الوقت الذى استغرقه عشاق الزمالك الآن للاحتفال بمرور مائة سنة زمالك.. يبدو أطول جدا من الذى احتاجه جورج مرزباخ لتأسيس نادى الزمالك نفسه.. هذا الرجل الذى لم يبذل أى أحد من قبل أى جهد ليعرفه ويقدمه للناس باعتباره مؤسس الزمالك.. وقد حاولت وتعبت وبحثت كثيرا قبل أن أعرف أنه كان أحد المحامين البلجيك الذين أقاموا بمصر واستوطنوها.. لم يكن مجرد محام خواجة فى المحاكم المختلطة.. وإنما كان أحد المحامين الكبار جدا فى مصر.. وأحد الضيوف الذين يمكن أن يدعوهم السلطان حسين إلى قصر عابدين سواء فى المآدب الرسمية أو للمشورة وإبداء الرأى.. وقد أنعم عليه السلطان بلقب البكوية إلى جانب أوسمة أخرى مثل نيشان النبيل.. ونيشان اللجيون دونيز.. وكان من الواضح أنه رجل حكيم له تجربته القانونية المميزة بدليل أنه أصبح أحد المستشارين القلائل الذين يصغى إليهم البارون إمبان ويلتقى بهم أو يحتاج إليهم وهو يؤسس ضاحية مصر الجديدة.. وأحد القانونيين القلائل الذين يمكن أن يسمع لهم النائب العام ويأخذ بنصائحهم وهو يسعى لحل الأزمة الدستورية بين الملك فؤاد وبين سعد باشا زغلول.. أو تستعين به أرملة السياسى الأمريكى فولك وهى تقاضى حزب الوفد والمصريين جميعهم.. أو يلجأ إليه الملك فؤاد ليخوض حربا قانونية انتفضت لها ساحات المحاكم ضد مصطفى النحاس زعيم الأمة وخليفة سعد زغلول.. وقد فاز مرزباخ بثقة زملائه المحامين فتم انتخابه نقيبا للمحامين أمام المحاكم المختلطة.. وواضح أيضا أن صحبته كانت رائعة وممتعة لدرجة أن يحرص هوارد كارتر على اصطحابه هو وزوجته معه إلى الأقصر أثناء اكتشافه المهم والرائع لمقبرة توت عنخ آمون.. وإلى جانب ذلك كله.. كان رجل خير تعددت مشاريعه وإسهاماته المادية والفكرية والمعنوية فى تأسيس وإنشاء عديد من المستشفيات ووحدات صحية وملاجئ.. وقد أسس هذا الرجل نادى الزمالك عام 1911 تحت اسم قصر النيل.. ثم انتقل به إلى مكان دار القضاء العالى حاليا وغير اسمه إلى نادى المختلط.. ثم ابتعد عن ناديه طائعاً وراضياً عن الإنجاز الذى حققه تاركا الرئاسة للفرنسى بيانكى.. وابتعد عن الرياضة كلها.. بعد ثورة أبناء بولاق لتمصير الزمالك عام 1917.. وبقى جورج مرزباخ يتابع أخبار ناديه من بعيد ويسعد بانتصاراته فى كرة القدم حتى وفاته فى السابع عشر من شهر فبراير عام 1928 بعدما أصبح الزمالك ناديا كبيرا وشهيرا.. واليوم.. بعدما أكمل الزمالك مائة عام من الحياة واللعب والانتصارات والبطولات والتاريخ العريق والجميل.. أظن أنه من المناسب، ومن الضرورى أيضا، أن يتذكر نادى الزمالك هذا المحامى وأن يحتفل به بالشكل اللائق.. لأنه إذا كان هناك كثيرون جدا عشقوا الزمالك وأسهموا فى تألقه وصنع مكانته.. فإن رجلاً واحداً فقط هو الذى أسسه.. اسمه جورج مرزباخ. [email protected]