الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِى هَدَانَا لِهَٰذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِى لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ، والصلاة والسلام على رسول الله، تعودت منذ فترة طويلة على استخارة المولى عز وجل فى كل صغيرة وكبيرة، وذلك امتثالاً للحق سبحانه وتعالى كما علمنا رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فقد روى جابر بن عبدالله "كان النبى صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يُعَلِّمُنا الاستخارةَ فى الأمورِ كلِّها، كالسورةِ من القرآنِ: (إذا هَمَّ أحدُكم بالأمرِ فليركَعْ ركعتينِ، ثم يقولُ: اللهم إنى أستخيرُك بعِلمِك، وأستقدِرُك بقدرتِك، وأسألُك من فضلِك العظيمِ، فإنك تقدِرُ ولا أقدِرُ، وتَعْلَمُ ولا أَعْلَمُ، وأنت علَّامُ الغُيوبِ، اللهم إنْ كنتَ تَعْلَمُ أنَّ هذا الأمرَ خيرٌ لى فى دِينى ومَعاشى وعاقبةِ أمرى - أو قال: فى عاجلِ أمرى وآجِلِه - فاقدُرْه لي، وإن كنتَ تَعْلَمُ أنَّ هذا الأمرَ شرٌّ لى فى ديِنى ومَعاشى وعاقبةِ أمرى - أو قال: فى عاجِلِ أمرى وآجِلِه - فاصرِفْه عنى واصرِفْنى عنه، وقدر لى الخيرَ حيثُ كان، ثم رضنى بِه، ويُسَمِّى حاجَتَه) "المصدر:صحيح البخاري". ولقد قال بعض صحابة النبى – صلى الله عليه وسلم – كنا نستخير الله حتى فى شراك نعلنا، فما بالنا فى الأفعال الهامة أو المصيرية، ونحن إذا استخرنا الله سبحانه وتعالى فقد رددنا الأمر لصاحب الأمر، فإن كان فيه خير يسره لنا وإن كان فيه شر صرفه عنا، وقد مررت بمواقف عجيبة جدًا حين استخرت الله عز وجل وكانت العاقبة عظيمة، فعلى سبيل المثال لا الحصر استخرت المولى لتغيير حجز سفرى لأسافر يوماً مبكراً والحقيقة أنى كنت أفضل السفر فى اليوم التالى ولكن بعد الاستخارة قمت بتغيير الحجز بمنتهى السهولة وبدون رسوم إضافية، وعندما وصلت ببضع ساعات قرأت خبر قيام بعض الأشخاص بتخريب مطار برج العرب وإحداث تلفيات كبيرة به، فقلت فى نفسى سبحان الله لو سافرت فى الموعد الأول لعانيت معاناة شديدة، وربما اضطررت للمبيت فى المطار، ومنذ أكثر من ثلاثين سنة طلبت منى والدتى إيداع حوالى ألفى جنيه بالبنك فاستخرت الله العليم الحكيم وإذا بى أجد اختناقًا مروريًا شديدًا ووصلت البنك بعد بضع دقائق من إغلاق الباب وشعرت بحزن شديد لعدم إتمام المهمة التى كلفتنى أمى بها، وإذا بأختى تصاب فى مساء ذلك اليوم بالتهاب حاد فى الزائدة وتم عمل جراحة لها ودفعت والدتى من المبلغ الذى لم يودع فى البنك، ولو ذكرت الكثير مما حدث لى من بركات وفوائد الاستخارة لاحتجت لصفحات كاملة من الصحيفة لسردها، وصدق عز من قائل ".. وَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ ۖ وَعَسَىٰ أَن تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ ۗ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ" (سورة البقرة – من الآية 216)، ففى كل استخارة هناك حكمة بل حكم كثيرة يعلمها علام الغيوب وقد يطلعنا على بعضها لنزداد إيماناً ويقيناً، والحمد لله رب العالمين.