بعد تأجيلها في اللحظات الأخيرة، ناسا تعلن موعد إطلاق أول رحلة مأهولة ل"ستارلاينر"    درجات الحرارة اليوم الأربعاء 08 - 05 - 2024 فى مصر    بفضيحة إزازة البيرة، علاء مبارك يوجه ضربة قاضية لمؤسسي مركز تكوين الفكر العربي    مواعيد مباريات اليوم الأربعاء 8 مايو 2024 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    6 مقالب .. ملخص تصريحات ياسمين عبدالعزيز في الجزء الثاني من حلقة إسعاد يونس    حسن الرداد: مبعرفش اتخانق مع إيمي.. ردودها كوميدية    المدرج نضف|«ميدو» عن عودة الجماهير: مكسب الأهلي والزمالك سيصل ل4 ملايين جنيه    بكام الفراخ البيضاء؟ أسعار الدواجن والبيض في الشرقية الأربعاء 8 مايو 2024    اليوم.. دار الإفتاء تستطلع هلال شهر ذي القعدة    بعد احتلال معبر رفح الفلسطيني.. هل توافق أمريكا مبدئيًا على عملية رفح؟    الخارجية: توقيت تصعيد الجانب الإسرائيلي الأحداث في رفح الفلسطينية خطير للغاية    أخبار السيارات| أرخص موديل زيرو في مصر.. أول عربية من البلاستيك.. وأشياء احذر تركها في السيارة بالصيف    مقالب بطفاية الحريق.. ياسمين عبدالعزيز تكشف موقف لها مع أحمد السقا في كواليس مسرحة «كده اوكيه» (فيديو)    سحب لقاح أسترازينيكا المضاد لكوفيد- 19 من جميع أنحاء العالم    عزت إبراهيم: تصفية الوجود الفلسطيني في الأراضي المحتلة عملية مخطط لها    وفاة شقيقين مصريين في حريق شقة بأبو حليفة الكويتية    عيار 21 يسجل أعلى سعر.. أسعار الذهب والسبائك اليوم بالصاغة بعد الارتفاع الأخير    القاهرة الإخبارية: تعرض رجل أعمال كندي يقيم بالبلاد لحادث إطلاق نار في الإسكندرية    عاجل.. أول رد من صالح جمعة على إيقافه 6 أشهر    مكاسب الأهلي من الفوز على الاتحاد السكندري في الدوري المصري    توقعات الأبراج حظك اليوم الأربعاء 8 مايو.. «هدايا للثور والحب في طريق السرطان»    محمد رمضان: فرق كبير بين الفنان والنجم.. واحد صادق والتاني مادي    مفيد شهاب: ما قامت به إسرائيل يخالف اتفاقية السلام وتهديد غير مباشر باستخدام القوة    «إنت مبقتش حاجة كبيرة».. رسالة نارية من مجدي طلبة ل محمد عبد المنعم    واشنطن: القوات المسلحة المصرية محترفة ومسئولة ونثق في تعاملها مع الموقف    بالمفتاح المصطنع.. محاكمة تشكيل عصابي تخصص في سرقة السيارات    نشرة التوك شو| تغيير نظام قطع الكهرباء.. وتفاصيل قانون التصالح على مخالفات البناء الجديد    ياسمين عبد العزيز: محنة المرض التي تعرضت لها جعلتني أتقرب لله    ندوة "تحديات سوق العمل" تكشف عن انخفاض معدل البطالة منذ عام 2017    ماذا يحدث لجسمك عند تناول الجمبرى؟.. فوائد مذهلة    5 فئات محظورة من تناول البامية رغم فوائدها.. هل انت منهم؟    «العمل»: تمكين المرأة أهم خطط الوزارة في «الجمهورية الجديدة»    مغامرة مجنونة.. ضياء رشوان: إسرائيل لن تكون حمقاء لإضاعة 46 سنة سلام مع مصر    رئيس البورصة السابق: الاستثمار الأجنبي المباشر يتعلق بتنفيذ مشروعات في مصر    الداخلية تصدر بيانا بشأن مقتل أجنبي في الإسكندرية    قبل مواجهة الزمالك.. نهضة بركان يهزم التطواني بثلاثية في الدوري المغربي    متحدث الزمالك: هناك مفاجآت كارثية في ملف بوطيب.. ولا يمكننا الصمت على الأخطاء التحكيمية المتكررة    تحت أي مسمى.. «أوقاف الإسكندرية» تحذر من الدعوة لجمع تبرعات على منابر المساجد    عاجل - "بين استقرار وتراجع" تحديث أسعار الدواجن.. بكم الفراخ والبيض اليوم؟    