سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
«المصرى اليوم» ترصد يوميات مهندس سويسرى يعيش فى عشوائيات «أرض اللواء» ساشا: المنطقة «مسخ» دون هوية.. ومحتوى ريفى فى عبوة مدنية.. وثقافة وجهة النظر الواحدة سائدة
تخيل أن شاباً أوروبياً وسيماً حكمت عليه الظروف بأن يترك بلده سويسرا ويعيش فى حى عشوائى بالقاهرة، كيف يستقبل هذه النقلة؟ وكيف يرى الناس؟ وفيم يفكر؟ وماذا يمكن أن يرى؟ وأى انطباعات تبقى لديه عن هذه المفارقة. هذا الخيال هو الحقيقة التى اختارها بنفسه المهندس المعمارى ساشا روسلر، وسعى إليها بكامل إرادته ليستكمل مشروعاً بدأه فى مناطق أخرى من العالم، لدراسة أنماط وتقاليد البناء غير الرسمى، الذى نسميه «العشوائيات»، والتعرف على الجوانب المعمارية والإنسانية للمساكن التى يبنيها الأهالى دون تخطيط رسمى أو ترخيص حكومى. وعلى مدى 3 أشهر أقام ساشا «37 سنة» فى منطقة «أرض اللواء» غربى القاهرة، ضمن منحة إقامة وفرتها المؤسسة الثقافية السويسرية بالتعاون مع جاليرى «آرت اللوا» الذى أسسه الفنان التشكيلى المصرى حمدى رضا، وساشا محاضر أثربولوجى مختص بنظريات البناء والتشييد بكلية المعمار فى زيوريخ بسويسرا، عضو الجمعية البريطانية لأبحاث المعمار الإنسانى بالمملكة المتحدة، وهى جمعية تهتم بتطوير ونشر البحوث ذات الجودة العالية فى مجالات الهندسة المعمارية والتاريخ، والثقافة، وتصميم المدن. قال ساشا ل«المصرى اليوم» إن «أرض اللواء» أشبه بمسخ بلا هوية، وأضاف: «قرأت بعض الدراسات المحلية التى أوحت لى بأن المنطقة أقرب إلى الريف منها إلى المدن، لكننى لم أجد هذا ولا ذاك، بل وجدت «محتوى ريفياً فى عبوة عصرية»، فالحيوانات مثلاً تتحرك بجوار السيارات الحديثة، ووجدت أن الحمار (أو الحصان) له دور يومى فى المنطقة، وكنت فى البداية أتعجب من وجوده فى الشوارع بين السيارات، وأتصور أننى من الممكن أن أراه ولكن فى المزارع والحقول، لكننى وجدته شريكاً أساسياً فى الحياة المعاصرة، حيث العربات الكارو ذات المقطورة التى تقوم بنقل أسياخ الحديد لأطراف المنطقة التى تشهد حمى بناء بالمسلح وارتفاع الطوابق عن المعتاد فى هذه العشوائيات. وتابع ساشا: «وراء هذه المبانى الحديثة، والتى استخدم فى بنائها المواد الحديثة، نجد أسراً تعيش نفس عادات القرى التى نزحت منها، ممنوع الاختلاط بين الجنسين، وممنوع دخول الغرباء للمنازل، فلم يسمح لى بدخول أى من تلك المنازل للتعرف على طرازها الداخلى، وقال لى مضيفى المصرى الذى قضى معظم عمره فى (أرض اللواء): حتى أنا لم أتمكن أبداً من دخول أى بيت من بيوت الجيران، فمن الطبيعى ألا يسمحوا لك بذلك». وأضاف ساشا: «لاحظت أن معظم مساكن (أرض اللواء) مغلقة من 3 اتجاهات وليس لها إلا واجهة واحدة مطلة على الشارع، وهذا فى رأيه يحدد الكثير من السمات وطبائع البشر، فمثلاً صار من الطبيعى ألا يعرف سكان هذه المساكن إلا وجهة نظر واحدة فى الحياة، لأنهم يتعودون على النظر والحركة فى مسارات ضيقة ومحددة سلفاً، كما أن (الفيو) الذى يطلون عليه لا يشجع على التأمل لأنه مغلق ويخفى الأفق وأى فضاءات مفتوحة».