قررت هيئة قناة السويس، للمرة الثانية في غضون أقل من شهر، تخفيض رسوم المرور للسفن الرحلات والناقلات الكبيرة ذات الرحلات الطويلة التي تنطلق من شمال أمريكا إلى الشرق الأقصى دون توقف في أي موانئ أثناء الرحلة لتشجيع وجذب السفن لعبور المجرى الملاحي. وقال خبراء اقتصاديون إن انخفاض إيرادات القناة وتأثرها بتراجع معدل حركة التجارة العالمية أجبرها على مواصلة تخفيض الرسوم لجذب أكبر عدد من السفن, إلا أنهم شددوا على ضرورة وضع ضوابط لهذا التخفيض حتى لايتسبب في كارثة اقتصادية كبيرة للقناة. وتعاني القناة من تراجع كبير في إيراداتها مما أدى إلى الإعلان عنها بالجنيه المصري لاستغلال قيمة تراجعه أمام الدولار بقيمة وصلت إلى 11جنيهًا في السوق السوداء ونحو 8.80 جنيهات. وفي فبراير الماضي، أعلنت إدارة القناة في سابقة هي الأولى من نوعها إيرادات القناة المحققة في مارس الماضي بالجنيه، وحققت نحو 3.477 مليار جنيه مقابل 3.108 مليار جنيه في فبراير المماثل. كما انخفضت الإيرادات في شهري يناير وفبراير من العام الجاري، بينما ارتفعت في شهر مارس مقومة بالجنيه، وهو الشهر الذي فقد فيه الجنيه نحو 14% من قيمته. وكانت قيمة إيرادات القناة تراجعت مقومة بالدولار بنسبة 5.3%، لتبلغ 5.6 مليار دولار عام 2015 مقارنة بمبلغ قدره 5.5 مليار دولار عام 2014. وخفضت الهيئة رسوم المرور من 30% إلي 65% ليشمل السفن الوافدة من موانئ الساحل الشرقي الأمريكي والمتجهة لموانئ منطقتي جنوب آسيا وجنوب شرق آسيا من 30ِ% لتصل إلى 65%، والمعروفة بالرحلات الطويلة، مضيفة أن التخفيضات ستمنح لمدة 90 يوما تنتهي أول سبتمبر المقبل. ويشمل القرار منح سفن الحاويات القادمة من ميناء "نورفولك" بالمحيط الهادي، متجهة إلى موانئ "بورت كيلانج"، تخفيضًا قدره 45% من رسوم العبور العادية، ومنح سفن الحاويات القادمة من الموانئ "جنوب نورفولك" ومتجهة إلى موانئ "بورت كيلانج"، تخفيضا قدره 65% من رسوم العبور العادية، على أن تحصل على تخفيض قدره 55% حال اتجاهها لموانئ كولومبو حتى ماقبل "بورت كيلانج". قال ممدوح الولي الخبير الاقتصادي, إن سفن الحاويات تراجعت بشكل كبير خلال العام الماضي والربع الأول من العام الحالي وفقًا لبيانات هيئة قناة السويس, ومن ثم اتجهت إدارة القناة لتحفيز مرور سفن الحاويات لتمر من القناة بشكل أكبر. وأرجع ذلك إلى أن العديد من السفن القادمة من آسيا إلى أوربا وأمريكا الشمالية غيرت طريقها من قناة السويس إلى طريق رأس الرجاء الصالح، خاصة مع انخفاض قيمة الوقود ولتجنبها دفع رسوم مرور كبيرة من القناة وتحملها طول المدة. وأضاف "شركات الملاحة طالبت أكثر من مرة قناة السويس بتخفيض رسوم المرور للسفن العائدة عبر القناة بنسبة تصل إلى 50%, لذلك تخفيض الهيئة لقيمة المرور مع بعض الاشتراطات هو أمر جيد ويزيد من التفاعل مع الأحوال الملاحية والاقتصادية الدولية بعد انخفاض أسعار النفط وأسعار الناولون البحري". وأشار إلى أن تصريحات الفريق مهاب مميش رئيس الهيئة الأخيرة أوضحت أن الهيئة تقوم بدفع كل إيراداتها بالعملات الأجنبية للبنك المركزي والحصول على الجنيه لسداد المصروفات ورواتب العاملين, مما يوضح أنه لايملك سلطة التصرف لتمويل استكمال مشروع التوسعة والأنفاق عبر سداد مستحقات الشركات الأجنبية, لكن هذه احتمالات ولا يوجد تأكيد أو تصريح من قيادات الهيئة. وأشار الولي إلى أنه بحساب الزيادة في الإيرادات ما بين أغسطس2015 وفبراير كانت هناك زيادة بنحو2.4% بالجنيه مقابل زيادة في سعر الصرف بنحو 15%، "مما يؤكد حتى في حالة حساب قيمة إيرادات القناة بالجنيه فإنها لن تغطي فوائد شهادات الاستثمار". من جانبه، حذر أحمد الشامي الخبير الاقتصادي والملاحي ومستشار النقل البحري ودراسات الجدوى من خطورة استمرار تخفيض الرسوم من 30% إلي 65%, لكنه قد يتم تمريره بواسطة الشروط التي وضعتها إدارة القناة. وأشار إلى أن هذا القرار قد يبدو متوقعا نتيجة للأحداث العالمية التي أدت إلى تباطؤ نمو الاقتصاد العالمي, وتعد عنصر من عناصر الجذب. وأضاف ل"المصريون"، أنه "في أول أبريل من العام تبدأ حركة السفن من ميناء نيويورك في النشاط وحدوث منافسة كبيرة بين السفن في اتجاه الشمال, وقرار إدارة القناة يهدف لمنع اتخاذ هذه السفن لطرق بديلة مثل طريق رأس الرجاء الصالح ودفعهم للمرور من قناة السويس لتحقيق قيمة مضافة وزيادة الإيرادات". ولفت إلى أن تراجع أسعار البترول خفض من تكلفة التشغيل مما دفع بعض السفن لتفضيل اتخاذ مسار آخر بعيدًا عن قناة السويس ومن ثم تؤثر سلبيًا على حركة الملاحة". وتابع: "الاشتراطات التي وضعتها إدارة القناة, ضرورية لضمان تحقيق الهدف من التخفيض الكبير الذي وضعته, ومن أجل الحفاظ على العملاء في ظل تراجع قيمة البترول بشكل كبير.