دعوات محمومة للتبرع بأي شئ وبكل شئ, دعوات ظاهرها الرحمة وباطنها العذاب, دعوات يستغلها الناهبون والفاسدون ليكملوا طريقهم المُخرب للبلاد, فمن ملياردير متهرب من الضرائب بمئات الملايين, ثم يتبرع لصندوق (تحيا مصر) بمليون لكي يداري سوأته, ويغسل جريمته, ويترك قنواته الفضائية, وصحفه اليومية لتمجده وتبيض وجهه وترفع هامته وقامته أمام المساكين الكادحين, إلي ناهب لأراضي الدولة بالكيلوات ومغتصب لثرواتها بتواطؤ معيب مع مسئولين كبار في الدولة, محققاً المليارات من تسقيع الأراضي الزراعية وتحويلها لمنتجعات سياحية ثم ينشئ جمعية خيرية توزع شنط رمضان ولحم العيد علي من نهب حق أولادهم في ثروات بلادهم, وجعلهم يعيشون في ضنك ويعانون شظف العيش, بما يدفع شبابهم للمخاطرة بحياتهم ليواجهوا أمواج البحار في مراكب الموت, فيلقون حتفهم, أو يُنقذون فيجدون أنفسهم مكلبشين في أسرة العلاج لتكتمل لديهم منظومة القهر, أو رمز من رموز نظام مبارك وما أكثرهم تصدر ضدهم الأحكام القضائية النهائية بالسجن والغرامة بأكثر من مليار جنيه, ولا ينفذ أحد الحكم أو يتحرك للقبض عليهم واستعادة الأموال المنهوبة, وإرجاع جزء من حق الشعب, أو ضرب النموذج للجدية في مكافحة فساد استشري وتمدد وترعرع بعد أن تجذر فأصاب البلاد في مقتل, وجعل الشعب كله كالأيتام علي موائد اللئام, أو وزراء يفرشون مكاتبهم بالملايين, أو صناديق خاصة تبلغ حصيلتها المليارات وخارجة عن ميزانية دوله تئن, أو 14 من رجال مبارك معروفون بأسمائهم وسحناتهم, تضج سويسرا وأمريكا وبريطانيا بالشكوي والطلب من السلطات المصرية أن تأخذ أمر استعادة أموالهم المهربة بمحمل الجد لا الهزل, أو علي أبسط الحلول مصادرة أموالهم في مصر وفاء لهذه الديون المهربة, وهم ينعمون برعاية الدولة, بل إنه من المضحك المبكي أن مصر دفعت ما يقارب من 65 مليون دولار لتشكيل لجان تسافر إلي الخارج تحت مسمي لجان استعادة الأموال المنهوبة علي شكل سفريات وإقامة وبدلات ويعودون في النهاية صفر اليدين والذين هربوا الأموال أنفسهم يتمتعون بالحماية والرعاية في مستشفي المعادي وفي منتجعاتهم وقصورهم المنهوبة من دماء الشعب, لن يجدي الكلام عن التبرعات, ولن يتبرع أحد عن طيب خاطر إلا إذا لمس القدوة من أعلي, إلا إذا رأي الجدية في مكافحة الفساد من الرأس, ولا يمكن أن تقنع إنساناً بالتبرع وهو يجد السفه والبذخ في الإنفاق في كل المجالات الحكومية ولعل صفقة الطائرات الجديدة والتي لم يُحسم الجدل فيها خير مثال, حتى إن أحد المذيعين الوثيقي الصلة بالسلطة صرح بصحة الصفقة وأنه سيتم تأجيرها للعرب, ليس هناك دوله تقوم علي التبرعات في كل المجالات, الدولة لابد أن تقوم بدورها وواجبها في حماية شعبها, وتوفير الحياة الكريمة له, وضرب ومحاربة الفساد بكل الطرق وليس حمايته وتوفير طرق وسبل النجاة له, لو تتبعت الدولة طرق الهدر وسفاهة الإنفاق كما يحدث مع تعيين المستشارين في كل الوزارات والذين يكلفون الدولة 26 مليار لكان خيراً لها وأشد تثبيتا, لو ضربت الدولة بيد من حديد علي أيدي اللصوص الكبار لتواري الصغار ولما كانت في حاجه للبحث عن (الفكه) في جيوب الناس!