"استقالتي أو إقالتي غير مطروحة على الإطلاق، على خلفية تكاليف إقامتي بأحد الفنادق، كما أن فساد منظومة توريد القمح يأتي بسبب وجود سعرين للاستلام أحدهما للمزارعين وآخر سعر السوق من القمح المستورد، وناديت كثيرًا بضرورة تغيير هذه المنظومة منذ أن توليت المهمة والتكليف، وقدمت طرحًا لرئاسة مجلس الوزراء وأمام النواب، وتم رفضه وتسبب ذلك في وقائع الفساد الحالية"، بهذه الكلمات دافع وزير التموين الدكتور خالد حنفي، عن نفسه أمام اجتماع لجنة الزراعة بالبرلمان، مُحملًا الحكومة والبرلمان الذي شكل لجنة لتقصى الحقائق كشفت عن إهدار مئات الملايين من المال العام بالشون والصوامع، مسئولية الفساد، وهو ما اعتبره البعض قفزًا من سفينة النظام. وأوضح وزير التموين: "في أغسطس الماضى قدمت مذكرة إلى رئيس الوزراء لتغيير منظومة توريد القمح، وفصل مكون السعر عن مكون الدعم، ليجرى شراء الأقماح من المزارعين بالسعر العالمي، ثم دعمهم على المساحة المنزرعة، إلا أن النواب أنفسهم هم مَن طلبوا عدم تطبيق النظام جديد، فقررنا تأجيله لحين الجلوس معهم، ووزارة التموين حصلت على المركز الأول فى استطلاعات الرأى الأخيرة فيما يتعلق برضاء المواطنين". "المصريون" استطلعت آراء خبراء سياسيين حول تصريحات الوزير خاصة مع تردد أنباء عن إقالته، بسبب بحث مصادر دخله إلى جانب المسئولية السياسية عن فساد منظومة القمح والتلاعب في منظومة الكروت الذكية لصرف الدعم التمويني للمواطنين. مجدي حمدان، القيادي السابق بجبهة الإنقاذ، قال: "كون النائب مصطفى بكري المقرب من الحكومة والنظام قد كشف وأثار موضوع إقامته بالملايين في أحد الفنادق، أمر يؤكد أن هناك اتجاهًا لإقالة الوزير وهو ما يطرح تساؤلًا لماذا الكشف عن هذه الوقائع الآن وما الأسرار الأخرى التي لا يعلمها الشعب عن باقي الوزراء". وأضاف حمدان: "أين إقرار الذمة المالية لوزير التموين وفقًا للمادة 166 من الدستور والتي تلزم الوزراء ورئيس الجمهورية بتقديم إقرار الذمة المالية ويجدد سنويًا حتى بعد انتهاء الوزارة وما أثير بشأن تكلفة إقامة الوزير يشير إلى عدم تقديم إقرار الذمة المالية، وهو ما قد يعرض جميع قرارات الحكومة للبطلان حال الطعن عليها بعدم الدستورية". وأردف: "خالد حنفي هو المسئول عن فساد منظومة القمح؛ حيث كانت الصوامع تشون رمالاً في عصره، وكان يضحك على المواطنين بأن سعر الفرخة 75 قرشَا، ونتساءل لماذا لم يتبرع بتكلفة إقامته بالفندق لصندوق تحيا مصر لدعم الفقراء الذين يفترض أن يعمل لصالحهم، ولكن تصريحاته بنفي مسئوليته عن فساد القمح تشير إلى أنه يقفز من سفينة النظام ويعمل بمبدأ هدم المعبد عليه وعلى أعدائه، وإذا وصلت القضايا لحد المساءلة بالمحاكم سينكشف الوجه الآخر للحكومة". سامح عيد، المحلل السياسي، أكد أن حديث وزير التموين عن نفي مسئوليته عن فساد القمح واتهام مجلس الوزراء والنواب هو إدانة لنفسه وليس هروبًا من الاتهام؛ حيث إنه يتحمل المسئولية السياسية بخلاف المسئولية الجنائية بتمرير هذه المنظومة الفاسدة. وأضاف عيد: "خالد حنفي كده لبّس شريف إسماعيل في الحيط وهو ما يدل على عدم تناغم بين الوزراء وشخصية رئيس الحكومة الضعيفة، وبذلك يعمل بمذهب عليا وعلى أعدائي، وزعمه بأنه يدفع تكلفة إقامته من مدخرات أسرته وكأنه يمن على الحكومة بهذه التكلفة الكبيرة والتي تتجاوز مليونًا أو اثنين مليون جنيه، بحسب تصريحاته شخصيًا، كيف له ذلك وأين إقرار ذمته المالية، حيث إنه كان يعمل أستاذًا بالجامعة ولم يكن رجل أعمال كالوزراء السابقين الذين أقاموا بالفنادق". محمد سعد خير الله، مؤسسة جبهة لمناهضة الأخونة، قال: "إن وزير التموين أصبح كبش فداء المرحلة للحكومة ولذلك فهو يقول مش هروح لوحدي في محاولة للإطاحة برئيس الوزراء باتهامه بأنه رفض تعديل منظومة توريد القمح ونواب البرلمان، وكون بكري هو من كشف قضية إقامته بالفندق فلأنه كان له طلبات عند الوزير وعندما امتنع عنها قام بإثارة هذا الموضوع بخلاف منحه الضوء الأخضر من بعض الأجهزة للحديث عن ذلك". وأضاف خير الله: "مَن يدفع فاتورة إقامة الوزير بالفندق هو أحمد الوكيل، رئيس الغرف التجارية، والذي رشح خالد حنفي للوزارة في حكومة المهندس إبراهيم محلب، والحديث عن فساد القمح يسأل فيه وزير التموين وصلاح أبو دنقل أحد أباطرة استيراد القمح وأصحاب الصوامع". وأقام الدكتور سمير صبري، المحامي بالنقض والدستورية العليا، دعوى مستعجلة أمام محكمة القضاء الإداري بطلب إلزام رئيس مجلس النواب بدعوة أعضاء مجلس النواب للانعقاد للنظر في سحب الثقة من وزير التموين. وقال صبري في دعواه: "لا شك أن منظومة الفساد توغلت في كل مكان على أرض مصر.. حتى أصبحت مواجهتها والقضاء عليها يحتاج إلى سنوات طويلة وجهود هائلة.. وقائع فساد يندي لها الجبين تحدث في وزارة التموين على مرأى ومسمع من الجميع دون أن يتحرك أحد لمواجهتها ومحاسبة المسئولين عنها رغم أنها تتسبب في ضياع المليارات من الجنيهات على الدولة". وأضاف: "ما كشفت عنة الرقابة الإدارية والأجهزة الأمنية منذ ساعات قليلة من كوارث، يستحق التعقيب والمحاسبة، لمن تسبب في خسارة مليارات الجنيهات، خلال عام ونصف فقط، منذ تولي الوزير الحالي خالد حنفي، وزارة التموين".