البداية دائما تكون حلم الصغير بأن يصبح بطلا، الحلم الذى ينجح الصغار دائما فى ترويجه. أما الآباء والأمهات فعليهم أن يخرجوا من «حسبة برما» معقدة تفاضل بين الأكل والشرب والمواصلات وبين «دروس اللعبة». البعض يعتبرها استثمارا، وآخرون يسيرون فى الطريق إلى منتصفه منتظرين أن يكف الولد عن «اللعب» فجأة أو يجد هواية أقل فى تكاليفها من الرياضة التى تستنزف دخل الأسرة المحدود. الجميع يشكون من ارتفاع تكاليف «دروس الرياضة» وخصمها المستمر من «مصروف البيت»، لكن أحلام البطولة لا تغادرهم أبدا. فرحت مدام عزة بولدها الذى وقع فى غرام كرة السلة «قلت هواية مفيدة وصحية وتخليه نشيط» لكن بعد قليل بدأت الرياضة تأكل وقت الصغير وأموال الأسرة «ابنى يتدرب على كرة السلة باستمرار، أنفق على تمارينه الخاصة خارج النادى حوالى 800 جنيه شهريا، وأتمنى أن يأتى اليوم الذى يمل ابنى من اللعبة ويقول مش هكمل يا ماما، لأنى أرهقت ماديا فحاليا أتحمل ما لا يطاق، فهناك دائما تكلفة الدروس التعليمية التى تضطرنا للذهاب خارج المدرسة فى مراكز خاصة وفى أكثر من مادة، بالإضافة لذلك هناك دروس التمارين التى أضافت علينا كأسرة عبئا لا يمكن احتماله طويلا ومصروف البيت هيكفى إيه ولا إيه». تضيف مدام عزة «أرهقت عصبيا لأن كل تعبنا يذهب دون فائدة، فحتى الاستمرار فى فرق النوادى يلزمه واسطة، وهناك من يستمرون فى الفريق رغم أنهم غير موهوبين بالمرة وكله بسبب الواسطة.. وحاليا وبعيدا عن النادى ومشاكله فابنى لم يعد يملك وقتا للمذاكرة، فهو مشتت بين النادى والمراكز الخاصة، ويتدرب على أشياء لا نعرف كيف نساعده فيها بعكس الدروس الخصوصية فى مواد التعليم التى نستطيع أن نتابع معه فيها ونساعده بالكثير، لكن كيف أساعد ولدى فى كرة السلة مثلا؟». رشا وريم ونادية أمهات لثلاث فتيات يمارسن لعبة الجمباز، مشاكل لا تنتهى تواجه الأمهات الثلاث بسبب المدرب «الإصابات بقت غير محتملة، كل شوية إصابة لدرجة خلتنا نخاف على العيال». تقدمت الأمهات الثلاث بشكوى لإدارة النادى لكنها، حسب روايتهن، لم تفعل شيئا وكان الطريق الوحيد هو «المدرب الخاص». تقول مدام رشا: نحن نتحمل فوق طاقتنا، فالمطلوب منا دفع ثمن التمرين الخاص الذى يحدده المدرب، والذى قد يبدأ من 30 جنيها وقد يصل إلى 120جنيها فى الحصة الواحدة، فضلا عن دفع اشتراك الصالة، وفلوسنا راحت على اللعبة. وكل هذا بخلاف الوقت الضائع فنحن لا نجد وقتا للاهتمام ببيوتنا».. لم تكن ما قالته رشا مختلفا عن رأى نادية وريم، فجميعهن قد تعبن من «لعب العيال» ورغم إيمانهن بالرياضة إلا أن التكاليف والخوف من الإصابات الشديدة والوقت الضائع تجعل المسألة أكثر صعوبة «نفسنا عيالنا تكره اللعبة عشان نقعد فى بيوتنا ونرتاح».