ظلت الملاعب المصرية نموذجًا بالوطن العربى وربما العالم فى التشجيع المثالى، وكان يحسدنا عليه الكثيرون نظرا لابتكار جماهيرنا أناشيد وطرق تشجيع غير تقليدية, حتى أطل علينا قبل سنوات ما تسمى بروابط أو ميليشيات الألتراس التى جلبت المصائب للرياضة المصرية فى أكثر من مناسبة بسبب هوس وتهور شباب لا يقدر معنى المسئولية حتى حصدنا أكثر من 70 جثة وألف مصاب فى معركة بورسعيد الأخيرة، التى ستظل وصمة عار فى جبين الكرة المصرية على مدار التاريخ. وفى خطوة تعكس الإصرار على التصعيد وربما الأسوأ لم يأت بعد على رغم جسامة فاجعة بورسعيد, طاف العشرات من شبان ألتراس الأهلى صباح أمس ميدان التحرير فى مسيرة رددوا خلالها شعارات غاضبة تنتقد ماوقع من أحداث مؤسفة فى بورسعيد عقب مباراة الأهلى والمصرى البورسعيدى، مطالبين بالقصاص للشهداء مرددين شعار "يانجيب حقهم.. يانموت زيهم". وانضمت المسيرة إلى الأعداد القليلة نسبيًا من المعتصمين بصينية ميدان التحرير، وعبر الشبان الذين تراوحت أعمارهم مابين 15 و20 عامًا عن احتجاجهم وألمهم لمقتل 74 شابًا مصريًا وإصابة المئات بجراح فى أحداث الشغب التى وقعت باستاد بورسعيد. وقال شبان الألتراس المتواجدون بميدان التحرير إن عددهم سوف يتزايد خلال ساعات النهار,. مشيرين إلى اعتزام شباب الألتراس تنظيم مسيرات تلتقى بميدان التحرير ومنه ستتوجه لمقر وزارة الداخلية القريب من الميدان فى الساعة الرابعة بعد عصر أمس. حمل الألتراس علم مصر وراية الأهلى وراية سوداء كبيرة حدادًا على أرواح ضحايا أحداث بورسعيد مرددين هتافات تطلب الرحمة للشهداء، وتؤكد ضرورة معاقبة المسئولين عن وقوع هذه المأساة الكبيرة. وكان الآلاف قد تجمعوا فى محطة مصر الرئيسية للسكك الحديدية حتى الساعات الأولى من صباح أمس، ليكونوا فى استقبال جمهور الأهلى العائد من مبارة بورسعيد ورددوا هتافات مناوئة للمجلس العسكرى ولوزارة الداخلية. وأصدر الألتراس الأهلاوى بيانًا نعى فيه ضحايا أحداث بورسعيد، مؤكدا أن شباب الألتراس فى مصر ليسوا بلطجية أو دعاة للشغب والفوضى؛ لأن الألتراس تحث على تنمية ثقافة نشر الحرية والديمقراطية للشباب المنتمى إليها، مشيرًا إلى معاناته فى السنوات الخمس الماضية فى شتى المجالات من نظام قمعى غبى كان يهدف إلى القضاء على الحركة وعدم وصولها لجميع أفراد المجتمع المنتمى لأحدى الناديين. ولفت إلى أنه فى جميع أنحاء العالم تقف جميع أعضاء المجموعات جنبا لجنب لمقاومة تلك الأنظمة الغبية التى تحارب طاقة الشباب التى تخرج فى حب ناديها بشكل منظم وليس بشكل فوضوى. وأكد البيان استمرار الألتراس فى مساندة الثورة وجماهير الشعب المصرى استنادًا على مبادئه التى تقوم على تحقيق الحريات لجميع طوائف الشعب المصرى مع بداية عام 2011 جاء كل ما يحلم به أى إنسان عاقل واع، وهو أخذ حريته المسلوبة منه من قديم الأزل وكانت لنا المشاركة مع غيرنا من كثير من المصريين الشرفاء وهذا فخر لا ندعيه لأنه واجب على كل إنسان يحيا على تلك الأرض. وتابع الألتراس الأهلاوى: نحن سنظل على مبدأنا لتحقيق الحريات لجميع طوائف الشعب، سنظل نشارك ونقدم الكثير والكثير من أجل الوطن. ولفت إلى حدوث حالات خرق لمبادئ الألتراس فى الفترة الأخيرة، مما استلزم معها وقفة لتصحيح المسار معلنًا عن قبوله مبادرة للتهدئة مناشدًا كل أعضائه وجماهير النادى الأهلى الحفاظ على مصر وعلى أخلاقيات المجتمع المصرى ونشر الصورة الصحيحة للألتراس من خلال ترجمتها إلى أفعال تعبر عن جوهر مبادئ وأخلاقيات الألتراس. وطالب الألتراس فى تلك المبادرة أعضاءه وجماهير الأهلى باحترام أماكن التجمعات الرسمية والذهاب إلى الاستاد بشكل منظم وعدم الاحتكاك بالطرف الآخر وعدم مسح أى جرافيتى خاص بأى مجموعة أخرى. وأضاف أنه قد تم من قبل الاتفاق على مبادرتين للصلح مع أطراف أخرى - لم يوضحها - بدايتها فى عام 2008 والأخرى فى 2009 وتم خرقهما. وناشد جميع الأعضاء الالتزام التام بشروط المبادرة التى تم ذكرها والتى قاموا بطلبها والسعى إليها. من جهته, أصدر ألتراس جرين إيجلز (النادى المصرى) بيانًا بخصوص مجزرة