"النواب" لم يكن فصلًا مدرسيًا، أو درسًا خصوصيًا ليتغيب عنه بعض الطلاب، ويعاقبون لاحقًا على تقصيرهم في دراستهم، ولكنه برلمان الشعب الممثل عن الأمة، والمختص بوضع التشريعات التي تسهل حياة الناس؛ بعدما وثقوا في أعضائه، ومنحوهم الأصوات في الانتخابات ليفاجأوا بأن برلمان عبد العال لم يحضر أحد؛ ليفشل إتمام الجلسات لعدم اكتمال النصاب. وقرر مجلس النواب، رفع جلساته المسائية أمس، الأحد؛ حتى الأسبوع المقبل؛ بعد فشل اكتمال النصاب القانوني، لحضور ما يقرب من 60 نائبًا من أصل 600؛ وهو ما دعاه إلى تأجيل الانعقاد لأكثر من ساعة، ولم تشهد القاعة أي زيادة في عدد الأعضاء. ومن الطريف، أن أحد النواب خالد هلال، هاجم رئيس المجلس عبد العال؛ لعدم التزامه بدخول القاعة في الموعد المحدد للجلسة؛ مما يؤدي إلى تأخر بدء الجلسات العامة عن موعدها، وهو ما رفضه عبد العال، مؤكدًا أنه يجلس في مكتبه، ويتابع اكتمال النصاب من شاشة العرض. "ولما الصحافة بتكتب بنزعل، وكده الصحافة غير مسئولة وإحنا المسئولين"، بهذه العبارة اعترف رئيس مجلس النواب، الدكتور علي عبد العال، بوجود تقصير من المجلس لا يمكن أن يتم السماح به؛ لأنه يسيء إلى سمعة البرلمان. وقال عبد العال، خلال الجلسة، "هذه فرصة أقعد وأحكي معاكم حتى يكتمل النصاب، هناك بقعة سوداء في الثوب الأبيض، هي عدم الالتزام بالحضور، ونتعرض لنقد لاذع من بعض الصحف، وهى تنقل الحقيقة". وتابع رئيس المجلس: "أرجو من النواب الالتزام بالحضور لسبب مهم، هو أن أغلبية القوانين التي نص عليها الدستور، هي قوانين مكملة له، ويستلزم التصويت عليها موافقة ثلثي أعضاء المجلس، وإذا لم يتوفر هذا النصاب بالقاعة سنكون أمام عقبة، كما أن هناك الموازنة العامة للدولة التي يجب الموافقة عليها قبل 30 يونيو الجاري". لم تكن هذه هي المرة الأولى التي يتغيب النواب فيها عن جلسات البرلمان، فقد تكرر هذا المشهد كثيرًا وذلك منذ انعقاده في يناير الماضي حتى وصل الأمر لغياب 117 نائبًا عن الجلسة العامة الأخيرة للبرلمان، والتي تم خلالها منح الثقة لحكومة المهندس شريف إسماعيل، بأغلبية 433 عضوًا. وتغيب النواب عن الحضور؛ يضعهم أمام مأزق كبير أمام الشعب الذي اختارهم في تلك المرحلة الحرجة؛ لإصدار التشريعات التي تضمن لهم حياة كريمة، والعمل على تخفيف الأعباء الثقيلة عليهم جراء ارتفاع الأسعار، كما يصدر هذا التغيب صورة سيئة لسمعة مصر في الخارج؛ وهو ما يجعل البرلمان كأنه لم يكن. الدكتور على عبد العال حاول أكثر من مرة، معالجة هذه المشكلة، ولكن دون جدوى، فلجأ في بعض الأحيان إلى الجزاء، وتارة أخرى إلى الصحافة والتهديد باتخاذ إجراءات حاسمة، قائلًا للنواب الغائبين "إنتوا بتستهتروا بقضايا الوطن". بعض النواب أرجع سبب عدم الاهتمام بالحضور؛ بسبب تجاهل الحكومة والوزراء إلى حضور المجلس عند طلبات الإطاحة؛ وهو ما أكده النائب محمد عطا سليم، قائلًا: "النواب مش حاسين إن ليهم قيمة أو فاعلية، والمشكلة عندك يا ريس، لو سمحت الوزراء لازم ييجوا مرتين في الشهر، علشان النواب يخلصوا مظالمهم". ورد عليه عبد العال، قائلًا: "الدستور لم ينص على حضور الحكومة للجلسة لكي يكون انعقادها صحيحًا، ولو كان الدستور نص على ذلك لكان بمثابة عقبة". وقال النائب أحمد طنطاوي، عضو ائتلاف "25-30"، إن حالات تغيب الوزراء وممثلي الحكومة عن اجتماعات اللجان النوعية بالمجلس عرض مستمر؛ وهو ما يشكل إهانة للنواب، وعدم اعتراف بأهمية المجلس. وأضاف طنطاوي، أنه من المتبع قيام رئيس اللجنة، بإخطار الوزير بموعد اجتماع اللجنة لحضوره، ولكن تغيبه عن الاجتماع يعد إهانة للنواب، مشددًا على ضرورة محاسبة الوزراء المتغيبين عن اجتماعات اللجنة؛ أسوة بالبرلمانات على مستوى العالم.