قالت صحيفة " فاينانشيال تايمز" البريطانية، إن الإجراءات الصارمة التي تتخذها الحكومة المصرية، فيما يتعلق بقواعد الحجر الصحي باستيراد القمح، يهدد بتعكير صفو العلاقات بين القاهرة وموسكو بعدما صرحت الأخيرة بأنها ستعلق بصورة مؤقتة وارداتها من الفواكه والخضروات المصرية. وأضافت الصحيفة في تقرير لها اليوم الاثنين، أن وزارة الزراعة المصرية شكلت لجنة عالية المستوى، في مسعى منها لحل الأزمة التجارية مع روسيا قبل أن تتفاقم. وكانت وزارة الزراعة أعلنت في أواخر أغسطس الماضي أنها ستحظر أية واردات من القمح المصاب بأي نسبة من فطر "الإرجوت"، بالرغم من أن المعايير المتفق عليها دوليا تسمح بمستويات من الفطر لا تتجاوز نسبته ال 1.05%. من جانبها فرضت روسيا حظراً مؤقتا على استيراد الفواكه والخضراوات المصرية، مرجعة ذلك إلى عدم وجود عملية فعالة لمراقبة الصحة النباتية في مصر. وقالت بوليا شفاباوسكيني، نائبة الهيئة الفيدرالية الروسية للرقابة البيطرية والصحة النباتية، أنه بداية من الخميس 22 سبتمبر ستفرض قيوداً مؤقتة على استيراد الفواكه والخضراوات من مصر، خاصة الحمضيات والطماطم والبطاطس ومنتجات أخرى. وذكر سويثون ستيل، مدير شركة " سولاريس كوموديتيز" لتجارة الحبوب والتي تتخذ من سويسرا مقرا لها أن " الصفقات مع مصر توقفت تقريبا." وأضاف ستيل:" الموردون لا يمكنهم على أرض الواقع ضمان عدم وجود أي نسب من فطر ( الإرجوت) في القمح." وأتم: "ثمة بالفعل أزمة، ولا يريد أحد أن يدخل في مخاطرة." وأشار التقرير إلى أن قرار الحكومة حظر واردات القمح المصاب بأي نسبة من "الإرجوت" هو آخر حلقة في مسلسل الفوضى الذي تشهده واردت القمح في مصر والذي تُظهر الحكومة فيه موقفًا متعنتًا حيال المستويات المقبولة من فطر "الإرجوت" الذي يسبب تسممًا حال استهلاكه بكميات كبيرة. وفي نهاية العام الماضي، رفضت هيئة الحجر الصحي في مصر دخول شحنة قمح فرنسي قوامها 63 ألف طن بسبب احتوائها على "الإرجوت"، بالرغم من أن نسبته كانت تقل عن 0.05% التي تنص عليها الهيئة العامة للسلع التموينية، الجهة الرسمية المنوط بها تدبير وتوفير السلع التموينية والاستهلاكية في مصر. وأوضح التقرير أن عدم اليقين الذي يحيط بسوق القمح المصري قد حدا بالتجار إلى سحب عروضهم التي تقدموا بها في المناقصات التي طرحتها الهيئة العامة للسلع التموينية، بل ووصل الأمر إلى قيام " بانج"- الشركة الأمريكية المسؤولة عن توريد شحنة القمح الفرنسية المصابة ب " الإرجوت" لمصر، لمقاضاة القاهرة. وفي بداية مارس الماضي، صرحت وزارة الزراعة أنها لن تسمح باستيراد شحنات قمح تزيد فيها نسبة الإصابة بفطر الإرجوت عن 0.05 %، مؤكدة أن عمليات استيراد الأقماح من الخارج تتم وفقاً للمواصفات القياسية المصرية، والتي تتطابق مع هيئة “الكودكس″ العالمية. وقال إن عدداً قليلاً من التجار يرغب الآن في التقدم بعروض شرائية خلال المناقصات التي تطرحها الحكومة وذلك بعدما رفضت الأخيرة مؤخرا شحنات قادمة من كل من رومانياوروسيا. واضطرت الهيئة العامة للسلع التموينية، إلى إلغاء مناقصات القمح الأخيرة بسبب نقص العروض المقدمة من التجار. ولدى وزارة التموين مخزون من القمح يكفي فقط لتلبية الطلب لمدة تزيد عن 6 شهور وفقا لتصريحات مسئولين في الوزارة. والإرجوت فطر طفيلي ينمو على كثير من المحاصيل الزراعية، التي تعتبر مصدراً مهماً كالشعير والقمح، ويحتوي علي كثير من المواد الفعالة التي تختلف في تركيبها وأثرها علي الجسم. وقد يتسبب فطر “الإرجوت” بالتسمم، خصوصا في المرضى الذين يعانون من أمراض الكبد والكلى. ورفضت الحكومة عدداً من شحنات القمح لاحتوائها على فطر “الإرجوت”، بنسب أعلى من المسموح به، منها شحنة فرنسية مكثت نحو 45 يوماً في البحر، بعد رفضها بالموانئ المصرية.