حذرت دراسة حديثة أعدها الدكتور عبدالرحمن الزيادى، أستاذ الكبد والجهاز الهضمى، مقرر مجلس العلوم الطبية والتغذية فى أكاديمية البحث العلمى والتكنولوجيا، من تزايد معدلات السمنة والبدانة المفرطة بين المصريين، الأمر الذى يهدد بالإصابة بأمراض القلب، وتصلب الشرايين، وسرطان الكبد، مشيراً إلى أن أكثر من 80% من الأفراد فى سن 15-45 سنة فى مصر يعانون من زيادة الوزن والبدانة، وما يصاحبها من مضاعفات عديدة. وأكدت الدراسة أن السمنة تعيق استجابة مرضى الكبد للأدوية مثل «الإنترفيرون»، كما تؤثر على استجابة مرضى السكر ل«الإنسولين»، داعية إلى تبنى حملة قومية لمكافحة السمنة. وأشارت الدراسة التى حصلت «المصرى اليوم» على نسخة منها، إلى أن مواجهة السمنة يجب أن تكون إحدى ركائز التنمية البشرية فى مصر، بسبب آثارها السلبية على عملية التنمية، وعلى حالة المجتمع الاقتصادية والصحية والعلمية، وقالت الدراسة: «الشخص البدين تقل كفاءته وقدرته على العمل والإنتاج، وتزداد أمراضه عن الشخص العادى، مما يستنزف دخله فى العلاج، وتشير الدراسات إلى كثرة تردد الشخص البدين على الأطباء بحوالى 88% أكثر من الشخص غير البدين، بالإضافة إلى زيادة معدلات استيراد الغذاء، وزيادة تكاليف العلاج للعديد من الأمراض، وبناء مستشفيات جديدة، وهى أمور تؤدى فى النهاية إلى ارتفاع فاتورة الغذاء والعلاج لكل من الأسرة والدولة مما ينعكس سلبا على الدخل القومى للمجتمع». وقال الزيادى فى الدراسة التى حملت عنوان «السمنة.. القاتل الصامت»: «تشير إحصائيات منظمة الصحة العالمية إلى وجود 350 مليون بدين فى العالم، وأكثر من مليار يعانون من زيادة الوزن، وأكثر من 2.5 مليون حالة وفاة فى العالم سنوياً تحدث بسبب السمنة المفرطة، وفى مصر أكثر من 80% من الأفراد فى سن 15-45 سنة يعانون من زيادة الوزن والبدانة، وما يصاحبها من مضاعفات عديدة». وأوضح الزيادى أن التقدم التكنولوجى ووسائل المواصلات، ومن بينها «التوك توك»، والأنماط الغذائية الخاطئة تلعب دوراً كبيراً فى زيادة وزن المصريين وقال: «تغير نمط الحياة بالنسبة للمصريين عامة وسكان الأقاليم خاصة، فغياب ثقافة وأهمية الرياضة بين المصريين، وتزايد انتشار التوك توك فى الأقاليم والمناطق العشوائية، الذى أصبح وسيلة انتقال المواطنين فى المسافات القصيرة، وكان المواطن البسيط اعتاد أن يمشيها فى السابق، بجانب الجلوس أمام التليفزيون لساعات متأخرة من الليل، كلها تمهد الطريق إلى السمنة ومضاعفاتها، خاصة أنهم يعتمدون فى غذائهم على الأرز بالزيوت المهدرجة (السمن النباتى) والعيش والفول والطعمية المقلية فى الزيت المقدوح والطحينة». وأضاف الزيادى: «البدانة فى مصر ما هى إلا نتاج عادات غذائية سيئة، فالمصرى يعتقد أنه عندما يملأ بطنه بالطعام، فإنه يزداد قوة وفحولة، و هو لا يدرى أنه بهذا التصرف يزرع بذور المرض بداخله تدريجياً، وتنمو معه بمرور السنين، خاصة حدوث السمنة بين الأطفال». وحذر الزيادى من أن السمنة فى مناطق البطن تساعد على ترسيب الدهون فى الكبد، وإذا زاد محيط الوسط للرجل عن 102 سم، وللمرأة عن 88 سم، فهنا تبدأ معدلات الخطورة، فالسمنة هى أول الطريق إلى تشحم الكبد، وتصلب الشرايين، والسكر، والضغط، وبالتالى أمراض القلب، ومشاكل الجهاز الحركى. وحول إمكانيات الإصابة بأمراض الكبد، وحدوث مضاعفات لمرضى الكبد بسبب «البدانة» قال الزيادى: إن ترسب الدهون فى خلايا الكبد يضيف عبئاً إضافياً إلى الكبد المنهك، بعدوى الفيروسات الكبدية، حيث تصل نسبة تشحم الكبد بين المصابين بفيروس «سى» إلى حوالى 50%، بنسبة أكبر من مرضى فيروس «بى»، وتشير الأبحاث إلى أن فيروس «سى» يؤدى إلى خلل فى تعامل الجسم مع الدهون، وتزيد نسبة حدوث التشحم الكبدى فى المريض البدين أو مدمنى الكحول. وأكد الزيادى أن البدانة تؤثر على الاستجابة لعلاج الفيروسات الكبدية، بقوله: «من المعلوم أن الاستجابة للعلاج من فيروس (سى) باستخدام الإنترفيرون تقل فى المرضى المصابين بالكبد الدهنى عن غيرهم، كما يسرع ذلك من تطور المرض إلى تليف كبدى، وقد يؤدى فى النهاية إلى حدوث سرطان الكبد، وقد لوحظ أيضا أن استجابة مرضى السمنة للقاح الواقى من الفيروس (ب، أ) أقل من الشخص العادى». وأوضحت الدراسة أن السمنة تعوق عمل الإنسولين بالنسبة لمرضى السكر، مما يهددهم بمضاعفات خطيرة، وذلك فى الوقت الذى تشير فيه الإحصائيات إلى أن حوالى 10-14% من المصريين مصابون بمرض السكر.