعد فراغها من مجازر حي بابا عمرو، بل لم تعد تفرق بين صغار وكبار، بل طالت جرائمها الجميع، كان آخرهم تصفية 60طفلا وامرأة وجدوا قتلى في إدلب في مذبحة جماعية انتقامًا من ذويهم الثائرين على حكم الأسد.
في هذه الأجواء أيضًا لا يبدو أن هناك فرصًا لنجاح التوافق العربي الروسي حول الأزمة السورية، رغم إعلان لافروف تعويل موسكو بشدة على هذه الجهود لوقف ما أسماه بالعنف، حيث لم يطرأ أي تغيير مهم في الموقف الروسي، فموسكو عازمة على استمرار توفير غطائها للنظام السوري وقطع الطريق على أي مساعٍ لإدانته في مجلس الأمن، وعدم القبول بأي شكل من أشكال التدخل الأجنبي، أو تكرر للسيناريو الليبي، وهو موقف يزيد الأزمة تعقيدًا، بل ينهي أية طموحات بنهاية قريبة للمجازر الطائفية الدائرة في صفوف المدنيين على يد قوات الأسد وشبيحته، بل يؤشر لحالة من العجز أو التواطؤ الدولي على ما يجري في سوريا.
لعبة مصالح
حالة العجز السائدة حاليا ليست على مقربة من نهايتها، فالبلدان العربية لا تملك الكثير في هذه الحالة، ولم يعد لديها إلا ورقة إعطاء الشرعية للتدخل الأجنبي على غرار السيناريو الليبي، وهو موقف لا يحظى بإجماع كبير داخل البلدان العربية، خصوصا أن بلدانا عربية من الوزن الثقيل ما زالت تبدي اعتراضات جمة على هذا التدخل، بل إن بعضها يقدم دعما ملحوظا، سواء سياسيا أو اقتصاديا للأسد، لتجاوز العقوبات الدولية المفروضة عليه، بل الاستمرار في حربه الدامية على الثائرين على نظام حكمه، رغبة في الحفاظ على هذا النفوذ وتأمين مصالح إقليمية ودولية، وهي مصالح ما زالت تضخ الدماء في عروق الحكم الطائفي المترنح.
تسليح المعارضة
غير أن حالة العجز العربي عن التصدي لجرائم الأسد لم تدفع الجميع لليأس، بل إن بلداننا عربية في مقدمتها السعودية وقطر تتزعم اتجاها لتسليح المعارضة السورية، أو دعم قدرات الجيش الوطني الحر كجزء من حزمة إجراءات لوقف هذه المجازر، منها إرسال قوات لحماية عمال المساعدات وإنشاء مناطق آمنة للمدنيين، وصولا إلى إمكانية شن غارات جوية على أنظمة الدفاع الجوي السورية، أو تطبيق حظر حوي لتحييد طيران الأسد عن استهداف الثوار. غير أن التساؤل الذي يطرح نفسه هنا: إلى متى ستنتظر الدول العربية حتى تطبق هذه الحزمة؟ وهل سيمنح التردد العربي حيال الأسد فرصة لدحر الثورة السورية؟ لاسيما أن البلدان العربية لم تقر خطوات جادة لحصار الأسد وعزله، ومنها طرد سفرائه والاعتراف بالمجلس الوطني السوري كممثل شرعي وحيد للشعب السوري.
ولا شك أن هذه الأسئلة لا تجد إجابة شافية عنها لدى الرأي العام ولا المراقبين، خصوصا أنها انسحبت على الموقف الدولي من النظام، فالبلدان الغربية لا يبدو أنها حسمت أمرها تجاه النظام، فرغم وجود توجه لفرض حزمة عقوبات ضد النظام السوري، ومنها تخفيض درجة التمثيل الدبلوماسي معه وإبعاد سفراء الأسد من العواصم الغربية، إلا أن هذا التوجه لم يترجم لخطوات محددة حتى الآن في ظل حالة من التردد الدولي في التعاطي مع النظام، وهو تردد سمح للنظام السوري بتبني زمام المبادرة وإصدار تعليمات لسفرائه في العواصم الغربية بالعودة السريعة إلى دمشق، سعيا من جانبه لتفريغ الخطوة الغربية من مضمونها، وتقليل تداعياتها على نظامه، لاسيما أنها تزامنت مع إنهاء فرنسا الوجود الدبلوماسي في سوريا، وقيادتها اتجاهًا أوروبيًّا للسير في نفس الاتجاه.
جرائم وتلكؤ
وقد أثار هذا التردد استغراب المراقبين، فالبلدان الأوروبية لم تتفق حتى الآن على موقف موحد إزاء جرائم النظام، بل إن اجتماع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي الأخير في كوبنهاجن أخفق في الوصول لتوافق حول طرد سفراء سوريا، وهو ما يكشف أن هناك بونًا شاسعًا بين هذه البلدان على خطوات بروتوكولية، فما بالنا بحجم هذا الخلاف حول التدخل العسكري المرفوض حتى الآن من قطاع عريض من البلدان الأوروبية، لتأثيراته الخطيرة على حالة الاستقرار الهش في المنطقة، فضلًا عن أن أي عملية عسكرية قد تشعل حربًا إقليمية ستطال شراراتها الدولة العبرية المجاورة لسوريا بكل تأكيد، ولعل هذا ما يفسر حالة التلكؤ تجاه إجرام النظام العلوي.
ورغم خروج إشارات من هنا وهناك تفيد بأن خيار القصف الجوي لأهداف حيوية سورية مازال مطروحا بقوة، وحديث دوائر صنع القرار في واشنطن عن ضرورة تسليح الجيش السوري الحر وزيادة قدراته القتالية، لكونه حاليا غير قادر على لعب دور ميداني حاسم في الساحة السورية، إلا أن هذا الأمر لم يتحول لإجراء على الأرض حتى الآن، أو لأفعال حاسمة قد تحدث اختراقا في الموقف، في وقت يستمر الدعم والغطاء الروسي –الصيني للنظام للاستمرار في نهج التصفية ضد معارضيه، وهو نهج سيستمر لفترة ليست بالقصيرة، مادام هذا الدعم لا يواجه بموقف دولي صارم ضد النظام ولا ضد حلفائه الرئيسيين.
لذا فالموقف مرشح للاستمرار بين شدٍّ وجذب بين الأسد والثوار والجيش السوري الحر، إلى أن يستطيع أحد الطرفين حسم المعركة لصالحة، أو حتى تقديم إشارات على امتلاكه القدرة على تغيير لعبة توازن القوى في الساحة السورية، وهي معضلة لن يستطيع توفير حلول لها إلا وجود قرار استراتيجي عربي ودولي داعم لتسليح الثوار وحصار النظام وعزله، وأن ينتهي التردد الدولي والعربي حيال الأسد، فليس أمام الشعب السوري إلا تقديم مزيد من التضحيات حتى يرى ثمرة ثورته وتنضج، وينهار النظام الديكتاتوري يوما تلو الآخر، وعدم الاستسلام لليأس الذي يحاول النظام تكريسه عبر المجازر المتتالية، فتجارب التاريخ تؤكد أن القمع لا يولد إلا صمودًا، وأن الأنظمة الديكتاتورية تحفر قبورها بيدها، وهو أمر ليس بعيدًا عن الأسد وعصابته، بل قد يكون أقرب إليهم من حبل الوريد.
المصدر: الإسلام اليوم


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.