لا شكَ أنَّ شهادات أو قرارات الإعتماد والتي تمنحها الهيئة الوطنية لضمان جودة التعليم لمؤسسات التعليم الجامعي تمثلُ خطوةً هامةً نحو الإرتقاء بجودةِ التعليمِ الجامعي وإكسابه الاعتراف الوطنى بالجودة ومطابقته للمعايير القياسية التي وضعتها الهيئة، لكن هذا الإعتماد غير كافٍ لنيل الثقة والإعتراف العالمي، إذ يتتطلب الامر تبني نهجاً ما لإكساب كل من الهيئة الوطنية ذاتها ومؤسسات التعليم الجامعي الإعتراف العالمى. يتفق ذلك مع رؤية الهيئة الوطنية والمنشورة علي صفحتها الألكترونية: “أنْ تكونَ الهيئةُ كياناً للاعتماد في التعليم معترفاً به عالمياً"، ولابد أنَّ الهيئة تملك خارطة طريق للحصول علي هذا الاعتراف وللحصول علي "شهادة الجودة والاعتماد العالمي!"، مثل هذا الاعتراف من الاهمية بمكان فخريجوا مؤسسات التعليم الجامعي الوطني لا يتنافسون محلياً فقط بل إقليمياً ًوعالمياً مما يتطلب شهادات جودة من مؤسسات عالمية، والأهم أننا في حاجة لتقدم صناعي وتكنولوجي وإقتصادي وذلك بمحاكاة بعض الدول الرائدة والاستفادة من خبرات مؤسساتها الناجحة.
مع العلم أنَّ دولة مثل اليابان لايهمها الإعتماد العالمي ولاتبحث عنه، فوضعها العلمي والإقتصادي والتكنولوجي الدولي يقدم هونفسة شهادة توكيد لما هوأكثر من جودة التعليم، بالاضافة إلي أنَّ مواطنيها لا يبحثون عن فرص عمل أو تعليم خارج اليابان، إنَّ كل ما يهم دولاً مثل اليابان هو استقطاب العلماءَ والمطوريين الأجانب بالإضافة إلي شهادة بجودة وأمان التكنولوجيا التي تنتجها، ويجب الإعتراف أنَّ أمامنا الكثيرَمن العملِ والجهدِ والوقتِ للوصول إلي مثل هذه الحالة.
وقد تلاحظ - في الفترة الأخيرة- تسارع الهيئة في منح قررات الإعتماد لأعدادٍ كبيرةٍ من مؤسساتِ التعليم وكأي شيٍ إذا زادَ عن حدهِ ينقلبْ إلي ضده، فلا مصداقية لأن تكون جميع مؤسسات التعليم معتمدة بينما الترتيب الدولي للجامعات الوطنية متدنياً، وبالداخل بدأت المصداقية تقل وذلك عند مقارنة مؤسسات قد حصلت علي الإعتماد حديثا بتلك التي كانت من الرواد في الحصول عليه، مما دفع الكثيريين للإدعاء بعدم وجود علاقة بين الإعتماد والجودة الفعلية.
ومن بين الطرق المتاحة الآن للحصول علي إعتراف دولي بجودة التعليم الجامعي الوطني وكذلك لبناء مصداقية وإعتراف عالمي بهيئة ضمان جودة التعليم الوطنية ذاتها ما يلي:
- أن تتقدم بعض البرامج المعتمدة من الهيئة للإعتماد من هيئات دولية سابقة علي الهيئة االوطنية من حيث تاريخ التأسيس ومشهود لها بالمصداقية علي المستوي الدولي، من بين هذه الهيئات العالمية تاتي أبيت (ABET) الامريكية، فالأبيت هي منظمة غير حكومية تمنح شهادات الإعتماد لبرامج التعليم الجامعي في العلوم التطبيقية والحاسبات والهندسة والتكنولوجيا، تأسست الأبيت في مايو 1932 اي منذ 84 عاماً (تأسست الهيئة الوطنية في 2006!)، الأبيت الآن تمثل إتحاد 35 (خمسة وثلاثين) جمعية مهنية وتقنية في مجاات العلوم التطبيقية والحاسبات والهندسة والتكنولوجيا ومن بينهم المعهد الأمريكي لهندسة الكهرباء والألكترونيات(IEEE) ، ما يعني الثقة والتقدير العالمي للبرامج التي تحمل شهادات إعتماد الأبيت، وكما تقول البيانات علي الويكبيدا وحتي أكتوبر 2012 اعتمدت الأبيت 3,278 (ثلاثة الاف ومائتين وثماني وسبعيين) برنامجا في 670 (ستمائة وسبعيين) جامعة وكلية وفي 22 (اثنين وعشريين) دولة حول العالم بالأضافة الي الولاياتالمتحدة، وأن أعلي عدد من المؤسسات خارج الولاياتالمتحدة التي اعتمدت الأبيت لها برامج هو بالمملكة العربية السعودية ب 13 (ثلاثة عشر) مؤسسة تلييها الأمارات ب 12 (إثني عشر) ثم تأتي تركيا في المركز الخامس ب 6 (ستة) فالكويت ب 3 (ثلاثة)، وتشير البيانات أنَّ في مصر مؤسستين، وبالبحث تبين أنَّ إحداهما هي الجامعة الأمريكية بالقاهرة والأخري هي الأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا.
- أنْ تُنشأ في مصر هيئة غير حكومية وغير ربحية لضمان جودة التعليم الجامعي في مجالات العلوم التطبيقية ويمكن أنْ يشارك فيها أعضاء من السادة هيئة التدريس من الخبرات المصرية بالداخل والخارج، أعضاء من نقابتي المهندسيين والعلميين المصريتين، وربما أعضاء من هيئة التدريس ونقابيون من المحيط الأقليمي، الي جانب آخريين، ويمكن طلب الدعم والتدريب من الأبيت ومن الهيئة الوطنية.
التمويل في الطريقتين ممكن، فبالنسبة للجامعات الحكومية يمكن ان يكون من خلال دخل برامج التعليم الخاص بها (تعليم حكومي برسوم مادية!) والتي قيلَ أنَّ الهدفَ من تأسيسها هو الانفاق علي البرامج المجانية مع أنَّ هناك رأياً بالفصل بين هذه البرامج والجامعات الحكومية ولأسبابٍ وجيهة ربما يأتي ذكرَها في مقامٍ آخر، تبرعات من رجالِ أعمالٍ مصريين بالداخلِ والخارج، مِنح من الجامعة والدول العربية، مِنح من مؤسسات عالمية كالأتحاد الأوروبي وقد تساهم الدولة ومؤسساتها في ذلك. وبالنسبة للجامعات الخاصة فيكون التمويل من تدبيرها الذاتي لأنها جامعات ربحية والأعتماد الدولي سيزيد هذه الربحية.
أ.د. رضا رجب حاصل على دورة محكم خارجي بالهيئة في 2010.