فوز توجيه الصحافة بقنا بالمركز الرابع جمهورياً في "معرض صحف التربية الخاصة"    رئيس إنبي: نحن الأحق بالمشاركة في الكونفدرالية من المصري البورسعيدي    «خيمة رفيدة».. أول مستشفى ميداني في الإسلام    رئيس جامعة الإسكندرية يشهد الندوة التثقيفية عن الأمن القومي    موقع «نيوز لوك» يسلط الضوء على دور إبراهيم العرجاني وأبناء سيناء في دحر الإرهاب    كيف صنعت إسرائيل أسطورتها بعد تحطيمها في حرب 73؟.. عزت إبراهيم يوضح    بعد تصريح ياسمين عبد العزيز عن أكياس الرحم.. تعرف على أسبابها وأعراضها    أختار أمي ولا زوجي؟.. أسامة الحديدي: المقارنات تفسد العلاقات    ما هي كفارة اليمين الغموس؟.. دار الإفتاء تكشف    دعاء في جوف الليل: اللهم امنحني من سَعة القلب وإشراق الروح وقوة النفس    صدمه قطار.. إصابة شخص ونقله للمستشفى بالدقهلية    وفد قومي حقوق الإنسان يشارك في الاجتماع السنوي المؤسسات الوطنية بالأمم المتحدة    انتداب المعمل الجنائي لمعاينة حريق شقة سكنية بالعمرانية    اليوم.. دار الإفتاء تستطلع هلال شهر ذي القعدة لعام 1445 هجرية    طريقة عمل تشيز كيك البنجر والشوكولاتة في البيت.. خلي أولادك يفرحوا    الابتزاز الإلكتروني.. جريمة منفرة مجتمعيًا وعقوبتها المؤبد .. بعد تهديد دكتورة جامعية لزميلتها بصورة خاصة.. مطالبات بتغليظ العقوبة    إجازة عيد الأضحى| رسائل تهنئة بمناسبة عيد الأضحى المبارك 2024    القيادة المركزية الأمريكية والمارينز ينضمان إلى قوات خليجية في المناورات العسكرية البحرية "الغضب العارم 24"    ضمن مشروعات حياة كريمة.. محافظ قنا يفتتح وحدتى طب الاسرة بالقبيبة والكوم الأحمر بفرشوط    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الداخلية تدفع فاتورة أخطاء الأنظمة الحاكمة


25 يناير.. المنظومة الأمنية تنهار ويسقط نظام مبارك
30 يونيو.. الشرطة تقف بجوار الشعب في مواجهة نظام مرسي
حكم السيسي.. الداخلية تعيد هيكلة نفسها وتقف بحزم في مواجهة تجاوزات أفرادها
أمنيون: رؤساء مصر استخدموا الشرطة لتثبيت حكمهم في مواجهة الشعب
حقوقيون: الداخلية تحولت من حماية حياة المواطن إلى حماية الأنظمة المختلفة على مر عصور مصر

"يا أبو دبورة ونسر وكاب إحنا أخواتك مش إرهاب".. هذه الكلمات انتشرت كثيرًا في العديد من ميادين مصر المختلفة، أثناء المظاهرات على مدار الأعوام الماضية، خاصة بعد ثورتي 25 يناير2011 و30 يونيو 2013، وذلك للمطالبة بعودة التعامل الإنساني من قبل وزارة الداخلية مع المواطنين، وهو في الأصل الذي كفله القانون والدستور.
الدستور في مادته رقم 184 حدد طبيعة هيئة الشرطة واختصاصاتها؛ حيث نص على: "الشرطة هيئة مدنية نظامية رئيسها الأعلى رئيس الجمهورية وتؤدي الشرطة واجبها في خدمة الشعب وتكفل للمواطنين الطمأنينة والأمن وتسهر على حفظ النظام والأمن العام والآداب وتتولى تنفيذ ما تعرضه عليها القوانين واللوائح من واجبات وذلك كله على الوجه المبين بالقانون".
