الطيب: هناك من يجيدون اللعب على وتر الطائفيَّة غير متورعين في انتهاج العنف لتحقيق مآرب لاتقرها أخوة الدين ولا حقوق الجوار على علماء المسلمين أن يتَّقوا الله في شعوبهم وأن يكونوا على قدر المسؤولية في القيام بواجبهم في إنهاء بث خطاب الفتنة والكراهية غمز الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر من قناة إيران، دون تسميتها، متهمًا إياها بالضلوع في الأزمات التي تطل برأسها داخل مملكة البحرين المجاورة، عبر العزف على الوتر الطائفي. وقال الطيب في كلمته خلال لقاء "مجلس حكماء المسلمين" مع حمد بن عيسى آل خليفة ملك البحرين، إن هذا البلد "يتمتَّع بتاريخ حضاري عريق، إذ كان منذ آلاف السِّنين مركزًا لالتِقاءِ الثقافات وحوار الحضارات، وبما ميَّزه الله به من موقع جُغرافي فَريد، وشعب أكسبه امتزاج الثقافات خبرة واسعة، ودُربة على التوحُّد والتجمع، والاعتلاء فوق الاختلافات والفُروق المذهبيَّة والدينيَّة والعِرقيَّة". وأضاف: "أهل البحرين تسري في دمائهم هذه الروح التي تجمع بين الأصالة، والمعاصرة المنضبطة بهدي الدين وحكمة الشرق، حتَّى باتت تستعصي على التنكر لتاريخه وميراثه العريق. وأصبح لا يتعامل إلَّا بالمبادئ والقيم الثابتة التي لا تعرف المقايضات ولا نزوات العِرق والعصبيَّة". وتابع الطيب ملمحًا إلى التدخل الإيراني في شئون المملكة الخليجية، قائلاً: "في الوقت الذي لا يرى كثيرون بأسًا من ممارسة اللعب على وتر الطائفيَّة واستغلال العاطفة الدينيَّة في الهيمنة والتسلُّط، ولم يتورَّعوا في انتهاج العنف طريقًا لتحقيق هذه المآرب التي لا تقرها أخوة الدين ولا حقوق الجوار". وتوجه شيخ الأزهر في كلمته إلى ملك البحرين، قائلاً: "كانَ الظَّنُّ –جلالة الملك-أن تعصم هذه الروابطُ المتينة، هذا الثغرَ من ثغور العروبة والإسلام من الاهتزازات المُفتعلة، والاضطرابات المُصطنعة التي لا يستفيد منها إلَّا أعداء العرب والمسلمين ولا تخدم إلَّا مخطَّطات الأنظمة المتربِّصة شَرًّا بالمنطقةِ وأهلها". واستدرك: "نعم كان الظن كذلك، لولا أن فريقًا من أعيان الناس رضوا بأن يركنوا إلى منطق المصلحة غير المشروعة وغير المعتبرة، وضربوا صفحًا عن منطق الدين والواجب والضمير". وعبر شيخ الأزهر في أكثر من مناسبة عن رفضه للممارسات الإيرانية في البحرين "باعتبارها تعديًا واضحًا على سيادة واستقلال المملكة". وحث إيران على "أن تنظر إلى ما يحدث في العالم العربي من مشكلات على أنه شأن داخلي بحت تتكفل به شعوب هذه المنطقة، وأصحاب الشأن فيها، وذلك درءا للفتنة وحقنًا للدماء، وحفظًا لحسن الجوار وحقوقه". وأشاد الطيب في كلمته بملك البحرين على "سياستكم الحكيمة التي ترعى حقوق المواطنة وتحقِن دماء الناس وتحفظ وحدة الصَّف، وتوفِّر الأمن والسَّلَام لشعبك ووطنك.. فَسِر على بركة الله واثبت على النهج الذي اخترته بعد أن هداك الله إليه وهو نهج: التآخي والإصلاح؛ فهو الطريق -الذي لا طريق غيره - في هذا المنعطف الذي تمر به منطقتنا العربية وشرقنا الإسلامي". وحث الطيب، علماء المسلمين على "أن يتَّقوا الله في شعوبهم وأن يكونوا على قدر المسؤولية أمام الله تعالى وأمام ضمائرهم في القيام بواجبهم في إنهاء بث خطاب الفتنة والكراهية، وإعادة الثقة والأمل في نفوس الناس". ومضى محذرًا: "ليعلم كل منا أننا سنُسأل أمام الله تعالى عن هذه الأمة الجريحة وعن شعوبها المرهقة بالدِّماء والقنابل والهدم والفرار على وجوهها في الفيافي والقفار، في غير ما ذنب اقترفته، وفي معارك ليس لها فيها ناقة ولا جمل". وأعرب الطيب عن حرص "مجلس حكماء المسلمين" الشديد على وحدة الأمة الإسلامية، والرَّفض القاطع لأيِّ عملٍ أو فكر يُؤدِّي إلى التنازع وإلى فشل المسلمين، أو يهدف إلى إقصاء المسلمين عن الإسلام، والإبقاء على فريقٍ بعينه، ومنح لقب الإسلام لطائفة، ومنعه عن طائفة أخرى. وقال إن "شعار مجلس الحكماء في هذه الفتنة العمياء المضلة هو شعار سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم الذي حسم الأمر بقوله الشريف: "من صلَّى صلاتنا، واستقبل قبلتنا، وأكل ذبيحتنا، فذلك المسلم الذي له ذمة الله وذمة رسوله فلا تخفروا الله في ذمته". من جانبه، أعرب العاهل البحريني عن اعتزازه بالدور الكبير الذي يقوم به الأزهر ورجاله في رعاية المنهج الوسطي في ساحة الفكر الإسلامي الداعي للاعتدال ، موضحا أن الأزهر كان وسيظل منارة للوسطية والتسامح والاعتدال. كما أكد الكبير للأهداف السامية التي يسعى مجلس حكماء المسلمين إلى تحقيقها، مشيدًا بجهود مجلس الحكماء في تعزيز ثقافة السلم والتعايش المشترك وقبول الآخر، وكسر حدَّة الاضطراب التي سادت مجتمعات كثيرة من الأمَّة الإسلاميَّة في الآونة الأخيرة، وتجنيبها عوامل الصِّراع والانقسام والتشرذُم. وذكر العاهل البحريني أن بلاده يسعدها أن يكون لمجلس حكماء المسلمين مقرا فيها ، وهو ما رحب به فضيلة الإمام الأكبر .