زعمت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية, أن التفجير, الذي وقع بقاعة الصلاة في الكنيسة البطرسية الملاصقة للكاتدرائية المرقسية بالعباسية أثناء قداس الأحد, من شأنه أن يشعل فتنة طائفية في مصر, على حد ادعائها. وأضافت الصحيفة في تقرير لها في 12 ديسمبر, أن تداعيات هذا التفجير قد تكون أيضا أشد خطورة على النظام المصري من مكافحة الإرهاب, في حال أدى إلى وقوع اشتباكات جديدة بين المسلمين والمسيحيين. وتابعت " توقيت هذا التفجير جاء أيضا في غير صالح النظام المصري, وكان الهدف منه إظهار ضعفه, في وقت يحاول طمأنة العالم بشأن الاستقرار في مصر". واستطردت " الإرهاب في مصر لا يقتصر فقط على هجمات داعش, وإنما هو انعكاس أيضا للأحقاد السياسية في البلاد, حيث وجهت اتهامات لجماعة الإخوان المسلمين بالتورط في التفجير", حسب تعبيرها. وكانت صحيفة "الديلي ميل" البريطانية, قالت أيضا إن التفجير, الذي وقع في الكنيسة البطرسية, يعتبر الأسوأ الذي يستهدف المسيحيين في مصر, منذ تفجير كنيسة القديسين في الإسكندرية نهاية 2010. وأضافت الصحيفة في تقرير لها في 11 ديسمبر, أن عشرات الضحايا, ومعظمهم نساء وأطفال, سقطوا في هذا التفجير, وتابعت " المشهد كان مأساويا, حيث تحولت الجثث إلى أشلاء بعد الانفجار, وكانت الكنيسة ملطخة بالدماء، وقطع الزجاج المتناثرة في المكان". وأشارت الصحيفة إلى أن هذا التفجير أسفر في حصيلة أولية عن مقتل 24 شخصا, وإصابة حوالي 49 آخرين، معظمهم نساء وأطفال, مما جعله الأكثر دموية الذي يستهدف المسيحيين, حيث كان تفجير كنيسة القديسين, الذي وقع في نهاية 2010 , عشية رأس السنة الجديدة, أسفر عن مقتل 21 شخصا. وكان المصريون فوجئوا صباح الأحد الموافق 11 ديسمبر بانفجار مروع في الكنيسة البطرسية بالقرب من الجدار الخارجي لكاتدرائية القديس مرقس، مقر الكنيسة المسيحية الأرثوذكسية في مصر، ومقر زعيمها الروحي، البابا تواضروس الثاني. وقال التليفزيون المصري إن أغلب الضحايا من النساء والأطفال، ورجحت وزارة الصحة المصرية ارتفاع عدد الضحايا نظرا لوجود جرحى في حالة حرجة. وقد تم تكليف نيابة أمن الدولة بالتحقيق في الهجوم، في حين أخذت أجهزة الأمن المصرية كاميرات المراقبة الأمنية داخل الكنيسة لمراجعة التسجيلات. وجاء انفجار الكنيسة المرقسية بعد يومين من هجوم بعبوة ناسفة في شارع الهرم بالجيزة, قتل فيه ستة من أفراد الشرطة المصرية. وأدان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الهجوم على الكنيسة، ووصفه بالعمل الإرهابي والجبان الذي يستهدف مصر بمسلميها وأقباطها، وقال إن مثل هذه الأعمال لن تزعزع البلاد، وإنما ستزيدها قوة. وتوعد السيسي في بيان له بملاحقة كل من شارك في الهجوم أو سهل حدوثه أو حرض عليه، وأكد على "القصاص العادل لشهداء ومصابي هذا الحادث الغادر", كما أعلنت الرئاسة المصرية الحداد ثلاثة أيام. كما أدان رئيس الوزراء المصري إسماعيل شريف الهجوم، وقال إنه لن ينال من قوة النسيج الوطني المصري، مضيفا أن المسلمين والمسيحيين في مصر يقفون صفا واحدا ضد "الإرهاب الأسود". وبدوره, وصف شيخ الأزهر أحمد الطيب الانفجار بالعمل الإرهابي الجبان، وقال إنه جريمة كبرى في حق المصريين جميعا، كما عبر مفتي مصر شوقي علام عن موقف مماثل، قائلا إن مثل هذه الأعمال تحرمها الشريعة الإسلامية. وبينما قالت الكنيسة القبطية إن الهجوم لن يؤثر على الوحدة الوطنية، ذكرت مصادر بالكنيسة أن البابا تواضروس قرر قطع زيارته لليونان والعودة إلى مصر. وفي كلمة مقتضبة ألقاها أثناء مشاركته في تشييع الضحايا في 12 ديسمبر, قال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إن الاعتداء على الكنيسة البطرسية, هو هجوم انتحاري وتم تحديد مرتكبه وتوقيف أربعة مشتبه فيهم، في وقت ترأس البابا تواضروس الثاني قداسا جنائزيا على ضحايا التفجير. وأكد السيسي أن مرتكب الاعتداء هو محمود شفيق محمد مصطفى ويبلغ من العمر 22 عاما وفجر نفسه بحزام ناسف، مضيفا أنه تم توقيف ثلاثة أشخاص وسيدة، وما زال البحث جاريا عن اثنين. وكان البابا تواضروس الثاني قد ترأس بالقاهرة قداسا جنائزيا على ضحايا تفجير الكنيسة البطرسية, وخلال مراسم القداس، قال تواضروس إن الحادث مصاب للوطن كله، وإن ضحاياه شهداء الوطن. وأقيم القداس الجنائزي بكنيسة العذراء والقديس إثناسيوس في مدينة نصر شرقي القاهرة, فيما تظاهر مئات المسيحيين أمام الكنيسة احتجاجا على منع قوات الأمن لهم من الدخول والمشاركة في المراسم، وردد المتظاهرون هتافات منددة بالتفجير ومطالبة بالكشف العاجل عن الجهات التي تقف وراءه. وفي وقت سابق الاثنين الموافق 12 ديسمبر، قالت رئاسة الجمهورية في بيان إن السيسي عقد اجتماعا أمنيا مصغرا "لمتابعة الموقف الأمني في ضوء الحادث الإرهابي الغاشم الذي استهدف الكنيسة البطرسية بالعباسية". وأضافت أن الاجتماع عقد بمشاركة رئيس الوزراء شريف إسماعيل ووزير الدفاع صدقي صبحي ووزير الداخلية مجدي عبد الغفار ومدير إدارة المخابرات الحربية ورئيس هيئة الأمن القومي ورئيس جهاز الأمن الوطني. وكانت وزارة الصحة المصرية أصدرت الاثنين 12 ديسمبر بيانا جديدا أعلنت فيه أن عدد ضحايا التفجير ارتفع إلى 24 قتيلا، معظمهم من النساء. وقال البيان إن 21 من المصابين ما زالوا يتلقون العلاج في المستشفيات، في حين خرج 24 آخرون بعد تحسّن حالاتهم.