عبد العزيز: لا أنصح بالتعويل على نتائجها. دراج: شعبية الرئيس لا تجاوز 15%.. ووجيه: أرادوا ترسيخ قناعة بأنه مكروه "السيسى يخسر في استفتاء أحمد موسى".. كان هذا هو العنوان الرئيسي لغالبية الصحف والمواقع الإخبارية خلال الأيام الماضية، وهو ما شكل مفاجأة مدوية للجميع بما فيهم المعارضين، بعد أن أعرب أكثر من 80% من المشاركين في الاستطلاع عن رفضهم التمديد للرئيس عبدالفتاح السيسي، مقابل 20% يؤيدون ترشحه مرة أخرى. البداية كانت مع تدشين موسى لحساب رسمي على موقع "تويتر"، وبعدها بساعات أرسل كل الوثائق التي تثبت ملكيته للحساب كي يتم تزويده ب"العلامة الزرقاء" التي تثبت رسميته، وفى غضون دقائق تم له ما أراد وأصبح حسابه موثقًا، ثم أنشأ استطلاعًا للرأي حول مدى إمكانية ترشح الرئيس السيسى لفترة رئاسية ثانية. غير إن موسى فوجئ بارتفاع عدد الرافضين لترشح السيسي بشكل كبير، إذ بلغ نسبة الرافضين 81% مقابل 19%، وسرعان ما تلقفت الصحف والفضائيات نتيجة الاستطلاع المثيرة للجدل. قبل أن يقرر "موسى" حذف الاستطلاع وإغلاق حسابه، والخروج في برنامجه ليؤكد تعرضه لقرصنة قطرية تركية، على الرغم من عدم إمكانية تعرض حساب "موثق" للسرقة. وإثر ذلك، قرر مُقدم برنامج "على مسئوليتي" إجراء استفتاء جديد عبر قناة "صدى البلد" لتلافى ما وصفه ب"أخطاء الاستفتاء السابق". وبالتزامن مع الاستفتاء التليفزيوني، دشنت صفحة "صدى البلد" على تويتر استفتاءًا جديدًا لتفاجأ بخسارة السيسى مرة أخرى لكن بنسبة أقل، حيث وصلت نسبة الرافضين لترشحه إلى 63% مقابل 37 مؤيدون، وعلى نفس الدرب سارت القناة وحذفت استفتاءها هى الأخرى. وعلى الشاطئ الآخر، خسر الرئيس السيسى في الاستفتاء الذي أجرته صفحة قناة "الجزيرة مباشر" على تويتر بنسبة 85% مقابل 15% من المؤيدين لإعادة ترشحه، حيث أعلنت القناة أن الاستفتاء الخاص بها شارك فيه 22.650، وجاءت نتيجته على النحو السابق ذكره. هذا السجال لم يتوقف عند هذا الحد، وإنما انتقل إلى موقع يسمى "العربية نيوز"، حيث شهد حالة ضخمة من الحشد والحشد المضاد بسبب اعتقاد المعارضين أن الموقع يخص قناة "العربية"، التي تعتبر من أبرز الداعمين للنظام. أما المؤيدين فقد ذهبوا إلى أن هناك محاولة لإحداث توازن في النتيجة، وظل عدد الرافضين لترشح السيسى حوالي 80% قبل أن تتغير نتائج الاستفتاء بشكل مفاجئ، في غضون مدة قليلة إلى 63% من المعارضين مقابل 37 من المؤيدين، ثم 50% من الرافضين مقابل 50% من المؤيدين، وانتهى الاستفتاء بفوز "السيسى" بنسبة 53 % مقابل 47% من الرافضين. وقال ياسر عبد العزيز، الخبير الإعلامي، إن هناك نوعين من استطلاعات الرأي، أحدهما يعتمد على قواعد علمية ومنهجية صارمة، مشيرًا إلى أن هذا النوع نادر الوجود في مصر. وأضاف "المصريون": "هذا النوع الأخير من الاستطلاعات يعتمد على تلك القواعد المرعية وتقوم