مازالت المعركة بين الحكومة والأطباء على "بدل العدوى" شاهرة أسلحتها، خاصة بعدما قررت المحكمة أمس، الأحد، تأجيل الطعن المقام من هيئة قضايا الدولة، بالنيابة عن الحكومة، لإلغاء الحكم القضائي برفع بدل العدوى للأطباء، لجلسة 25 ديسمبر المقبل. وكان حكم قضائي قد صدر بزيادة بدل العدوى للأطباء من 19 جنيهًا إلى 1000 جنيه ورفض الاستشكال الذي قدمته وزارة الصحة، لوقف الزيادة. وجاء في الحكم أن الاستشكال استوفى أوضاعه الشكلية قانونًا، ومن ثم فهو مقبول شكلًا، إلا أن الأخيرة تعنتت في تنفيذ ذلك الحكم؛ بزعم أن ميزانية الوزارة لا تسمح وهو ما دفع الأطباء إلى التهديد بإضراب جزئي. إيهاب الطاهر، الأمين العام لنقابة الأطباء، أكد وجود أموال في الدولة تسمح بزيادة بدل العدوى للأطباء، الذين يخاطرون بحياتهم بسبب العدوى. وأضاف "الطاهر"، في تصريحات خاصة ل"المصريون"، أن جميع الخطوات التصعيدية الاحتجاجية مطروحة من قبل الأطباء، وسيتم ما يتفق عليه الأطباء. وكان عشرات الأطباء نظموا وقفة احتجاجية صباح اليوم، الأحد، أمام مجلس الدولة، بالتزامن للمطالبة بتنفيذ حكم زيادة بدل عدوى الأطباء. جاء ذلك بمشاركة كل من أعضاء النقابة العامة للأطباء، وعلى رأسهم الدكتورة مني مينا، وكيل النقابة، وإيهاب الطاهر، أمين عام النقابة، رشوان شعبان، وعدد من أطباء نقابة القاهرة. ورفع الأطباء لافتات كُتب عليها "إذا لم نحمِ الأطباء فكيف سنحمي المرضى؟"، و"الأطباء ليسوا أعداء"، و"بدل العدوى يساوى 19 جنيهًا"، و"لماذا لا تحترم الحكومة أحكام القضاء"، و"تمويل العدوى من داخل ميزانية الصحة". وأشار "الطاهر"، إلى أن الأموال الموجودة لدى الدولة يتم توزيعها بعيدًا عن الأولويات والفئات المستحقة، مطالبًا بتوزيع بنود الموازنة وفقًا للأولويات لتحسين المنظومة الصحية، خاصة مع موت العديد من الأطباء بسبب العدوى - على حد قوله. وتسببت العدوى في مقتل العديد من الأطباء، من بينهم طبيبة شابة، تدعى "داليا محرز"، وكانت تبلغ من العمر 28 عامًا، والتي فجر موتها غضب الأطباء، إذ إن وفاتها كانت نتيجة مضاعفات إصابتها أثناء العمل بعدوى الالتهاب السحائي. بعد موتها، لم يعطها القانون وأسرتها وطفلها حقًا في المعاش؛ لأنها لم تكمل الأعوام الخمس من الخبرة التي يمكن بعدها الحصول على معاش العمل قبل وفاتها. وفي عام 2013، غيّب الموت أربعة أطباء، وكانت البداية بوفاة الدكتور أحمد عبد اللطيف طبيب بالرعاية المركزة، أُصيب بمرض في الجهاز التنفسي أثناء تركيب أنبوب حنجرية أصابته بفشل تنفسي، وتم وضعه على جهاز التنفس الصناعي في أحد مستشفيات بنها، إلى أن فارق الحياة تاركًا زوجة وطفلة. كما تُوفي الدكتور ياسر البربري، الطبيب بمديرية الصحة بالقليوبية؛ نتيجة إصابته بعدوى في الجهاز التنفسي أيضًا، ثم الدكتورة دعاء إسماعيل، بمديرية الصحة بالدقهلية، بالإضافة إلى الدكتور أسامة راشد، طبيبة بالمنصورة. وتُوفي 4 أطباء بسبب "إنفلوانزا الخنازير"؛ نتيجة عدم وجود الوسائل التي تمكن الأطباء من الحفاظ علي أرواحهم من العدوى. وأكد الدكتور عمرو قنديل, مساعد وزير الصحة للطب الوقائي, أن هناك 5 حالات من الأطباء توفوا، الحالة الأولى تُوفي نتيجة الإصابة بميكروب المرسا، وطبيب الدقهلية أُصيب ببكتريا "إيكولاي"؛ مما تسبب في حدوث التهاب رئوي. والطبيبة الثالثة حالة من جلطة في الرئة، والحالة الرابعة طبيب 68 سنة ويعاني من السكر وتليف بالكبد، والخامس توفي نتيجة ضعف في عضلة القلب وارتشاح في الرئة. وأكد الدكتور هاني مهنى، عضو مجلس النقابة العامة للأطباء، أن أحد الأطباء أصيب بالإيدز نتيجة وخزة بإبرة ملوثة بدم مريض مصاب دون أن يعلم أحد عنه شيئًا. وصرح الدكتور إيهاب الطاهر، أمين عام نقابة أطباء القاهرة، بأنه يوجد أكثر من 10 آلاف طبيب مصابون بفيروس C، بسبب ممارسة المهنة، وعدد كبير مصاب بعدوى لأمراض الجهاز التنفسي. وبدوره، استنكر الدكتور خالد سمير، عضو مجلس نقابة الأطباء عدم زيادة بدل العدوى للأطباء، خاصة مع تعرضهم للخطر والعدوى التي تعدد حياة عشرات الآلاف منهم، حسب قوله. وفي تصريحات خاصة ل"المصريون"، شدد "سمير"، على أهمية أن تكون الحكومة ووزارة الصحة المدافع الأول عن حقوق الأطباء، مشيرًا إلى أن الأطباء والممرضين في المستشفيات والمراكز والوحدات الصحية هم الأكثر عرضة للعدوى.
وأشار إلى وجود تخصصات طبية محددة تزداد فيها فرص العدوى مثل الطوارئ والرعاية المركزة والأمراض الصدرية والجراحات والأمراض الوبائية، خاصة وأن الأطباء يتعاملون مع مرضى على اختلاف أمراضهم. وتابع: أن "وزارة الصحة لا تعترف بالعدوى كإصابة عمل وتتهرب من مسئوليتها تجاه الطبيب المصاب؛ رغم أنه لا يمثل خطرًا على حياته فقط". واستطرد: أن الطبيب المصاب بالعدوى يتحول إلى مصدر للعدوى؛ لأن الأطباء حينما يمرضون يضطرون إلى مواصلة عملهم بالمستشفيات والوحدات؛ خوفًا من خصم حوافزهم، وبالتالي تنتقل العدوى من الطبيب للمرضى.