يرى الخبير في "مؤسسة بروكينغز" الأميركية (مقرها واشنطن) ريتشارد كاوزلاريتش، أنَّ من أهم أسباب عودة العلاقات الروسية التركية إلى طبيعتها، هو توجس موسكو من أن تفقد حصتها من الغاز في سوق ضخمة كالسوق التركية، على حساب الغاز الإسرائيلي، لا سيما بعد اتفاق تطبيع العلاقات الإسرائيلية التركية الذي أعلن عنه الثلاثاء الماضي. ويتجلى رأي كاوزلاريتش، في نقطة هامة، هي أن الاقتصاد هو المحرك الأول للعلاقات بين البلدين، بالإضافة إلى المصالح المشتركة في المنطقة. وقال كاوزلاريتش، الذي شغل سابقاً، منصب سفير واشنطن في أذربيجان، "إن أنقرةوموسكو، ستمضيان قدماً في علاقتهما، وستحمل الأيام المقبلة العديد من الاتفاقيات.. لروسياوتركيا مصالح مشتركة ومتقاطعة في المنطقة، وإزالة التوتر بينهما أمر هام للغاية". وحول المصالح المتقاطعة، قال الخبير الأميركي، " لم يكن مفاجئاً استئناف البلدين، الحديث من جديد عن مشروع خط غاز "السيل التركي"، روسيا لن تستطيع تلافي خسائرها إن أضاعت سوق الغاز التركي، وهنا لعب تطبيع العلاقات التركية الإسرائيلية، دوراً هاماً، في تحريك المياه الراكدة في العلاقات الروسية التركية ودفعها للعودة إلى مسارها الطبيعي". وحدد كاوزلاريتش الأولويات الروسية الناظمة لعلاقاتها مع تركيا، وهي عدم التفريط بسوق الغاز التركي، والثانية هي المشاريع الجيوسياسية، التي تعزز القوة الناعمة لموسكو، من قبيل مشروع " السيل التركي" و"خط السيل الجنوبي". ومن جانب آخر رأى خبير الطاقة، وأحد مدراء شركة "روس إنيرجي" الاستشارية، ميخائيل كورتيخين" أن روسيا مصرة على تنفيذ أحد المشروعين على الأقل، إما خط السيل الجنوبي، أو السيل التركي" مؤكداً أن السياسة الروسية بهذا الصدد ستحكمها قرارات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أكثر من العقلانية السياسية. تجدر الإشارة إلى أن روسيا أعلنت أوائل ديسمبر 2014، إلغاء مشروع خط أنابيب "السيل الجنوبي"، الذي كان ينبغي أن يمر تحت البحر الأسود وعبر بلغاريا لتوريد الغاز إلى جمهوريات البلقان والمجر والنمسا وإيطاليا، وتم التخلي عن المشروع بسبب موقف الاتحاد الأوروبي الذي يعارض ما يعتبره احتكاراً للمشروع من شركة الغاز الروسية "غاز بروم"، وبدلاً عنه قرر مد أنابيب لنقل الغاز عبر تركيا "السيل التركي"، يصل حتى الحدود مع اليونان، على أن يتم هناك إنشاء مجمع للغاز لتوريده فيما بعد للمستهلكين جنوب أوروبا. ومن المتوقع أن يبلغ حجم ضخ الغاز الروسي في شبكة "السيل التركي"، 63 مليار متر مكعب سنوياً، منها 47 مليار متر مكعب ستذهب للسوق الأوروبية، فيما سيخصص 16 مليار متر مكعب للاستهلاك التركي. وشهدت العلاقات الروسية التركية أزمة دبلوماسية، على خلفية حادث إسقاط الطائرة الروسية، التي اخترقت المجال الجوي التركي، في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، حيث أعلنت رئاسة هيئة الأركان الروسية، قطع موسكو علاقاتها العسكرية مع أنقرة، إلى جانب فرض قيود على البضائع التركية المصدّرة إلى روسيا، كما بادرت موسكو بفرض عقوباتٍ اقتصادية على أنقرة.