بورسعيد التى وقعت أثناء مباراته مع الأهلى كشف فيه حقيقة موقفه من الاتهامات التى توجه له بالاشتباك مع جماهير وألتراس الأهلى وارتكاب تلك المجزرة، محملا الإعلام مسئولية إشعال الفتنة. وأكد البيان الذى حمل عنوان "البقاء لله .. لن تسقط مِصر ولو كره المفسدون" أن الألتراس تقدم من قبل وتعاهد أمام الله وأمام مجلس إدارة النادى المصرى على تشجيع فريقه فقط، لذا قام بتحضير كرنفال خاص بمباراة الأهلى ودعا إلى عدم الاستماع لأى موقع أو قناة تثير الفتنة مدعية أن جماهير الأهلى قادمة لبورسعيد من أجل إبادتها. وأكد أنه استنكر تلك الادعاءات، وصرح بذلك من خلال صفحته الرسمية على الفيس بوك مؤكدا أن هدفه هو مؤازرة فريقه والفوز بالمباراة، وإظهار كل فرد ألتراس كل ما لديه لخدمة ناديه. وأوضح أنه صدرت تأكيدات للمجموعات من خلال آخر تجمع لها أن الهدف هو الاحتفالية فقط مؤكدا أنه لو كانت لديه نية للتخريب وافتعال العنف كان من الأولى أن يبدأ ذلك بالهجوم على أتوبيسات لاعبى الأهلى لكن تم دخولها، وتم دخول الجماهير فى سلام من أجل مؤازرة ناديها رغم سبها لبورسعيد وظهور لافتة كانت السبب الأول فى نبذ الأزمة فى كل الحاضرين بالملعب. وما حدث أخيرا فى بورسعيد سبقه مقدمات إذ أعرب رئيس اتحاد الكرة سمير زاهر عن مخاوفه من ظاهرة الشغب التى تتزايد فى بطولة الدورى العام جولة بعد أخري. وقال: "من الممكن إلغاء المسابقة الدورى". وعلى الرغم من أن الألتراس أضفت المزيد من البهجة والحماس على كرة القدم إلا أن ظهور روابط التشجيع تسبب فى بعض المشكلات للأندية الجماهيرية. حيث أصبحت الجماهير عرضة للعقوبات المادية، فضلاً عن خوضها لبعض اللقاءات المهمة دون جمهور وهو ما يؤثر على أداء لاعبى هذه الفرق ومسيرتهم فى البطولات المختلفة. وكانت جماهير الأهلى والزمالك قد اقتحمت استاد القاهرة لمتابعة أداء فرقها أمام الداخلية واتحاد الشرطة على الترتيب على الرغم من إقامة هذه المباريات دون جمهور، وهو الأمر الذى أدى إلى احتقان رئيس لجنة المسابقات عامر حسين ودفعه إلى تقديم استقالته قبل أن يتراجع عنها فى وقت لاحق. معنى ألتراس وبداية ظهوره فى مصر ألتراس Ultras هى كلمة لاتينية تعنى الشىء الفائق أو الزائد هى فئة من مشجعى الفرق الرياضية والمعروفة بانتمائها وولائها الشديد لفرقها وتتواجد بشكل أكبر بين محبى الرياضة فى أوروبا وأمريكا الجنوبية وتميل هذه المجموعات إلى استخدام الألعاب النارية "الشماريخ" يطلق وأيضا القيام بالغناء وترديد الهتافات الحماسية لتدعيم فرقهم، كما يقومون بتوجيه الرسائل إلى اللاعبين وتقوم هذه المجموعات بعمل دخلات خاصة فى المباريات المهمة، وكل ذلك يضفى بهجة وحماسًا على المباريات الرياضية، خاصة كرة القدم. ومن أهم مبادئ الألتراس "عدم التوقف عن الهتاف والغناء مهما كانت نتيجة المباراة وعدم الجلوس أثناء المباراة أبدا وحضور أكبر عدد ممكن من المباريات بغض النظر عن التكاليف أو المسافة ويظل الولاء قائمًا للمجموعة المكونة (عدم الانضمام لأخرى) وعدم مهاجمة أحد أو الاعتداء عليه إلا إذا بادر بالإساءة ونبذ كرة القدم الحديثة والاحتراف، الذى جعل من اللاعبين قليلى الوفاء لأنديتهم. وارتداء أى شىء يرمز للنادى من قبعات وأوشحة أو سترات وإحضار أكبر قدر من الألعاب النارية. وللألتراس منسق يرتب الأمور مع مالكى النادى من تذاكر ومقاعد ومخازن من أجل وضع الرايات والأعلام. وعرفت ظاهرة روابط التشجيع الجماعى "الألتراس" طريقها إلى مصر فى بداية عام 2007 وكان أول ظهور لهم فى المدرجات فى 13 إبرايل من العام نفسه عندما قام ألتراس أهلاوى برفع بانر المجموعة فى لقاء فريقه أمام إنبى فى الدورى العام. ومن بعد هذا التاريخ أخذت ظاهرة الألتراس تتفشى فى الملاعب المصرية حتى أصبح لكل فريق من فرق الدورى الجماهيرية ألتراس خاص بها مثل وايت نايتس (الزمالك)، ألتراس يللو دراجون (الإسماعيلى). وتكن جماعات الألتراس على مختلف ميولها عداءً شديدًا للشرطة المصرية حيث عانت الأمرين قبل ثورة 25 يناير من تعنت أمنى واضح وحبس أعضاء المجموعة وغيرها من المشكلات التى تسبب فيها الأمن.