وعلى جانب آخر، جاء قانون هيئة الشرطة رقم 109 لسنة 1971 منفذًا للإطار العام الدستوري، ومؤكدًا في مادته الأولى على "الشرطة هيئة مدنية نظامية بوزارة الداخلية رئيسها الأعلى رئيس الجمهورية، وتؤدى وظائفها وتباشر اختصاصاتها برئاسة وزير الداخلية وتحت قيادته وهو الذي يصدر القرارات المنظمة لجميع شئونها ونظم عملها".
وتنص المادة الأولى "الفقرة الثانية" من قانون هيئة الشرطة أنه تنقسم وزارة الداخلية إلى قطاعات نوعية وإقليمية، وذلك بقرار من وزير الداخلية ويرأس كل قطاع مساعد أول أو مساعد وزير، ويجوز أن يكون لكل قطاع نائب رئيس قطاع أو أكثر يحل أقدمهم محل رئيس القطاع عند غيابه وتحدد اختصاصات نائب رئيس القطاع بقرار من وزير الداخلية.
فالداخلية هي في الأساس جاءت لحماية الشعب وتنفيذ القانون وليس أداة بطش كما نراها في كثير من التجاوزات التي يستخدمها فيها الحاكم على مدار العصور والأزمنة لترهيب المعارضين له، مما جعل الوزارة في نظر الشعوب كالجلاد الذي يكرهونه ويخافون منه، على الرغم من أن أبناء الداخلية هم في الأصل خرجوا من تراب هذا الوطن وأقسموا على حمايته والدفاع عن شعوبه.

25 يناير انهيار المنظومة الأمنية وسقوط نظام مبارك
لقد كانت التجاوزات من قبل الجهاز الأمني في عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك السبب الرئيسي لانطلاق ثورة 25 يناير2011 التي طالبت في البداية بإقالة وزير الداخلية آنذاك حبيب العالي ولكن مع تعنت النظام غيرت ثورة 25 يناير هدفها الرئيسي من إسقاط وزارة الداخلية إلى إسقاط النظام بأكمله وقد تحقق ذلك بالفعل؛ فقد انهارت المنظومة الأمنية في ثورة 25 يناير وسقط خلفها نظام مبارك ودخلت الشرطة في عداء مع الشعب بصفتها المسئولة الأولى عن حماية نظام مبارك على مدار ثلاثة عقود، مما فاض الكيل بالمواطن المصري ودفعه للخروج في ثورة شعبية بمعنى الكلمة لإسقاط نظام مبارك الغاشم ومنظومته الأمنية.
فقد كانت الشرارة الأولى لثورة 25 يناير2011 هي اتهام الشرطة بقتل اثنين من الشباب المصري هما "سيد بلال" و"خالد سعيد"، وهو الأمر الذي جعل الكثير من الشعب المصري خرج ليطالب بإقالة وزير الداخلية "حبيب العادلي" ولكن تعنت رئيس الجمهورية حسني مبارك وقتها أدى إلى إسقاط النظام بالكامل، وذلك عندما سقطت المنظومة الأمنية وفتحت أبواب السجون وتخلت الشرطة عن دورها في حفظ الأمن والنظام، وكانت تلك الخطوات بداية انهيار المنظومة الأمنية في مصر وعانى الشعب كثيرًا من الفراغ الأمني لفترة طويلة بعد سقوط نظام حسني مبارك.

الداخلية تنضم للشعب ضد نظام مرسي في 30 يونيو
ومع وصول جماعة الإخوان المسلمين للحكم عقب ثورة 25 يناير وبعد مرور عام واحد على حكم جماعة الإخوان المسلمين اتخذت وزارة الداخلية موقفًا مغايرًا تمامًا أثناء أحداث الثلاثين من يونيو2013، والتي نتج عنها عزل الرئيس الأسبق محمد مرسي، ابن جماعة الإخوان المسلمين، فبعد أن صدرت الوزارة بجهازها الأمني فكرة أنها دائمًا أداة للنظام، يوجهها كيفما شاء، بل وتتحمل أخطاءه وتحمل عنه أوزاره، فاجئنا الجهاز الأمني، بوقوفه بجانب الجماهير الرافضة لجماعة الإخوان المسلمين، ورئيسها المنتخب، وقد أعلنت وزارة الداخلية في بيان لها آنذاك تضامنها مع بيان القوات المسلحة، مؤكدة أنها تقف على مسافة واحدة من جميع التيارات السياسية، ثم انضم عدد ليس بالقليل من رجال الشرطة للمتظاهرين للتأمين والحماية والتظاهر أيضًا.. وهذا التحول لموقف الوزارة من كونها أداة النظام لمواجهة الشعب، لتقف بقوة في مواجهة النظام في 30 يونيو2013، وهذا التباين الواضح لموقف وزارة الداخلية والذي ظهر جليًا بين الثورتين الخامس والعشرين من يناير وسقوط شهداء على يد الشرطة وكذلك انسحابها من المشهد وترك الأقسام والمواقع الشرطية عنها في الثلاثين من يونيو الذي حمت فيه الشرطة المتظاهرين وحُملت على أعناقهم في الميدان كل ذلك يدل على تغيير في العقيدة الشرطية من مواجهة الشعب لمواجهة النظام.

