تراجع بنك التنمية والائتمان الزراعى، عن قرار وقف تسلم القمح المحلى من المزارعين بمحافظات الصعيد، واستئناف فتح «الشون» لتسلم المحصول فى جميع المحافظات، بعد نحو 24 ساعة، من إصدار البنك قراره، الذى لاقى اعتراضات شديدة من جانب المزارعين وبعض نواب مجلس الشعب، فيما أصدر الدكتور على المصيلحى، وزير التضامن الاجتماعى، تعليمات بالاستمرار فى التسلم وفق ذات المعايير السابقة. وكشف مصدر مسؤول عن أن قرار استئناف تسلم المحصول صدر عقب صدور تعليمات «عليا» بالتراجع عن وقف توريد القمح، خشية تسبب القرار فى حدوث مشكلات مع الفلاحين، وأوضح المصدر - الذى طلب عدم نشر اسمه - أن القرار الأول صدر بعد نفاد الأموال التى كانت وزارة المالية خصصتها لتوريد المحصول المحلى، والتى بلغت نحو 2.6 مليار جنيه. وتابع: «إن المبالغ المعتمدة لتسلم المحصول لا تكفى إلا لتوريد ما بين 1.5 و1.9 مليون طن قمح، رغم أن المستهدف توريده يصل إلى أكثر من 3 ملايين طن، أى ما يعادل نحو ضعف القيمة المخصصة من الوزارة»، ولفت المصدر إلى أنه من المفترض فى حالة توريد القمح المحلى أن تكون الاعتمادات المالية مفتوحة، لعدم وجود «سقف» محدد لكمية التوريد، خاصة أن الحكومة كانت قد أعلنت عن فتح باب تسلم المحصول، حتى آخر حبة قمح لدى المزارعين. وكشف مسؤول بإحدى شركات الصوامع، عن أنه تم تعديل إجراءات توريد المحصول، بعد بدء موسم تسلم القمح ب5 أيام، وأنه كان مقرراً التوريد للجهات الثلاث المسوقة (بنك التنمية والائتمان الزراعى - شركات المطاحن - الشركة القابضة للصوامع)، وفقاً للنظام القديم، إلا أن قراراً وزارياً صدر فى مايو الجارى، بأن يكون بنك التنمية هو المسؤول عن جميع إجراءات التوريد، مما أربك حسابات الفلاحين وباقى الجهات المسوقة، مشيراً إلى أن البنك كان يسعى إلى احتكار عمليات التوريد. وقال محمد صالح، مدير إدارة الصيانة بمديرية التموين فى المنيا، إن مكتب وزير التضامن الاجتماعى أرسل إشارات تليفونية إلى المديريات بتسلم المحصول دون أى تعديلات على المعايير التى كانت متبعة قبل قرار وقف التوريد، وحصلت «المصرى اليوم» على نسخة من مستند صادر عن مكتب رئيس بنك التنمية والائتمان الزراعى، يؤكد أن المبالغ التى خصصتها وزارة المالية لتسلم القمح، هذا الموسم، تكفى لتسلم مليونى طن قمح، وأنه حتى 24 مايو الجارى تم تسلم 1.7 مليون طن، وهو ما يعنى أن المبالغ المالية المتبقية، تكفى لشراء 300 ألف طن فقط. فى السياق ذاته، وصف مصطفى بكرى، عضو مجلس الشعب، قرار وقف تسلم القمح ب«الصادم» واتهم الحكومة فى طلب إحاطة قدمه إلى المجلس قبل صدور قرار استئناف تسلم المحصول، لتوجيهه إلى رئيس الوزراء ووزير الزراعة، بمعاداة الفلاحين لحساب التجار المستوردين من الخارج، وقال: «إن قرار وقف تسلم المحصول سيبدد كل الجهود السابقة، لتشجيع الفلاحين على زراعة القمح لتحقيق الاكتفاء الذاتى». وأضاف بكرى: «إن القرار تسبب فى تكدس الفلاحين أمام الشون احتجاجاً على وقف تسلم محصولهم»، ووصف القرار الذى تم إلغاؤه بأنه كان «سيخرب بيوت المزارعين». يأتى ذلك فى الوقت الذى أعلن فيه أمين أباظة، وزير الزراعة واستصلاح الأراضى، أن الدولة مستعدة لتسلم أى كميات من القمح خلال المرحلة المقبلة، طبقاً للضوابط التى وضعتها اللجنة المعنية بتسلم القمح المحلى، وأضاف فى تصريحات، أمس، أن هناك اعتمادات مفتوحة حالياً لتسلم محصول القمح من المزارعين.. وتوقع زيادة معدلات التوريد، العام الجارى، مقارنة بالأعوام الماضية. وأضاف أباظة أنه أصدر تعليمات مشددة إلى بنك التنمية والائتمان الزراعى للمتابعة المستمرة لتوريد القمح والتأكد من تطبيق إجراءات الدولة لضمان عدم خلط الأقماح المستوردة بالمحلية، وتشجيع جميع الجهات المعنية بتسلم المحصول على الإسراع بإنهاء الإجراءات لتسليم المزارعين مستحقاتهم المالية فور توريد المحصول. فى الوقت نفسه، أعلن على شاكر، رئيس بنك التنمية والائتمان الزراعى، عن بدء المرحلة الثالثة من تسلم المحصول بجميع محافظات الجمهورية، وقال إنه تم تشكيل لجان متابعة للمرور على مختلف الشون التابعة للبنك للتأكد من استمرار عمليات التوريد، وفى القليوبية نفى فكرى قورة، وكيل وزارة التضامن الاجتماعى، توقف توريد القمح من المزارعين، موضحاً أن شون بنك التنمية ومطاحن المحافظة مستمرة فى تسلم المحصول بنفس المعايير، وفى الغربية عاود بنك التنمية والشون تسلم وشراء القمح من المزارعين والموردين، بعد توقف استمر يومين، عقب إعلان البنك الاكتفاء بالكميات التى كان قد تسلمها من المزارعين، مما تسبب فى استياء الفلاحين والموردين.