به مؤسسات معتبرة، ولذلك يمكننا أن نأخذ نتائج الاستطلاع على محمل الجدية". أما النوع الثاني– كما يقول - فيسمى "استطلاعات غير معيارية" معظمها يجرى عبر وسائل الإعلام وبخاصة الإلكترونية ونتائج هذا النوع يمكن قبولها - في أفضل الأحوال - كمؤشرات بشرط أن تقوم بها وسيلة إعلام موثوقة وذات مصداقية، ولا يوجد في مصر الكثير من وسائل الإعلام التي تتمتع بسمعة يمكن من خلالها إعطاء اعتبار لاستطلاع تجريه عبر موقعها الإلكتروني". وتابع: "أما عن الاستطلاعات المشار إليها فهي محاولة من وسائل الإعلام لتكريس انطباع معين، لكن الجمهور تعامل معه بفهم، وبالنسبة لاستطلاع الجزيرة فهي فيما يتعلق بالنظام المصري تعتبر وسيلة دعاية سوداء، ويمكن القياس بنفس المنوال على عدد آخر من الوسائل الإعلامية وبالتالي لا أنصح بالتعويل على نتائجها". وأكد الدكتور أحمد دراج، أستاذ العلوم السياسية، أن "الاستطلاعات التي تجرى على وسائل التواصل الاجتماعي يمكن اعتبارها مؤشرًا لرواد تلك الوسائل". غير إنه قال إنها "ليست وسيلة آمنة لإمكانية تدخل أجهزة الدولة أو آية كتائب إلكترونية سواء كانت تابعة للنظام أو لغيره"، مذكرًا بأن "الرئيس عبدالفتاح السيسي تحدث عما يسمى "الكتيبتين" ما جعل المسألة واضحة للجميع". وأضاف دراج ل "المصريون": "تستطيع أن تعرف نسب الشعبية من خلال تذمر الناس في الشارع ووسائل المواصلات"، معلقًا: "شعبية السيسى وقعت وانتهت" . وحول مدى إمكانية انهيار شعبية الرئيس إلى درجة رفض 80% لترشحه، قال "دراج": "ولم لا؟ أستطيع أن أؤكد أن شعبية السيسى الآن لا تتجاوز ما بين 12 – 15% على أقصى تقدير". وأشار إلى أن استطلاعات مركز "بصيرة" وغيرها من الاستطلاعات التى تُظهر شعبية ضخمة للرئيس "غير دقيقة"، لأنها "تجرى عن طريق الهاتف، وبالتالى يتخوف المواطنون من إبداء رأيهم الحقيقى خشية أن يكون الاتصال من جهاز أمنى أو غيره، والبعض منهم يرفض المشاركة من الأساس لذلك لا يكون الاستطلاع معبرًا عن الشارع". وقال تامر وجيه، الباحث في علم الاجتماع السياسي، إنه من المنطقي أن تكون نتائج هذه الاستفتاءات مؤثرة على وعى شريحة واسعة نسبيًا من الناس. وأضاف ل"المصريون": "التأثير المطلوب هو: أن تترسخ قناعة أن السيسى أصبح مكروهًا وذلك بسبب فشله. لكن هناك تأثير آخر، وهو أن يشعر قطاع من الناس بأن هناك من يريد هذا المؤشر خارج السلطة".. مضيفًا: "بتعبير آخر: وطالما نظرية المؤامرة متجذرة فى أوساطنا، فالبعض سوف يقول: "مش معقول كل الاستفتاءات دى صدفة، ولا النتائج دى صدفة، لازم فيه اللى بيحفر عشان يوقع السيسي". واستدرك: "التأثير المركب لهذه المشاعر لدى الناس، سيكون طبعًا فتح الباب للتفكير فى طرح بدائل للسيسى.. وهذا أثر إيجابى من وجهة نظر تقوية حالة المعارضة.. ومن ثم إحياء حركات المواجهة ضد الديكتاتورية والاستغلال والفساد" حسب قوله.