الداخلية تقترب من النظام مرة أخرى في عهد السيسي
فور وصول الرئيس عبدالفتاح السيسي إلى حكم مصر، سريعًا ما عادت الداخلية إلى موجة العنف ومواجهة المواطنين ولكن بصورة أشد لإرضاء المسئول فقد اتهم الجهاز الشرطي بالعديد من القضايا التي حدثت فيها تجاوزات واضحة وصريحة منها قضية سيارة الترحيلات وصدور بعض الأحكام ضد بعض ضباط الشرطة وقتل بعض المواطنين على أيدي بعض أمناء الشرطة مثل بائع الشاي و"محمود عطيتو" وغيرهما، مما صدر فكر الكراهية مرة أخرى بين الشعب والشرطة وعادة فكرة التعالي من قبل وزارة الداخلية على المواطنين وبذلك وضعت الداخلية نفسها مرة أخرى في مواجهة المواطنين وعادت لتصدر لهم من جديد أن المنظومة الأمنية تحمي النظام ولا تحمي الشعب.
وفي إطار ذلك، رصدت "المصريون" آراء خبراء الأمن وحقوق الإنسان في موقف وزارة الداخلية الآن وأين تقف وما موقفها؟، وهل اختلف دور الجهاز الأمني في الوقت الراهن عن ذي قبل وخاصة في الفترة السابقة واللاحقة لثورة الخامس والعشرين من يناير بعد سقوط الداخلية عقب أحداث جمعة الغضب وانسحابها من المشهد تمامًا بعد اقتحام السجون والمواقع الشرطية، والتباين الواضح عنها في الثلاثين من يونيو والذي عبر عنه البعض بالعودة الذهبية للشرطة لأحضان الشعب ورفع راية الصلح بينهم من جديد، حتى حُملوا على الأعناق.
وخاصة مع تلك الدعاوى التي تطالب الشعب بالنزول والتظاهر في الحادي عشر من نوفمبر المقبل.. فهل ستقف الشرطة مع السلطة ضد الشعب أم ستحذو حذوها وتتخذ نفس موقفها في 30 من يونيو والوقوف بجانب الجماهير للمرة الأولى؟ أم ستقف على الحياد نائية بنفسها عن الدخول في دوامة من الاتهامات التي ستلصق بها كما هو المعتاد عنها وتحميلها أوزار الأنظمة السابقة.

أمنيون: الداخلية ذراع النظام الأمنية ولذلك تدفع ثمن أخطاء الرؤساء
في البداية، قال الدكتور أحمد رالجي، الخبير الأمني، إن الجهاز الأمني بكل أطيافه في خدمة الشعب وتأمينه؛ حيث إن مسئولية التأمين تقع على عاتق الجهاز الشرطي بكل أفراده من أعلى رتبة إلى أدناها، وهذه التأمينات وتلك المسئولية تجعل الشرطي في درجة من الاستعداد للتصدي لأي محاولة لزعزعة الأمن والاستقرار في الدولة، والتصدي للمخربين.
وأكد رالجي أن الاختلاف بين ثورتي 25يناير والثلاثين من يونيو ليس اختلافًا للموقف أو لدور الوزارة، بقدر ما هو أن أفراد الشرطة يختلط الأمر عليهم خاصة مع اندماج سوء النية بحسن النية في تلك الأحداث أو التظاهرات؛ حيث إن مهمة الشرطة الأولى هو منع المخربين وإحباط أي محاولة لحدوث أعمال عنف، حيال قيام البعض بالتعبير عن موقفهم بشكل غير سلمي.
