سيارات نقل و«تكاتك» ومواشى وقليل من البشر هم محتويات المعدية الوحيدة التى تنقلك إلى قرية «الخازندارية» التابعة لمدينة طهطا فى محافظة سوهاج، تلك القرية التى أعلنها تقرير التنمية البشرية كواحدة من أفقر قرى صعيد مصر، ورغم أن تذكرة المعدية لا تتجاوز 50 قرشا، فإن سكان القرية يعانون ارتفاع سعرها. المعدية ليست المعلم الوحيد الذى يدل على حالة الفقر المدقع الذى يعيشه سكان القرية، وعددهم 5 آلاف مواطن، فكل ما فى القرية يدل على ذلك، حتى الأهالى أنفسهم، بملابسهم البالية وأقدامهم الحافية، يشيرون إلى أنهم محرومون من أبسط الحقوق التى يتمتع بها سكان أى قرية أخرى فى قبلى مصر أو بحريها، وهم محرومون أيضا من مشاهدة جمال الطبيعة التى رزقهم بها الله، فالقرية، الواقعة فى حضن الجبل ومياه النيل، تضم 150 منزلا، جميعها لم تصله مياه الشرب والكهرباء وخدمة الصرف الصحى، إلا القليل منها. فى «الخازندارية» استغنى الأهالى، رغما عنهم، عن دورات المياه والأسقف، واتخذوا من الحوائط فواصل بين الأسر وبعضها، ونظرا لطبيعة القرية الجبلية فإن تدرج البيوت فوق بعضها، جعل من السهل كشف البيوت وما يحدث داخلها. هذا الفقر الشديد كانت له أسباب عديدة شرحها على ماهر السيد أحد أهالى القرية قائلا: «معدلات الإنجاب فى الأسرة الواحدة تتراوح بين 5 و7 أطفال، وأغلب الآباء تعدوا سن الخمسين فى حين لا تزيد أعمار الأمهات على30، وقد هجروا زوجاتهم وأبناءهم بحثا عن عمل خارج نطاق القرية، لأنه لا توجد فيها زراعة، إلا فى بضعة أفدنة «طرح البحر» التى تختفى عند زيادة مياه النيل، كما أنه لا توجد صناعة أو حرفة تشتهر بها القرية، فالنساء تعيشن وأولادهن على القليل مما يعود به أزواجهن كل أسبوع أو شهر. خالد محمد عبدالعليم، مدير فرع جمعية الأورمان فى سوهاج قال: سكان القرية يعانون من أمراض الفشل الكلوى لاعتمادهم على مياه غير صالحة للشرب، بالإضافة إلى زيادة أعداد الأطفال المصابين بإعاقات ذهنية وبدنية نتيجة زواج الأقارب»، لافتا إلى اكتشاف 20 حالة إصابة بالسرطان خلال شهر واحد - هو فترة عمل الجمعية فى القرية - وتم خلال تلك الفترة عمل أسقف ل63 منزلا وتوصيل المياه إلى 22 أسرة، والكهرباء إلى 18 أسرة أخرى، بالإضافة إلى إنشاء 11 دورة مياه وتوزيع 60 رأس ماشية على الأهالى، ووعدت منال عبدالحميد مدير العلاقات العامة فى شركة «أوراسكوم تليكوم»، التى قدمت منحة مليون جنيه لتطوير القرية، بأنها ستعمل على تنمية وتطوير باقى منازل القرية.