في تعليقه على إعلان المتحدث باسم ميليشيات الحشد الشعبي الشيعية أحمد الأسدي في 29 أكتوبر عن بدء التحرك صوب مدينة تلعفر غربي الموصل, دعا المؤرخ العراقي وأستاذ التاريخ الحديث الدكتور سيّار الجميل إلى استبعاد أي حشد سواء أكان من أبناء تلعفر أو من خارجها من معركة تحرير المدينة من قبضة تنظيم الدولة "داعش". وأعرب الجميل في تصريحات ل"الجزيرة" عن مخاوفه من أن تتحول الحرب ضد تنظيم الدولة إلى حرب أهلية بين سكان تلعفر, التي يشكل التركمان أغلبية سكانها, ومعظمهم من السنة. وأضاف أن الضمانة لعدم حدوث أي فتنة طائفية في تلعفر هي أن يكون الجيش العراقي المحرر الأساسي للمدينة. وأشار الجميل إلى أن استراتيجية إيران في السيطرة على تلعفر عبر حلفائها في العراق واضحة ومكشوفة, باعتبار أن المدينة هي الرابط على الطريق الاستراتيجي بين مدينة الموصل العراقيةوسوريا. وجغرافيًا , تقع تلعفر على الطريق بين الموصل في العراق والرقة في سوريا, الخاضعتين لسيطرة تنظيم الدولة، أما بالنسبة لإيران وحلفائها في الحكومة العراقية والميليشيات الشيعية، فتقع على القوس الرابط بين طهران وبيروت، مرورا بمدن كبرى مهمة في العراقوسوريا، وعلى تخوم حدود الدولتين مع تركيا, وهو ما يخدم مخططات إيران التوسعية في المنطقة. يذكر أن التركمان في تلعفر يشكلون 80% من السكان، يمثل السنة منهم 60%, والشيعة 40% , وحتى 2003 , كان التعايش هو السمة السائدة في تلعفر كما في عموم العراق, إلى أن وقع الغزو الأمريكي, وحدثت مجازر مروعة بين التركمان السنة والشيعة، وكان صراعا قاسيا, تبعه هدوء نسبي في 2014. ويشترك التركمان في تلعفر بروابط تاريخية مع تركيا، وحسب صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية, فإن الأهمية التاريخية لمدينة تلعفر قرب الموصل، وتركيبتها السكانية، جعلتها حاليا مركز صراع على النفوذ في شمال العراق بين تركياوإيران. وأضافت الصحيفة أن تلعفر في محافظة نينوى بشمال العراق كانت في الماضي مركزا متقدما بالنسبة للإمبراطورية العثمانية, وتزعم الميليشيات الشيعية الموالية لإيران, أنه "في عهد العثمانيين, تم الانحياز إلى الأقلية السنية وجعلوها تحكم الأغلبية الشيعية في تلعفر", على حد ادعائهم. وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان حذر في 30 أكتوبر من أن أنقرة سيكون لها "رد مختلف" إذا ارتكبت ميليشيات الحشد الشعبي أعمالا "إرهابية" في مدينة تلعفر العراقية، وذلك بعد إعلان الحشد الشيعي العراقي بدء معركته غرب الموصل وصولا إلى تلعفر. وقال أردوغان إن مدينة تلعفر ذات الغالبية التركمانية قضية حساسة بالنسبة لتركيا، وأكد أن بلاده تعتزم تعزيز قواتها المنتشرة في بلدة سيلوبي على الحدود مع العراق. وأوضح الرئيس التركي -خلال حفل بمناسبة ذكرى تأسيس الجمهورية في أنقرة- "أنه سيكون هناك رد مختلف إذا أشاعت الفصائل المسلحة الشيعية الخوف في مدينة تلعفر العراقية". وحذرت أنقرة مرارا من أنها ستتخذ إجراءات إذا وقع هجوم على المدينة في إطار هجوم أوسع بدعم من التحالف الدولي لاستعادة مدينة الموصل مركز محافظة نينوى من أيدي تنظيم الدولة. وترفض غالبية القوى السنية المنخرطة في العملية السياسية في العراق مشاركة ميليشيات الحشد الشعبي في معارك استعادة الموصل، خشية تكرار الأحداث الطائفية التي شهدتها مدينة تكريت بعد طرد تنظيم الدولة منها في مارس الماضي. وكانت ميليشيات الحشد بدأت صباح السبت 29 أكتوبر عملية عسكرية في المحور الغربي لمدينة الموصل، وقال المتحدث باسم الحشد الشعبي أحمد الأسدي في مؤتمر صحفي إن هدف قواته السيطرة على مدينة تلعفر وقطع طريق الإمداد لتنظيم الدولة بين الموصل العراقية والرقة السورية.