وأضاف رالجي أن وقوع بعض الأخطاء من عناصر الشرطة أثناء معالجة الأحدث والتصدي للمخربين، وتبني موقف متشدد من قبل البعض ليس بالضرورة القصد منها منع التعبير عن الرأي بقدر ما هو رغبة رجل الأمن في الحفاظ على الدولة مستقرة.
فالداخلية تقف على قدم المساواة من الجميع، ولكن المبالغة في حجم ما سيحدث في الفترة القادمة يصدر فكرة أن الوزارة قد تتخذ موقفًا تجاه المتظاهرين ولكنه ليس بالضرورة أن يكون موقفًا متشددًا بقدر ما سيكون موقفًا تأمينيًا للحفاظ على الدولة واستقرارها، فالأخذ بالحيطة والحذر قبل وقوع أي أحداث يجنبنا طول مدة معالجة ما قد يطرأ على الساحة حال عدم الاحتياط لها بالشكل التأميني المرجو من الجهاز الأمني وخاصة في ظل المبالغة في حجم ما سيحدث من قبل المروجين والداعين للتظاهر.
وأشار رالجي إلى أن فترة حكم الرئيس الأسبق حسني مبارك افتقدت إلى المصداقية، فكثير من الوعود أخذت بالإصلاح والتعديل ولكن الشعب لم يجن منها شيئًا مما تسبب في قيام الثورة على عكس ما قاله الرئيس الحالي عبدالفتاح السيسي بأن مصر تمر بمرحلة قاسية يجب علينا جميعًا تحملها والوقوف بجوار البلاد للخروج من الأزمة.
فوقوع بعض الأخطاء من عناصر الشرطة أثناء معالجة الأحدث والتصدي للمخربين، وتبني موقف متشدد من قبل البعض ليس بالضرورة القصد منها منع التعبير عن الرأي بقدر ما هو رغبة رجل الأمن في الحفاظ على الدولة مستقرة.
وتابع رالجي قائلًا: "مفيش نظام ضد الشعب.. ولكن الضغوط في الحياة والصعاب التي تمر بها الدولة كلها متطلبات المرحلة والتي تستعدي الانتظار والصبر للوصول للنتيجة المطلوبة".

قطري: وزارة الداخلية على مر عقودها تدفع فاتورة أخطاء الأنظمة الحاكمة
من جانبه، يشير يقول العميد محمود قطري، الخبير الأمني، إن وزارة الداخلية على مر عقودها تدفع فاتورة أخطاء الأنظمة الحاكمة، نظرًا لموقفها الحساس؛ فهي يد الحكومة لتنفيذ القانون، لكن هذا ليس في الفترة الحالية وحسب وإنما على مر عقود واستمرت على هذا النحو إلى حماية النظام الحالي بقيادة الرئيس السيسى، فهي تحمى كل الأنظمة.
وأضاف الخبير الأمني أن الشرطة تعتقد أن السلطة هي الدولة، فهي تسعى دائمًا لحمايتها وإرضائها حتى ولو على حساب قوتها وأفرادها، مشيرًا إلى أن الداخلية لا بد أن تتمتع بشخصية اعتبارية منفصلة لتنفيذ القانون، وألا تطيع أمر الوزير أو الحاكم في تنفيذ ما هو مخالف للقانون، وأن تكون مستقلة لا تتبع أهواء الأنظمة.
وأكد قطري أن القوانين الشرطية السائدة، تكرس توجه الشرطة ناحية حماية النظام، فمثلا بصدور السلطة الحاكمة قانون التظاهر الذي يحمل العديد من المخالفات، يستوجب على الداخلية تنفيذه، فهي تقع ما بين مطرقة الدولة وسندان تنفيذ القانون.
فهناك خيط رفيع بين النظام وتنفيذ القانون، فهي تكرس الوجدان الفردي والجمعي ناحية السلطة الحاكمة، فغياب الثقافة السياسية عن العمل الشرطي جعلهم متغيبين عن العمل السياسي، فضابط الشرطة يعمل على القواعد الأمنية فقط المبنية على حماية النظام فقط.
