سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
د. أيمن شبانة أستاذ الدراسات الإسلامية بالولايات المتحدة: دعوة أوباما للحوار مع العالم الإسلامى لم تتبدد لكنها ليست من «الأولويات».. و«بوش» أصاب العالم ب«الإحباط»
أكد أن الرئيس الأمريكى باراك أوباما يسعى لبدء صفحة جديدة من الحوار مع العالم الإسلامى وليس المسلمين فى الولاياتالمتحدة أو الغرب فقط، وأنه يختلف عن سابقه جورج بوش الذى أصاب الكثيرين ب«الإحباط واليأس» بسبب مواقفه من المسلمين ومقولته الشهيرة «إن لم تكن معنا فأنت ضدنا».. «المصرى اليوم» التقت الدكتور أيمن شبانة، مدرس الدراسات الإسلامية والدينية بجامعة «تينسى» بالولاياتالمتحدة، الحاصل على الدكتوراه من جامعة كاليفورنيا على هامش مشاركته فى فعاليات الملتقى العالمى لخريجى الأزهر، الذى نظمته الرابطة العالمية لخريجى الأزهر بالقاهرة.. فكان هذا الحوار: ■ ما أهم المشكلات التى تواجه المسلمين فى الولاياتالمتحدة؟ - المشكلات كثيرة ومختلفة، وأهمها أنه بعد أحداث 11 سبتمبر بدأ قلق المسلمين فى الولاياتالمتحدة والغرب بسبب الخوف الأمريكى والغربى من أى شىء يمت إلى الإسلام بصلة، فوجد المسلمون أنفسهم تحت ضغط نفسى كبير ليثبتوا أنهم مواطنون صالحون طوال الوقت، فالمسلم الأمريكى أو الغربى يكون دائماً فى موقف تبريرى أو دفاعى عن وجوده وهويته. وغالباً ما تقع حوادث فردية ضد المسلمين، ولا نستطيع أن نقول إن هناك تياراً رسمياً، لأن القوانين والسياسات والحكومة الأمريكية تريد أن توضح أن أهم شىء لديها «مفهوم المواطنة»، لكن على المستوى غير الرسمى نجد مسألة الهوية وتعاملات المسلم مع الآخرين فى العمل، وهذا يختلف من مكان إلى آخر ومن شخص إلى آخر. ■ كم عدد المسلمين فى الولاياتالمتحدة؟ - هناك اختلاف فى وجهات النظر، فأقل تقدير هو 6 ملايين مسلم وأعلاها 11 مليوناً، وهذا يرجع لصعوبة الحصول على معلومات مؤكدة لأن أكبر مصدر للمعلومات السكانية والديموجرافية هو التعداد السكانى الأمريكى الذى يتم كل 10سنوات ولا يحتوى على معلومات تدل على الهوية الدينية، وعلى فكرة الإقبال على الإسلام يتزايد فى الولاياتالمتحدة والغرب بسبب وسطيته وتسامحه. ■ هل هناك تنسيق بين المسلمين فى الولاياتالمتحدة؟ - هذا يتوقف على عدد السكان، فإذا كان كبيراً يكون هناك تنسيق أكبر، لأن عدد المسلمين يكون أكثر، لكن نجد فى المدن الصغيرة أن التنسيق يكون أصعب، وفى الوقت الحالى نجد ظاهرة بروز جيل جديد من القادة المسلمين الأمريكيين الذين يحاولون المواءمة وإنشاء مؤسسات تتبنى قضاياهم وتدافع عنهم. ■ هل هناك اضطهاد للمسلمين فى الولاياتالمتحدة؟ - بصورة عامة نستطيع القول نعم، وهناك اعتداءات ومواقف وقعت ضد عدد من المسلمين تدل على الاضطهاد وحدثت وقائع اعتداء وهجوم، لكن السلطات الأمريكية تحاول دائماً إرسال رسائل تطمين إلى المسلمين والمجتمع ككل، بأن الأساس الذى تتعامل به مع الناس هو مبدأ «المواطنة» بغض النظر عن الهوية الدينية أو العرقية. ■ ماذا عن نشر منهج الإمام أبوالحسن الأشعرى «الوسطى» فى أمريكا؟ - أخشى ما أخشاه أن معظم المناقشات فى مثل هذه المؤتمرات يهتم بها الصفوة والعلماء فقط، لكن لو سألنا رجل الشارع العادى فلن تكون لديه معلومات كافية عن الإمام «الأشعرى» فضلاً عن مدرسته، وهذه مشكلة تواجه المسلمين عامة وليس فى الغرب فقط أن يفهموا دينهم، وهذا يحدث لأسباب كثيرة منها الاغتراب وضغوط الحياة، وهناك حاجة ماسة، سواء فى الغرب أو هنا، أن يحاول الناس بذل قدر أكبر فى سبيل فهم التراث مما يؤدى إلى تعزيز الهوية الإسلامية، حينما أقول الهوية الإسلامية لا أقصد المسلمين فى الغرب فقط بل المسلمين فى كل أنحاء العالم. ■ ما رأيك فى جهود الرئيس أوباما للحوار مع العالم الإسلامى؟ - دعوة الرئيس الأمريكى باراك أوباما جيدة، واستقبلها المفكرون سواء فى أمريكا أو العالم الإسلامى بالترحاب، والكلمة التى ألقاها فى القاهرة للعالم الإسلامى استقبلت استقبالاً جيداً، لكن مع مرور الوقت يمكننا القول إنها أبرزت «أولويات»، ربما تكون أكثر إلحاحا على جدول الرئيس أوباما، جعلته مشغولاً بقضايا أخرى مثل الكوارث الطبيعية والشرق الأوسط والحروب فى أفغانستان والعراق، وأعتقد أن الدعوة إلى الحوار لم تختف ولم تتبدد وإنما لم تصبح من الأولويات بالنسبة للرئيس أوباما وغيره من قادة الغرب، وأخشى ما أخشاه أن تكون دعوات ومناسبات محصورة فى النخب الفكرية، لأنه بعد المؤتمرات لا تحدث عمليات المتابعة بسياسات واستراتيجيات فعلية عملية على أرض الواقع، تصدر فيها سياسات وأفكار لكن لابد أن نسأل أنفسنا: كيف نغير الواقع؟ وهذا لا يقلل من أهمية المؤتمرات وإنما ضرورة متابعتها بخطط عملية منهجية طويلة الأجل. ■ من المسؤول عن تشويه صورة الإسلام والمسلمين فى الغرب وأمريكا؟ - المشكلة دائما أنه حينما نسمع كلمة «الإسلام والغرب»، نخوض فى كثير من التعميمات، لماذا تقترن هاتان الكلمتان ببعضهما، المشكلة كبيرة ولها تاريخ وجذور والبعض يرجعها إلى ظهور الإسلام، وآخرون للصراعات فى العصور الوسطى وتيار ثالث للاستعمار وعمليات التغلغل فى العالم الإسلامى. أعتقد أن كثيراً من المسلمين ينتهى بهم المطاف إلى عملية الفضفضة، أو مجرد «نقد الآخر» وبعد ذلك نضع المسؤولية فى عنقه وكأننا برأنا أنفسنا من المسؤولية، وأجد أننا مقصرون فى حق أنفسنا، وأيضا الغرب مسؤول، ولكن قبل اتهامنا للغرب بأى شىء لابد أن نكون أكثر تحديدا فى معنى الغرب هل نقصد «شعوب، سياسات، حضارات، ثقافات»، وبداخلها نجد تقسيمات أخرى، أعتقد أن حل المشكلة لابد أن يبدأ بالشخص نفسه من خلال الإحساس بالمسؤولية والعمل الجاد، ولابد أن يشعر الإنسان بالمسؤولية تجاه عمله ويساهم فى تغيير الواقع. ■ وماذا عن التنظيمات الإرهابية؟ - التنظيمات الإرهابية تشغل مراكز الغرب منذ سنوات وتباينت التحليلات، منها النفسى والاجتماعى والشعور بالإحباط والنقص تجاه الآخر وفقدان القدرة على التغيير من خلال القنوات الرسمية أو الشرعية فيلجأون لهذا الأسلوب لتغيير الواقع الذى يجدونه من وجهة نظرهم غير مثالى، وربما تكون فرصة انعقاد الملتقى العالمى للأزهر مهمة للتذكير بجزء حيوى من تاريخنا الحضارى والثقافى، المتمثل فى تراث المدرسة الأشعرية والنقاشات الجادة لأسئلة رئيسية ومحورية متعلقة بالعقيدة، عقيدة الإنسان تجاه الخالق، والعكس، والإنسان فى الكون والحرية الفردية، لتكون فرصة لإعادة التذكير بجزء كبير من تاريخنا لأن الفقهاء فى الماضى حاولوا فهم واقعهم وتقديم إجابات لأسئلة فرضها عصرهم عليهم، وهذا يضع مسؤولية ضرورة فهم الواقع الذى نعيشه، وتقديم أجوبة وأسئلة فى ضوء الثوابت، ثوابت الدين والهوية الإسلامية الحضارية وهذا أهم تحد يواجه المسلمين فى الوقت الحاضر. ■ ما الفرق بين سياسة أوباما وجورج بوش فى التعامل مع العالم الإسلامى؟ - أعتقد أن الفرق بين أوباما وبوش كبير جدا، على الأقل على المستوى النفسى، لأن الناس أصابها الإحباط واليأس فى أواخر عهد بوش ومدى إمكانية التغيير، ويظل ذلك رهن السياسات الفعلية التى لابد منها لإثبات النوايا الحسنة، ومن الواضح أن بوش كان مرتبطا بتيار فكرى معين، ومن أكثر المقولات التى أثيرت حوله «إذا لم تكن معنا فأنت ضدنا» وعملية المقارنة الحادة شىء غير موجود عند الرئيس أوباما. ■ وهل يسعى أوباما للحوار مع العالم الإسلامى؟ - يرجع ذلك لسؤال مهم: هل نحكم على نوايا أم تصريحات أم أفعال؟ أوباما طبعاً فى كل تصريحاته وخطاباته يؤكد أن احترام الدين الإسلامى وهويته ومشاعر المسلمين ليس فقط فى أمريكا بل فى العالم كله، ويظل فى حاجة لمزيد من الأعمال التى يمكن أن تقرب المسافات، لتقليل الهوة بين العالم الإسلامى والولاياتالمتحدة. ■ من خلال عملك فى الجامعات الأمريكية.. ما رأيك فى جامعات مصر؟ - أنا خريج جامعة الأزهر حصلت على الماجستير فى جامعة «ليدن» بهولندا والدكتوراه من أمريكا، وكانت خبرة عملية مفيدة لى أن أسافر وأتعرف على نظم وثقافات أخرى.. فى ضوء رؤيتى أجد أن هناك فرقاً واضحاً طبعا من خلال أهمية التركيز على أساليب التعليم وأهمية تشجيع الطلاب على التعبير عن أنفسهم والتقليل من الحفظ، وأرى أن الحفظ ليس ظاهرة سلبية ولكن يجب أن يكون هناك فهم واستنباط وزرع الثقة فى الطالب وأن يتعلم ويخطئ. ■ ما الآمال التى تحلم بتحقيقها؟ - أتمنى المزيد من التقدم، وأحلم بغد ومستقبل أفضل للعالم الإسلامى وليس من المفيد أن نستغرق ونبدد جهودنا فى نقد الذات طوال الوقت، والمهم أن يكون لدينا تفاؤل واعتزاز بالنفس بشرط ألا يؤديا إلى شعور كاذب بالطمأنينة وأننا حققنا كل أمنياتنا وإنما يظل الجهد دائماً للوصول لما هو أفضل.