بعد أن اقتربت الحكومة من تنفيذ شروط صندوق النقد الدولي للحصول على قرض بنحو12 مليار دولار, وتتضمن هذه الشروط تقليل النفقات الحكومية وإقرار قانون الخدمة المدنية وقانون ضريبة القيمة المضافة، باتت المفاوضات معرضة للفشل بسبب طلب الصندوق تقليل الاقتراض المحلي الحكومية والذي يعد المورد الوحيد للحكومة لسد عجز الموازنة المستمر بسبب نقص الإيرادات وتعطل معظم الأنشطة الاقتصادية نتيجة عدم الاستقرار السياسي، وأيضًا طالب الصندوق بتوليد إيرادات بشكل سريع، مثل سرعة البدء في إلغاء الدعم، وفرض ضرائب جديدة ليس فقط على الشرائح الدنيا من المجتمع وإنما على رجال الأعمال. وذكر مصدر حكومي في تصريح لأحدي الجرائد اليومية الخاصة، أن الحكومة المصرية تعتزم إجراء بعض التعديلات للبرنامج الذي أعدته كي تتمكن من الحصول على المبلغ الذي طلبته بالكامل، لأن قيمة القرض ستحدد بناء على برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي تعتزم الحكومة تنفيذه والبرنامج الحالي لا يؤهلها للحصول على كل المبلغ الذي طلبته بحسب شروط الاقتراض من الصندوق، لذلك ستعدل الحكومة البرنامج الحالي". ويري خبراء، أن عدم تنفيذ مصر للبرنامج الاقتصادي خاصة وقف الاقتراض الداخلي وزيادة الإيرادات قد يهدد بتوقف القرض أو انقطاعه في السنوات التالية للموافقة عليه. قال عز الدين حسانين الخبير الاقتصادي والمصرفي، إن الحكومة يمكنها وقف الاقتراض المحلي في حال ضبط عجز الموازنة وتخفيضه ليصل إلي 70٪ علي الأقل من الناتج المحلي الإجمالي، مشيرًا إلى أنه لن يحدث ذلك إلا إذا تم رفع الدعم ليصل إلي 15٪ فقط من إجمالي النفقات العامة للدولة مع تخفيض بند الأجور في الموازنة العامة للدولة إلي20٪ فقط من إجمالي الإنفاق العام، وسداد ما لا يقل عن 50٪ من فوائد الديون الحالية المستحقة للبنوك والمؤسسات المحلية، ووقف الاقتراض بضمان أذون الخزانة والسندات الحكومية.
واستطرد في تصريح خاص ل"المصريون": "أما بخصوص زيادة إيرادات الدولة بما لا يقل عن 50٪ من الرصيد الحالي للضرائب المحصلة يعد هو الأمر الحاكم الذي إذا تم سيساهم جزئيًا في توليد سيولة تمكن الدولة من سداد بعض الفوائد المستحقة للبنوك، لكن الدولة ستحتاج ما لا يقل عن خمس سنوات لكي تتحقق هذا، وتحتاج إلي معدلات نمو تقترب من 7٪ وزيادة معدلات التشغيل والتصنيع للتصدير وتقليل الاستيراد وزيادة عدد المشروعات الجديدة المحلية والأجنبية، وهو ما يعني زيادة الوعاء الضريبي ورفع ضرائب الشركات إلي 25٪ لكل شركه يزيد حجم أعمالها عن 100 مليون جنيه سنويًا. وتابع: "لا شك أن قانون الخدمة المدنية وضريبة القيمة المضافة سيساهم في تحقيق بعض من هذه الأهداف". وأوضح مدحت نافع الخبير الاقتصادي والمتخصص في إدارة المخاطر، أن الحصول على قرض الصندوق أولاً سيساعد الحكومة علي تخفيض اللجوء للاقتراض المحلية بشكل أكبر، خاصة أنه جار تطبيق ضريبة القيمة المضافة والضريبة الرأسمالية على الشركات.
وأضاف في تصريح خاص ل"المصريون"، أن ضمان تطبيق تخفيض الاقتراض المحلي سيكون بالأمر السهل خاصة أن القرض سيأتي على أقساط قائلاً: "يعني مش ح نضحك عليهم" وبالفعل الدين المحلي معدلات زيادته قد تنخفض نسبياً مع قدوم القرض. وفي نفس السياق يري حسام الغايش خبير أسواق المال، أن اشتراط صندوق النقد تخفيض الاقتراض الداخلي أمر ممتاز، وهو يعنى ترشيد الإنفاق الحكومي المتزايد في السنوات الأخيرة، ولكن الأهم معرفة البنود المخفضة من الموازنة، هذا هو السؤال الأهم، وباقي الشروط فهي تجيب على التساؤل وهى خفض الأجور وتقليل بنود الدعم تدريجيًا. وأوضح في تصريح خاص ل"المصريون"، أن فرض ضرائب على الشرائح الأعلى من رجال الأعمال (ضرائب الدخل) هو أمر ضروري لما فيه من عدالة اجتماعية عالية، وكنا نطالب بضرائب تصاعدية خلال السنوات السابقة، ولكن لم تستجب الحكومات السابقة. وتابع: "أن توقف الحكومة عن الاقتراض الداخلي يعني إما تقليل في النفقات أو زيادة في إيرادات، وهذا يتوقف على حجم الزيادة أو التقليل الذي يتماشى مع الإجراء المتخذة بزيادة الضرائب أو تقليل الأنفاق العام أيًا كان أو الاثنين معًا، خاصة إذا تم تقنين الاقتصاد غير الرسمي لأن بذلك ستضم الحكومة شرائح جديدة من دافعي الضرائب وقد لا تلجأ لرفع الضرائب نسب عالية على الممولين.