وشدد الخبير الأمني على أن الممارسات الخاطئة لبعض أفراد الشرطة ساعدت في انهيار العديد من الأنظمة ومن بينها انهيار نظام حسني مبارك في ثورة 25 يناير، فممارسات الشرطة الخاطئة والتجاوزات المستمرة أدت إلى انهيار نظام مبارك وحكم حبيب العادلى، آنذاك، وبالتالي غياب التطور والحداثة ومواكبة المستجدات الحالية تصبح الشرطة عبئًا على النظام ويتحمل أخطاءها، الذي لا تنتهي وتيرتها، مطالبًا بتحويلها إلى هيئة مستقلة تحمى المجتمع والقانون فقط.
فغياب التطوير في العقيدة الأمنية جعل تجاوزاتها في تزايد مستمر أثناء تنفيذ القانون، فالمتهم يتعرض للتعذيب أثناء القبض علية، وهنا هو الخيط الرفيع الذي لابد أن تفطن له الداخلية فمهما بلغ السارق والقاتل مبلغهما فعليها أن تعلم أن القانون والدستور حدد عقوبة لهما.
وأكد قطري أن قوانين الشرطة الحالية لم يتم تعديلها بعد الثورات المتتالية على مصر، فلا يوجد تشريع واحد حتى الآن يحمى المواطن من بطش الداخلية، كما أن الارتباك الذي حل بالوزارة وكسر هيبتهم بعد ثورة يناير أدى إلى خلل في منظومة عملها.

حقوقيون: تجاوزات الداخلية كانت سببًا في قيام ثورة 25 يناير
يقول نجاد البرعي، المحامى والحقوقي ومدير المجموعة المتحدة للاستشارات القانونية والمحاماة، إن وزارة الداخلية تحولت من حماية حياة المواطن إلى حماية الأنظمة المختلفة على مر عصور مصر، وأصبحت تدفع فاتورة غضب الشعب عليها؛ فالداخلية منوط بها حفظ القانون والأمن العام وليس حماية الأنظمة الحاكمة، فالأنظمة التي تعبر عن إرادة شعوبها لا تحتاج إلى مثل هذه السياسات، كما أن تسليح وزارة الداخلية بالعديد من الانتهاكات والتجاوزات يؤدى إلى تشييع الفوضى وعدم احترام القانون.
وأكد الخبير الحقوقي أن تجاوزات الداخلية كانت سببًا في قيام ثورة 25 يناير بعد مقتل العديد من النشطاء من بينها خالد سعيد، وإذا استمرت السياسات دون معالجة، فمن الممكن أن تؤدى في النهاية إلى ملا يحمد عقباه، مضيفًا أن جميع التشريعات التي وضعت تكفل حقوق الإنسان، ومنع انتهاكات الداخلية للمواطن إلا أن ما يدور على أرض الواقع شيء آخر تتمثل في الانتهاكات المستمرة، مطالبًا الأجهزة القضائية بدورها الإصلاحي والعمل على حماية الإنسان.

غنيم: الداخلية تتعامل بمبدأ السيادة والعداوة
على سياق آخر، قال المحامى عزت غنيم، المدير التنفيذي للتنسيقية المصرية للحقوق والحريات، إن العلاقة بين الأجهزة الأمنية والمواطنين تتسم بالتوتر الشديد خلال المرحلة الحالية، فمعدل الثقة انخفض بشكل مخيف بين الطرفين، فالأجهزة الأمنية باتت تتعامل مع كل المواطنين بمبدأين السيادة والعداوة في مقابل تعامل المواطنين معهم على أساس أنهم جباة وغيرها من المسميات التي تدل على انعدام الثقة.
وأضاف غنيم أن الداخلية تحولت إلى أعداء للمواطن وأيضًا تدفع فاتورة أخطاء أي نظام يحكم، وذلك بسبب تعالي أفراد الشرطة على المواطنين وهذا الشعور قابله شعور بالممانعة من المواطنين، وظهر هذا الشعور بالعداء من تغيير الشعار التاريخي للشرطة من الشرطة في خدمة الشعب إلى الشعب والشرطة في خدمة الوطن؛ فالشعار الجديد وضع الشرطة وكأنها كيان آخر مقابل الشعب وهذا المعنى انتشر بشكل أكبر بعد أحداث 30 يونيو بتوصيل رسالة أن مصر تتكون من جيش وشرطة ومواطنين أي أن هناك شعب مصر وشعب الشرطة وشعب الجيش وهذا واضح في الخطاب الرسمي للدولة، لكن الأصل فيها أنها تنفذ القانون ولا تحمى النظام.
