منذ حوالى عام و نصف أتذكر الإعلام القومى عندما كان يطالعنا ليلا نهارا فى قنواته المختلفة و على صفحات جرائده عن بدء مشروع جديد و هو إنشاء قناة جديدة تحت مُسمى ( قناة السويس الجديدة ) و فرض علينا هذا الإعلام ذلك المُسمى رغم اختلاف بعض المتخصصين الذين أعتبروها تفريعة جديدة مثل باقى التفريعات التى أنشئت منذ عهد عبد الناصر و حتى مبارك . و لكن الإعلام القومى وقتها أراد أعطائها ميزة أكبر و أعتمد على نظرية ( ما تكرر تقرر فى الأذهان ) ، و حاول وقتها بعض الإعلاميين أن يقلل من شأن من يختلف معهم فى مسماها بالقناة . و لكن ظل الإنقسام فى الشارع المصرى وقتها حول أي المُسميين أضق و أقرب للواقع . إلا أن الإعلام الرسمى و ما يناصره من قنوات ظل متجها إتجاها واحدا لترسيخ فكرة أنها قناة جديدة متجاهلا وجه النظر الأخرى من بعض المتخصصين فى كونها تفريعة و ليست قناة . و بغض النظر عن المُسمى فمما لاشك فيه أن هذا المشروع هو إضافة جديدة لمصر . و لكن قد لا يعلم البعض أن هذه ليست المرة الأولى التى يتم فيها إنشاء تفريعات للقناة . فالقناة الأم الرئيسية يبلغ طولها حوال 195 كيلو متر تم إنجاز ثلاث تفريعات لها في عهد الرئيس عبدالناصر عام 1955 بطول 27.7 كم شملت البلاح (8.9 كم )، والبحيرات المرة ( 11.8 كم ) وكبريت ( 7 كم )، مما سمح بالملاحة المزدوجة في هذه المسافة، وفي عهد الرئيس السادات تم إنجاز التفريعة الرابعة و هى تفريعة بورسعيد عام 1980، بطول ( 40.1 كم ) . وفي عهد الرئيس مبارك تم إنجاز تفريعة التمساح و هى التفريعة الخامسة عام 1984 بطول ( 4.3 كم )، والتفريعة السادسة تفريعة الدفرسوار عام 1985 بطول (8.4 كم) . و الآن تم حفر (35 كم ) هى المشروع الجديد الذى أطلق عليه البعض ( قناة السويس الجديدة ) ، إذا فهى ليست المرة الأولى ، و لذلك يتسائل البعض إذا فلما كل هذه الضجة الإعلامية حول هذا المشروع طالما سبقه العديد من المشروعات المشابهة ؟!!!!!! و قد تكون الإجابة أن الإعلام الرسمى للحكومة رأى أن الشعب المصرى كان فى احتياج إلى ما يسر قلبه وسط جو مليئ بالضغوط و احيانا الإحباط من تراجع الحالة الإقتصادية و التى أثرت بشكل بالغ على الغالبية العظمى من الشعب بوجه عام و محدودى الدخل بوجه خاص . و أرادت أن تبث فيه روح الأمل و التفاؤل . و نتذكر جميعا تصريح السيد الفريق مهاب مميش رئيس هيئة قناة السويس و الذى صرح بأن عائدات هذه القناة ستصل إلى 100 مليار دولا سنويا . مما سينقل مصر نقلة كبيرة هذا غير العديد من المشروعات التنموية التى ستقام على ضفاف هذه القناة . مشيرا إلى أن القناة تحتاج لإستكمال إنشاءها إلى حوالى 60 مليار جنيها مصريا و قام وقتها السيد عبد الفتاح السيسى رئيس الجمهورية بإصدار قرار بإصدار شهادات استثمار متعددة الفئات تستغل حصيلتها فى تمويل هذا المشروع . و ظل الإعلام يغازل المواطنيين فيما سيتم جلبه من أرباح مضمونة نتيجة شراء هذه الشهادات و التى جعلت العديد من المواطنيين يقبلون على شراءها إلى أن وصل قيمة الإيداعات إلى حوال 64 مليار جنيه . و قد تم تحديد يوم السادس من أغسطس عام 2015 للإفتتاح و قد تم اختيار شعار ( مصر بتفرح ) ليكون هو شعار هذا الإفتتاح ، و لاحظنا جميعا أن جميع الجهات و الهيئات الحكومية من أسوان إلى اسكندرية قامت بتعليق لافتتات على مبانيها تحمل هذا الشعار كنوع من الترويج للقناة . و تم دعوة العديد من الدول لهذا الإفتتاح و تم انفاق ما يقرب من 230 مليون جنيها مصريا على ذلك الإفتتاح . و الآن و بعد مرور عام كامل على هذا الإفتتاح يراود العديد من المصريين سؤالا مهما ألا و هو :
هل فعلا تم تغطية التكلفة التى صُرفت عليها ، و أصبح الدولار متوفر داخل البنوك المصرية نتيجة عائدات القناة الجديدة ؟!!! و هل تحقق المراد من إنشاء هذه القناة فى كونها ستدر عائدات بالمليارات للدخل القومى المصرى و التى ستصل إلى 100 مليار دولار سنويا ستعمل على انتعاش الأقتصاد المصرى ؟!!! و الواقع هنا يجيب دون محاباة أو تضليل فمنذ أن تم افتتاح قناة السويس الجديدة و الدولار فى حالة إرتفاع دائم إلى أن وصل ذروته اليوم فى ذكرى مرور عام على هذا الإفتتاح إلى 13 جنيها مصريا . مما ترتب عليه ارتفاع فى كافة أسعار السلع مما أثقل على كاهل المواطن المصرى و أضاف عليه عبئا ثقيلا فى توفير احتياجاته الأساسية و المعيشية . و مما يزيد الأمر عجبا و استغرابا أنه بدلا من أننا نجنى ثمار هذه القناة من المليارات التى وعدنا بها مسئولى القناة ، نجد اليوم مصر فى ذكرى العام الأول للقناة تطلب قرض من البنك الدولى ، إذا فهل كان تصريح مسئولى القناة بأن عائدات هذه القناة و التى ستبلغ ال 100 مليار دولار سنويا تصريح غير مدروس جيدا أم كان شو إعلامى لكسب موقفا سياسيا ؟!!!!! و كان من المفترض كما أدعى مسئولينا أن ينخفض سعر الدولار و أن يكون متوفرا فى السوق المصرى نتيجة عائدات هذه القناة الجديدة كما سموها و أن يتم تنمية محور قناة السويس . و لكن تأتى الرياح بما لا تشتهى السفن فى قناة السويس الجديدة
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.