كشف عدد من المزارعين فى قرى ميت أبوحسين، وميت فضالة، وميت العامل، ودروة، وأبوداود، وسنجيد، التابعة لمركز أجا فى الدقهلية، عن رى حوالى 30 ألف فدان بمياه الصرف الصحى الخام التى يتم إلقاؤها فى ترعة «البزرارى» دون معالجة من مصرف برج النور، بالإضافة إلى إلقاء سيارات الكسح مخلفات الصرف الصحى الخاص بالمنازل فى نفس الترعة، لافتين إلى أن هذه الأراضى تتم زراعتها بالأرز والخضر منذ 25 عاماً. قال محمد فوزى، مزارع من قرية ميت أبوحسين، إن ترعة البزرارى تخدم عدداً كبيراً من القرى، وهى مصدر الرى الوحيد لنحو 30 ألف فدان، ورغم ذلك لا تصلها مياه الرى منذ أكثر من 25 عاماً، ويصب فيها مصرف برج النور، وهو المصرف الرئيسى لمياه الصرف الصحى لأكثر من 20 قرية، ويضطر المزارعون للاعتماد عليها فى الرى. وقال عبدالله عبدالجواد، مزارع، إن سيارات الكسح فى المنطقة تلقى مياه المجارى مباشرة فى الترعة، موضحاً أن المزارعين يستخدمونها فى الرى لعدم وجود بديل. من جانبه، نفى المهندس وهدان محمد بركات، وكيل وزارة الرى فى المحافظة، وجود أى أراض تستخدم مياه الصرف الخام فى الرى، مشيراً إلى أن القانون يمنع إلقاء مياه الصرف الصحى فى المجارى المائية المستخدمة فى الرى، لافتاً إلى وجود بعض المجارى المائية التى تختلط بمياه الصرف الصحى نتيجة للصرف السلبى عليها، لكن ذلك يحدث فى الحدود الآمنة، بالإضافة إلى إلقاء بعض سيارات الكسح حمولاتها فى الترع، وهذه مسؤولية البيئة، موضحاً أنه يتم تحرير محاضر للعاملين فى شركة المياه حال ضبط السيارات التى تلقى المياه فى الترع. وحول تأثير الرى بمياه الصرف الصحى على النباتات والإنسان، قال الدكتور محمد الوكيل، أستاذ متفرغ فى كلية الزراعة بجامعة المنصورة، إن النباتات التى يتم ريها بمياه الصرف الصحى، أو الصناعى، تحتفظ داخل ثمرتها بجميع المعادن الثقيلة، والملوثات وتنقلها بالتبعية للإنسان عند تناولها، بالإضافة إلى أنها تزيد من ملوحة التربة، وتتسبب بمرور الوقت فى بوار الأراضى وعدم صلاحيتها للزراعة، إلى جانب أن تصاعد الرذاذ من مياه الصرف يصيب الفلاحين بأمراض الكبد، والفشل الكلوى، والسرطان عند استنشاقها. وحذر الدكتور محمد أبوالعلا، مدير عام مركز البحوث والتجارب الزراعية فى الكلية سابقاً، من أن المواد الثقيلة قد تنتقل إلى الإنسان بطريقة غير مباشرة عن طريق لحوم الحيوانات والألبان، وتتسبب فى إصابته بالأمراض، لافتاً إلى أن المشكلة موجودة فى أماكن كثيرة مثل مياه ترعة السلام المختلطة بمياه الصرف والكثير من المصارف المنتشرة فى أنحاء الجمهورية، ولا يمكن حلها إلا بإصدار قانون يجرم الرى بمياه الصرف أو المياه المختلطة، وكذلك الصرف فى مياه النيل. وكشف المهندس محمد رجب الزغبى، رئيس قطاعات الدعم الفنى فى الشركة القابضة لمياه الشرب فى المحافظة، عن أن كمية المياه التى يعاد استخدامها فى الرى وتحتوى على مخلفات صرف صحى تقدر بحوالى 19.5 مليار متر مكعب سنوياً، تعادل حوالى 25٪ من مصادر المياه المستخدمة فى مصر، مشيراً إلى أن المياه المعالجة من الصرف الصحى تعادل فقط 40٪ من الصرف الصحى فى مصر، بينما باقى الكمية غير المعالجة تعادل أكثر من 10 مليارات متر مكعب سنوياً، يتم استخدامها فى زراعة مساحات شاسعة، متهماً الهيئة القومية لمياه الشرب والصرف الصحى بعدم التخطيط الجيد فى نشر خدمة معالجة الصرف الصحى على مستوى الجمهورية، قائلاً: «الهيئة أنفقت نحو 80 مليار جنيه استثمارات فى مجال مياه الشرب والصرف الصحى، من بينها خدمة المعالجة، ومع ذلك فإن القرى التى تغطى بتلك الخدمة مازالت لا تتعدى 5٪ من القرى».