لكن بعد ثورة 30 يونيو حدثت إعادة هيكلة للدولة ذاتها وتغيير عقيدة الشرطة لتتحول بدلا من كونها حامية للشعب إلى كونها جزء من نظام أصبحت ملزمة بحمايته ضد الشعب وهذا التحول ليس في الشرطة وفقط بل في أجهزة مهمة في الدولة المصرية.
وأكد المدير التنفيذي للتنسيقية المصرية للحقوق أن الشرطة في عهد مبارك كانت تعمل لخدمة النظام ولكن عند أول لحظة صدام قوي مع الشعب انهارت.
أما الآن فالشرطة تدافع عن نفسها بكونها جزءًا من النظام الذي تشكل بعد ثورة 30 يونيو وليست جزءًا من الشعب، كما أنه لا يوجد حاليًا قانون يحمى المواطن من بطش الأمناء، فكل البلاغات التي تقدم ضد الشرطة للنيابة أما يتم حفظها أو تقديم ملف مهلهل للقضاء ليتم تبرئة الجناة في النهاية.

عبدالسلام: على الشرطة أن تدرك أن للمواطن حقوقًا مثلما عليه واجبات
من جانبه، قال عمرو عبدالسلام،، نائب رئيس منظمة الحق لحقوق الإنسان، إنه يختلف دور الشرطة في النظم الديمقراطية عن النظم الاستبدادية والشمولية، ففي الدول الديمقراطية يتمثل دور الشرطة في تحقيق التوازن الصحيح بين حفظ النظام وتحقيق الأمن وبين ممارسة الأفراد والجماعات لحقوقهم السياسية المشروعة عن طريق الالتزام بأحكام الدستور والقانون والمواثيق الدولية واحترام حقوق الإنسان دون الانحياز للنظام الذي قد يختلف في سياسته مع بعض الأفراد أو الجماعات التي تشكل جزءًا من المعارضة له.
وأكد عبدالسلام أنه في ظل الأنظمة الاستبدادية والشمولية تميل الشرطة إلى النزعة الاستبدادية وإقرار النظام والأمن بالقوة المفرطة واستخدام العنف وإهدار الأنظمة القانونية المعمول بها دفاعًا عن الحكم السائد ومنذ عدة عقود ساهمت الشرطة المصرية بممارستها العميقة في انهيار ثقة المجتمع في النظام السابق كما ساهمت في تعبئة طاقة الغضب الشعبي لدى حشود كثيرة من الجماهير والتي اندلعت بقوة في مواجهات 25 يناير وما بعدها حتى تمت تنحية مبارك وأعوانه من قيادات الشرطة ذاتها وكان على رأسها وزير داخليته حبيب العادلي ومساعديه.
وأوضح نائب رئيس منظمة الحق أنه عقب تنحي مبارك عن الحكم ادعت الشرطة تغيير شعارها ليتحول من شعار الشرطة والشعب في خدمة الوطن إلى الشرطة في خدمة الشعب ولكن الشعار فقط هو الذي تغير، أما السياسات فقد عادت إلى سيرتها الأولى في التجاوزات حتى في عهد الإخوان كانت الشرطة تميل إلى حماية النظام وليس الشعب لذلك فالشرطة هي عكاز النظام في أي دولة سواء كان نظامها السياسي ديمقراطيًا أو استبداديًا فهي التي تستطيع أن تبقي أو تسقط أي نظام من خلال ممارستها وسياستها تجاه الشعب، فجهاز الشرطة يحتاج إلى دورة تثقيفية لتغيير فكره الأمني إلى فكرة احترام المواطن كإنسان لأن احترام الإنسانية شيء عظيم ومهم لأي مواطن خاصة الفقراء منهم الذين يعتبرون أن الشرطة لا تخدم سوى الأثرياء وأصحاب النفوذ والسلطة ولا تخدم الفقراء.
وأكد عبدالسلام أنه يجب على جهاز الشرطة أن يدرك أن للمواطن حقوقًا مثلما عليه واجبات وكذلك الشرطي وإن كان منهم يؤدي دوره في حدود موقعه حتى تعود الثقة بين الشرطة والشعب مرة أخرى.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.