أطلقت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية (غير حكومية) تقريرها بشأن التجارب السريرية الممولة من الشركات الأجنبية في مصر تحت عنوان «أسئلة أخلاقية حول التجارب السريرية على الدواء في مصر- تحديات محلية وتمويل من الشركات المنتجة». ويهدف التقرير إلى تحديد مسؤوليات تلك الشركات عن أوجه القصور التي قد تشوب تلك التجارب، كما يعرض توصيات محددة للحكومات والمشرعين والشركات في هذا الشأن. ووفقا للتقرير تحتل مصر المركز الثاني في دول إفريقيا في قائمة أكثر الدول استضافة للتجارب السريرية للأدوية على المرضى تحت تمويل الشركات المنتجة متعددة الجنسيات، وفي شهر فبراير 2016 كان هناك 57 تجربة سريرية قيد العمل، أكثر من نصف هذه التجارب كانت لعلاج الأورام. ويقصد بالتجارب السريرية السماح بإعطاء دواء أو جهاز جديد إلى المرضى، يجب اختباره أولاً للتأكد من أمانه وجدواه، وتُستخدم التجارب السريرية لاختبار أثر علاج معين بطريقة يتم مراقبتها علميًا على نحوٍ صارم. وأشار التقرير إلى أن العشرين سنة الماضية شهدت تغيرًا كبيرًا في وضع التجارب السريرية للأدوية، فقد زادت هذه التجارب بشدة في الدول منخفضة ومتوسطة الدخل، هذه الزيادة في تلك البلاد تزيد من فرصة الإخلال بالمعايير الأخلاقية التي يجب مراعاتها في أثناء إجراء التجارب. ويرصد التقرير عدة أسباب جعلت مصر من أكثر الأماكن مناسبة لإجراء تلك التجارب في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، من بينها بنية مصر التحتية الجاذبة للبحث، الزيادة السكانية السريعة، انتشار الجهل بالأدوية والعلاجات، بالإضافة إلى انخفاض تكلفة إجراء هذه التجارب في مصر. وذكر التقرير، أن الصعوبة التي يواجهها كثير من المرضى في الحصول على العلاج الأساسي، كثيرًا ما تؤدي إلى لجوء بعض المرضى إلى المشاركة في هذه التجارب بغرض الحصول على العلاج المجاني حتى وإن كانت نتائج هذا العلاج غير معروفة، وحتى وإن كانت هناك علاجات مثبتة ومصرح باستخدامها. هذا المناخ العام يسهل من استغلال المواطنين الأكثر ضعفًا واحتياجًا. كما يستعرض التقرير مجموعة من التوصيات للشركات العالمية والحكومات الدولية التي من شأنها إلزام الشركات متعددة الجنسيات باتباع المعايير العالمية في التجارب السريرية التي ترعاها في دولٍ مثل مصر. وقدم التقرير مجموعة من الاقتراحات والتوصيات للسلطات والمشرِّعين والجهات المعنية المصرية من أجل التأكد من استفادة المواطنين من التجارب السريرية التي تقام في مصر واحترام حق المريض في استمرار العلاج بعد انتهاء التجربة، والتأكد من إتاحة الفرصة للمرضى وتمكينهم من إعطاء الموافقة المستنيرة طواعية وبعض المعايير الأخلاقية الأساسية الأخرى. ومن أهم هذه التوصيات، إنشاء إطار موحد تشريعي للتجارب السريرية، معزز بنظام مراقبة فعال ومستقل، يشمل تحديد واضح للهيئات المسموح لها بإجراء الأبحاث الدوائية، والاشتراطات التي يجب أن يحققها البحث والهيئات الحكومية التنظيمية المشرفة على التجارب السريرية ودور كل منها، تنظيم تمويل التجارب السريرية ومراقبة الإجراءات وإجبار شركات الأدوية على إعلان نتائج البحث بشفافية وأن تُقِرَّ بمسؤوليتها القانونية وبخاصة تجاه المشاركين، إضافة إلي تنظيم كيفية الحصول على موافقة المشاركين بالتجارب السريرية وحصولهم على المعلومات وتحديد المسؤولية القانونية حال انتهاك القانون على الشركة الراعية للتجارب وليس الباحثين. وطالب التقرير أيضًا بأن يمنع الإطار التشريعي التجارب السريرية غير الأخلاقية أو التي تشكل خطورة على المشاركين. كما أوصي التقرير بتوفير قاعدة بيانات شفافة وشاملة للتجار السريرية، واتخاذ ما يلزم لمتابعة التجارب الحالية وإصدار التصاريح للتجارب المستقبلية، فضلا عن اعتماد وثيقة وطنية لحقوق المرضى في مصر على أن تنص بوضوح على حقوق المرضى المصريين بشأن الموافقة المستنيرة والحصول على المعلومات والمشاركة في البحوث.