أبرزت وكالة "أسوشيتد برس" الأمريكية, الجدل المتصاعد في مصر حول إعطاء الأئمة خطبا مكتوبة معدة سلفا لإلقائها خلال صلاة الجمعة, بناء على أوامر من وزارة الأوقاف. وقالت الوكالة في تقرير لها في 28 يوليو, إن كثيرين في مصر اعتبروا مبادرة خطبة الجمعة الموحدة, التي أطلقتها وزارة الأوقاف, وهي الهيئة الحكومية التي تنظم المساجد ودور العبادة, أحدث خطوة تنفذها الحكومة لإحكام سيطرة الدولة على الخطاب الديني, ومن شأنها تسطيح فكر أئمة المساجد, وإضعاف قدرتهم على مناقشة الأفكار المتطرفة والرد عليها. كما يرى معارضون للخطبة الموحدة أيضا أن هناك مخططا لتفريغ المساجد من عوامل جذب الجمهور, وتشديد القبضة الأمنية عليها, بالنظر إلى أنها لعبت دورا كبيرا في ثورة 25 يناير 2011، عندما خرجت حشود المتظاهرين منها. وتابعت الوكالة " في المقابل, دافعت وزارة الأوقاف المصرية عن الخطبة الموحدة المكتوبة, وقالت إنها تهدف إلى تعزيز الإصلاح الديني". وأشارت "أسوشيتد برس" أيضا إلى أن البيان الذي أصدرته هيئة كبار علماء الأزهر الشريف، وأعلنت فيه رفضها الشديد توحيد خطب الجمعة في أنحاء البلاد, كان بمثابة صدمة كبيرة للحكومة المصرية, لأنه شكل تحديا لها, وزاد في الوقت ذاته من حجم الانتقادات للخطوة التي أقدمت عليها وزارة الأوقاف. وكانت هيئة كبار العلماء في الأزهر الشريف قالت في بيان الأربعاء الموافق 24 يوليو، إن فرض خطبة مكتوبة مسبقا ستؤدي بعد فترة إلى تسطيح فكر أئمة المساجد, وإن الإمام سيجد نفسه غير قادر على مناقشة الأفكار المنحرفة والجماعات الضالة التي تتخذ من الدين ستارا لها، وتستخدم بين أساليبها تحريف بعض آيات القرآن والأحاديث النبوية عن مواضعها. وردا على رفض الأزهر، قال المتحدث باسم وزارة الأوقاف جابر الطايع :"إن الوزارة ماضية قدما في تعميم الخطبة الموحدة المكتوبة وسوف تواصل عقد لقاءات لشرح آلية تنفيذها". وأضاف الطايع أن هدف الخطبة المكتوبة هو إنهاء ما سماها "الفوضى", التي يشهدها الخطاب الديني حاليا. كما بررت وزارة الأوقاف الخطبة الموحدة بأن بعض الخطباء لا يملكون أنفسهم على المنبر، إما بالإطالة أو الخروج عن الموضوع أو الدخول في أمور سياسية وحزبية. وفي 28 يوليو, قال محمد مختار جمعة وزير الأوقاف المصري :"إننا ماضون في تطبيق خطبة الجمعة الموحدة المكتوبة لما فيها من مصلحة شرعية ووطنية معتبرة، حيث تسن قراءة خطبة الجمعة من الصحيفة عند الحنابلة، وأن تكون الخطبة أقصر من الصلاة عند الشافعية". ونقلت وكالة أنباء الشرق الأوسط الحكومية المصرية عن جمعة, قوله أيضا :"إذا كان إماما الحرمين الشريفين يلتزمان الخطبة المكتوبة، وقد صلى ويصلي خلفهما علماء الأمة من مشرقها إلى مغربها، ومن أقصى شمالها إلى أقصى جنوبها ولم ينكر عليهما أحد من العلماء عقودًا وأجيالاً، فقد صار الأمر إجماعًا سكوتيًّا وفق ما أقره علم أصول الفقه، كما أنه لا يوجد نص قانوني واحد يمنع تطبيق الخطبة المكتوبة". وتابع " المادة السادسة من القانون رقم 272 لسنة 1959 تؤكد حق وزارة الأوقاف في الإشراف على المساجد وتنظيم شئونها الإدارية والدعوية، سواء فيما تم ضمه للأوقاف أو ما لم يتم ضمه، وهو ما أكده حكم محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية الصادر بتاريخ 28 / 12 / 2015 ، حيث عهد المشرع إلى وزارة الأوقاف مهمة إدارة المساجد والزوايا والإشراف عليها بعد تسليمها وضمها إليها، وذلك ضمانًا لقيام هذه المساجد برسالتها في نشر الدعوة الإسلامية على خير وجه". وشدد الوزير على أن ضم جميع المساجد والزوايا لوزارة الأوقاف وإشرافها عليها يعد احترامًا لقدسية المنبر وتطهيرًا لأفكار الدعاة وصونًا لجوهر الدعوة. وأكد أيضا حق وزارة الأوقاف في إدارة جميع المساجد والزوايا، سواء صدر بوقفها إشهار أم لم يصدر، وأيًّا كان تاريخ إنشاء هذه المساجد أو الجهة التي أنشأتها، فقد أضحت منوطة بوزارة الأوقاف وتدخل ضمن مسئولياتها وواجباتها, حسب تعبيره.
