اتخذ قراره ب"المواجهة" ليكون مصيره خلف "القضبان"، رفض دفع الكفالة، وواجه الدولة بابتسامته المعتادة، كانت من أبرز كلامته "همي الأول هو تطهير الجهاز وقطاعات الدولة من الفاسدين", فهو العهد الذي قطعه على نفسه منذ يومه الأول كرئيس للجهاز المركزي للمحاسبات في 2012، عاملًا بمبدأ "ما يواكب فكر الثورة"، للقضاء على الفساد الإداري والمالي داخل هيئات وقطاعات الدولة. إنه "هشام جنينه", رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات السابق, الذي شغل منصب سكرتير عام بنادي القضاة، بمجلس المستشار زكريا عبد العزيز، وكان رئيس الاستئناف بمحكمة استئناف القاهرة، وفي 6 سبتمبر عام 2012, أصدر الرئيس المعزول محمد مرسي، قرارًا بتعيينه بدرجة وزير لمدة أربع سنوات على التوالي.
ومنذ أن تولى منصبه تلحق به الأزمات, حيث لاحقته 3 دعاوى، منها ما طالب ب"عزله" من الجهاز، وأخرى اتهمته ب"أخونة الجهاز"، والثالثة "إهانة القضاء"، حينما طالب بخضوع نادي القضاة للرقابة المالية، غير ما أثاره عن تلقي المستشار عادل عبد الحميد، مكافآت مالية بالمخالفة من الجهاز القومي للاتصالات, وآخرها ذلك التقرير حول وجود فساد بقيمة 600 مليار جنيه في مصر عام 2015، والذي أدانته لجنة تقصي الحقائق، المشكلة من قبل رئيس الجمهورية؛ للبت فيه، وانتهت بنفي التقرير. ومن فترة لأخرى يخرج جنينة ويعلن عن أرقام فساد، ويزعم تقديمه العديد من البلاغات عن وقائع فساد بلغت أكثر من 400 بلاغ للنيابة العامة، إلا أنها لم تحرك ساكنًا، ولم تحقق فيها، كما تعددت الأقاويل وكثرت عن انتماء جنينة للإخوان، وأنه يعمل جاهدًا على التشكيك في نزاهة الدولة، وإصدار العديد من البيانات، وقيل إنه يتردد ويسافر إلى قطاع غزة، حيث تربطه علاقة نسب بجماعة "حماس". خاض المستشار هشام جنينة، رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات، عدة معارك قوية مع المسئولين في الحكومة والوظائف السيادية بالدولة، بعد أن كشف تقارير خاصة بالفساد في العديد من القضايا؛ أدت إلى فتح النار عليه، وكان آخرها معركته القوية مع وزير العدل المستشار أحمد الزند؛ بمخالفته وتورطه في العديد من قضايا الفساد، بالإضافة إلى أزمة تطبيق "الحد الأقصى للأجور"، ولكن لم يقتصر الأمر على الزند فقط، ولكن منذ تولي جنينة رئاسة الجهاز في 2012؛ قام بإرسال ما يقرب من 520 قضية حتى هذه اللحظة إلى النائب العام للتحقيق فيها، وتم فتحها بالفعل بالاستعانة بتقارير الجهاز. وكانت معركة جنينة مع المسئولين تترجم إلى تقارير يرصدها الجهاز المركزي للمحاسبات؛ لمواجهة الفساد، وكانت من ضمن تلك التقارير، التعدي على الأموال بمختلف الهيئات والوزارات، ومخالفات الحزام الأخضر بوزارة الإسكان، وسحب 3 آلاف فدان لمسئول واحد فقط، بالإضافة إلى كشف 295 ملفًا بالقضية لم يتمكن حينها أعضاء الجهاز من فحصها. ومن أبرز قضايا الفساد التي خاضها رئيس المركزي للمحاسبات، هي الهدايا التي كانت تمنح لكبار المسئولين في الدولة وأسرة مبارك، سواء كانت لزوجته ونجليه علاء وجمال وزوجتيهما، بالإضافة إلى زكريا عزمي وزوجته، مرورا بباقي المسئولين والموظفين بالدولة، وهى هدايا مبالغ فيها، ومنحت بشكل سنوي من ميزانيات مؤسسات صحفية كبرى، بالرغم من عجز ميزانيتها، والخسارة التي كانت تحققها هذه المؤسسات. ويضاف إلى ذلك انتشار الظاهرة في الجهات الحكومية بحيث يتهادى كل مسئول في جهته من المال العام. وفي وزارة العدل، الداخلية، المالية والاتصالات، الصحة، وغيرها من القطاعات والمؤسسات التي أوضح فيها جنينة وأبرز تقاريره الخاصة بوقائع فساد لمسئولي تلك الوزارات. وسرعان ما لاحقت جنينة ثلاث دعاوى قضائية منذ توليه منصب رئاسة الجهاز المركزي للمحاسبات، منها ما طالب ب"عزله" من الجهاز، وأخرى اتهمته ب"أخونة الجهاز"، والثالثة "إهانة القضاء"، حينما طالب بخضوع نادي القضاة للرقابة المالية. ومن قبل ذلك وجه جنينة، اتهامات لوزير العدل السابق عادل عبد الحميد عمر, بالحصول على مبالغ دون وجه حق من عضويته في مجلس إدارة الشركة المصرية للاتصالات، وهو ما نفته التحقيقات التي أجريت في القضية، وتم حفظ التحقيقات بها. ودخل في معركة أخرى مع المستشار أحمد الزند، وزير العدل، متهمًا إياه بالضلوع في قضايا فساد، حتى وصل الأمر إلى المحاكم والقضاء، والذي حكم لصالح الزند في النهاية. وآخرها كانت اتهامات بالتضليل وتضخيم حجم الفساد، وفقًا ل«تقصي الحقائق»، الذي روج فيه لأرقام غير صحيحة تضر بالاقتصاد القومي والمصلحة العليا للبلاد. واعتبرت لجنة تقصي الحقائق، تصريحات جنينة المتكررة حول الفساد، أنها تضر بمصالح البلاد، خاصة أن هناك منظمات أجنبية كانت تشارك في وضع دراسة قيمة الفساد في مصر؛ وهو ما يؤثر على عملية جذب الاستثمارات في البلاد، وفي النهاية اختتمت اللجنة تقريرها: «ويبقى القول: الكلمة مسئولية.. والمحاسبة واجبة، والمعرفة من حق الشعب»، وهو ما أحاله الرئيس السيسي إلى مجلس النواب للبت فيه.