الحياة القاسية التى يعانون منها لم تقف حائلاً بينهم وبين السيجارة، فرغم زيادة أسعار السجائر فإنهم لم يتخلوا عنها، ورغم تقدمهم الواضح فى السن فإن السيجارة هى النفس الباقى لهم فى هذه الحياة. لا تملك نجاة عبدالفتاح فى حياتها سوى ذلك الكشك الذى تبيع فيه بضاعتها من السجائر فى الدويقة وبمنطق طباخ السم بيدوقه، بدأت نجاة رحلتها مع التدخين، ولم تنته الرحلة رغم تجاوزها سن الستين نجاة تبرر هذا الإصرار: بدخن بقالى 30 سنة، أنا أساساً واحدة عامية ورجلى وجعانى، يعنى جت على السيجارة هى اللى هتتعبنى وأساساً أنا معنديش حد أخاف عليه أو يخاف عليا عشان أبطل سجاير، والله لو غليت 10 مرات عمرى ما أقدر أبطلها. نجاة تعتبر السيجارة دواء لداء لا تعرفه، فالدواء العادى مش بيحوق فيها حسب تعبيرها، لكن السيجارة تنهى الصداع المستمر الذى يلاحقها، وهى الحالة نفسها التى تعانيها جمالات رمضان، فتجاوزها سن ال75 زادها إصراراً على التدخين، لأن الهم يزيد كلما زادت السن، والسيجارة هى وسيلتها الوحيدة للتخلص من هذا الهم وتلخص: بنت بنتى اطلقت رغم أنها زى القمر، وأنا عيانة وعندى عيال كتير ومش عارفة أصرف عليهم، وأدينى باطلع همى فى السيجارة. جمالات تتلقى هدايا من زوارها وأبنائها لا تزيد على علبة سجائر، تتلقاها بفرحة كبيرة فهى التى تؤنس وحدتها وتخفف آلامها، ورغم زيادة أسعارها فإنها تصر على تدخينها وإن ندرت قائلة: هابطل سجاير لما إيمان بنت بنتى تتجوز، لكن عمرى ما هابطل سجاير عشان صحتى تعبانة هى فين الصحة أساساً. بالمنطق نفسه تمسك «على حشيشة» بالتدخين، رغم أن مظهره وسنه التى تجاوزت 69 عاماً لا يوحيان بأنه قد يحتمل نفساً من سيجارة، يجلس على المقهى ولا تفارقه سيجارته ويروى قصته معها: بدأتها بايع على الرصيف للسجاير الفرط، وبعدين حبتها وتحولت لبائع ومستهلك، ورغم أن الدكتور نصحنى أكتر من مرة بأن أبطلها، بس عمرى ما هاقدر أنفذ نصيحته، لأنه أساساً هو كمان بيدخن ومش عارف يبطل، حشيشة لا يفكر فى الإقلاع عن التدخين رغم ارتفاع أسعار السجائر، ويبرر: ده داء وبيجرى فى الدم.