واجتمع فى مؤتمر «ماردين» 15 عالماً بارزاً من علماء الدين، من بلدان من بينها المملكة العربية السعودية وتركيا والهند والسنغال وموريتانيا والكويت وإيران والمغرب وأندونيسيا، ومن الملاحظ عدم حضور أى عالم دين مصرى هذا المؤتمر المهم فقهياً ودولياً، وكان من بين المشاركين فى المؤتمر الشيخ عبدالله بن بيه، الرئيس التنفيذى، ل«المركز العالمى للتجديد والترشيد» ونائب رئيس الاتحاد العالمى لعلماء المسلمين، ومفتى البوسنة الشيخ مصطفى سيريتش، والقاضى الشيخ عبدالله ولد أعلى سالم رئيس المجلس الدستورى الأعلى بموريتانيا. ونظمه المركز العالمى للتجديد والترشيد وكانوبوس للاستشارات بالتعاون مع جامعة ارتكلو. وأتى تنظيم المؤتمر فى سياق جهود عدد من العلماء المسلمين لاستخدام النصوص الفقهية القديمة، فى محاولة لتفنيد حجج الحركات الإسلامية المسلحة التى تستند إلى تلك النصوص لتعليل نشاطها. تناول الدكتور على القرة داغى، عضو المكتب التنفيذى للاتحاد العالمى لعلماء المسلمين، الفتوى وكيفية إسقاطها على الواقع بشكل خاطئ، مما أدّى إلى نتائج كارثية، كما طالب بألا يتطرق إلى هذا النوع إلا العلماء الراسخون وأن تكون الفتوى جماعية فى مثل هذه القضايا الخطيرة. أما الشيخ الدكتور عبدالوهاب الطريرى، نائب المشرف العام على مؤسسة «الإسلام اليوم»، فقد استحضر تاريخ البلد العظيم تركيا، وما قدّم من خدمات جليلة للإسلام وحَيَّى فكرة المؤتمر، مؤكدًا أنها فرصة لمراجعة تراثنا العلمى مراجعة المستلهم المحبّ المصحِّح لا الكاره الناقم الملُغى. وختم الجلسة العلامة عبدالله بن بيه، رئيس المركز العالمى للتجديد والترشيد، الذى بيّن أن فتوى ماردين فى شأن الدار هى إحدى فتاوى ابن تيمية المتعلقة بماردين لكنها تتعلق بصفة الدار، ولها فرديتها وخصوصيتها، إذ إن الدار فى ذلك الزمان حسب التصنيف المعروف إمّا أن تكون دار إسلام أو عهد أو حرب، وشيخ الإسلام بناء على ما لاحظه فى تركيبة هذه الدار من وجود تمازج بين الفريقين حكم عليها بأنها دار ذات أوجه لوجود أحكام إسلامية ومسلمين. والجلسة الثانية والتى جاءت تحت عنوان «صفة الدار فى التراث وعلى ضوء العولمة» ترأسها فضيلة الشيخ محمد عبد الغفار الشريف وحاضر فيها الاستاذ الدكتور أحمد أوزيل، الأستاذ بمركز الدراسات الإسلامية، والدكتور ناصر الحنينى من جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية. أما الجلسة المسائية الثالثة، «فتوى ماردين: الزمان والمكان، العصر والملابسات» فقد ترأسها الشيخ عبد الوهاب الطريرى، وحاضر فيها كل من الشيخ عايض الدوسرى، والشيخ أحمد عزير، وهو أكاديمى متخصِّص فى تراث ابن تيمية. وفى مداخلة قال الداعية السعودى الشيخ راشد الزهرانى إن مسألة التقسيم لدار إيمان ودار كفر موجودة فى كل العقائد، وموجودة فى الإسلام أيضا، ولكن هناك فهم خاطىء، فالبعض يكفر حتى الدول الإسلامية ويدعو لإعلان الجهاد ضدها، ولا يجوز لأى شخص أن يطبق من تلقاء نفسه. ونبه الزهرانى إلى أنه فى وقتنا الحالى هناك دول أوروبية يوجد بها تسامح مع المسلمين خاصة قبل أحداث الحادى عشر من آيلول «سبتمبر» وأنه يجب احترام من يحترم عقدينا، ولا يجوز لأى شخص إعلان الجهاد. وشدد الداعية على أن المشكلة هى فى الفهم والتفسير الخاطئ لفتاوى ابن تيمية والخروج بها عن السياق التاريخى الذى صدرت فيه. «أعلن علماء فقه مسلمون أن فتوى أصدرها ابن تيمية قبل أكثر من سبعة قرون والتى اعتمدتها بعض الحركات المسلحة لتعليل العمليات الجهادية تعرضت لقراءات «لا يمكن استخدامها فى زمن العولمة الذى تحترم فيه حرية العقيدة وحقوق الإنسان.» وقال هؤلاء العلماء. وجاء فى البيان كذلك أنه مع قيام دول بأنظمة مدنية تحافظ على الحقوق الدينية والعرقية والقومية، ينبغى أن يُعلن العالم برمته «دار سلام وتسامح وتعايش». وطالب البيان العلماء المسلمين ببذل مزيد من الجهود لتفسير الفتوى وتوضيح سياقها التاريخى. وقد أصدر ابن تيمية فتواه إبان المد التترى، ردا على سؤال عما إذا كانت ماردين دار كفر أو إسلام؟ ويستمر التحليل.