هناك نوعية من اللاعبين لا يعرفون بديلا للتألق مهما تغيرت قمصانهم أو انتماءاتهم، ويبرز بين هؤلاء الهداف الكاميرونى صامويل إيتو، أمل منتخب الأسود غير المروضة فى مونديال 2010 بجنوب أفريقيا. وستكون هذه المشاركة الثالثة لإيتو فى المحفل الكروى الكبير، بعد أن كان أصغر اللاعبين المشاركين فى مونديال 1998 فى فرنسا، حيث شارك فى المباراة التى خسرها منتخب بلاده أمام إيطاليا بثلاثية نظيفة فى الدور الأول، وهو فى السابعة عشرة وثلاثة أشهر. وكان إيتو قد شارك فى أول مباراة دولية له عام 1996 قبل يوم من احتفاله بعيد ميلاده الخامس عشر. وعاد اللاعب ورافق الفريق فى آخر ظهور له قبل ثمانية أعوام فى مونديال كوريا واليابان عام 2002 عندما خرجت الكاميرون من الدور الأول، لكنه أحرز الهدف الوحيد للمباراة التى فاز بها منتخب بلاده على السعودية. وبعد خمس مشاركات مونديالية سابقة انتهت أربع منها بالخروج من الدور الأول، يأمل إيتو فى قيادة فريقه نحو تكرار الإنجاز المونديالى الوحيد حتى الآن بعد عقدين بالتمام والكمال، عندما استطاع الأسد العجوز روجيه ميلا قيادة المنتخب الأفريقى نحو دور الثمانية لأول مرة فى تاريخ فرق القارة السمراء، بعد تحقيق انتصارات مدوية على الأرجنتين ورومانيا وكولومبيا. ولد صامويل إيتو فى العاشر من مارس عام 1981 فى نكون بمدينة دوالا الكاميرونية، حيث عرف طريقه إلى كرة القدم قبل أن يوقع عام 1996 للفريق الثانى بريال مدريد الذى أعاره بعد موسم واحد إلى فريق ديبورتيفو ليجانيس. وفى الموسم التالى عاد إلى الريال الذى أعاره بعد نصف موسم إلى إسبانيول ليعود بعدها من جديد دون لعب مع الأخير إلى ريال مدريد، قبل أن يرحل مجددا دون رجعة هذه المرة إلى ريال مايوركا منتصف موسم 1999/2000. شيئا فشيئا بدأ اللاعب فى احتلال مكانة أساسية فى صفوف فريق الجزيرة الجميلة، الذى قاده إلى الفوز بلقب كأس الملك عام 2003 بالفوز على ريكرياتيفو ويلبا فى المباراة النهائية بثلاثية بيضاء تكفل بإحراز ثنائية منها، أهداها إلى مواطنه الراحل مارك فيفيان فوى الذى وافته المنية فى كأس القارات على أرض الملعب. بعد خمسة مواسم عن جدارة فى صفوف مايوركا، كان إيتو قد احتل صدارة ترتيب هدافى الفريق عبر تاريخه فى بطولة الدورى، كما قاده إلى اللعب فى دورى أبطال أوروبا واحتل صدارة ترتيب هدافيه فيهأيضا، وأدت كل تلك الإنجازات إلى اختياره كأفضل لاعب فى أفريقيا للمرة الأولى عام 2003. وفى عام 2004 انضم إلى برشلونة حيث قاد الفريق نحو الفوز بلقب الدورى وكأس السوبر المحليين فى موسمه الأول، وحصل على جائزة الحذاء البرونزى كثالث أفضل هداف فى أوروبا مرتين متتاليتين عن موسمى 2005 و2006. لكن عام 2006 يبقى متميزا حيث لم يحافظ فيه الفريق على بطولتى العام السابق فحسب، بل توج أيضا بلقب دورى أبطال أوروبا على حساب أرسنال الإنجليزى. وبعد عامين غير موفقين، عادت الإنجازات إلى النادى الكتالونى مع تولى الإسبانى الشاب بيب جوارديولا تدريب الفريق بدلا من الهولندى فرانك ريكارد، وكان أول ما طلبه المدرب الجديد رحيل الثلاثى الكبير البرازيلى رونالدينهو والبرتغالى ديكو وإيتو، الذى لم يرحل فى النهاية كزميليه ليشارك فى أحد أنجح الأعوام فى تاريخ برشلونة. على المستوى الشخصي، فقد إيتو فى اللحظات الأخيرة من الموسم لقب هداف الدورى، إلا أنه فاز مع الفريق بثلاثيته التاريخية فى بطولات الدورى والكأس المحليين ودورى أبطال أوروبا بالفوز على مانشستر يونايتد الإنجليزى حامل اللقب فى المباراة النهائية التى جرت بالعاصمة الإيطالية روما. مع نهاية الموسم، بدا أن جوارديولا لم يكن قد نسى بعد رغبته فى إبعاد إيتو وهو ما نجح فيه معزياً الأمر إلى مشكلة «مشاعر»، الأمر الذى لم يتقبله اللاعب حتى اليوم لكنه وافق على الرحيل إلى إنتر الإيطالى مع مبلغ كبير من المال مقابل انضمام السويدى زلاتان إبراهيموفيتش إلى النادى الكتالونى، والذى لم يتمكن من دفع الجماهير إلى نسيان أسد الكاميرون. وساهم إيتو فى موسمه الأول مع إنتر فى إقصاء برشلونة من نصف نهائى دورى الأبطال ليؤكد أن إنجازاته الفردية كأحسن لاعب أفريقى لثلاثة أعوام متتالية 2003 و2004 و2005 ، وكهداف كأس الأمم الأفريقية فى مصر عام 2006 ليست مجرد تاريخ اقترن بوجوده فى إسبانيا. وعلى الرغم من فوزه بذهبية دورة أوليمبياد سيدنى 2000 مع المنتخب الكاميرونى، إلا أن حلم إيتو دوليا يبقى تكرار ما حدث منذ عقدين أيام ميلا.