أسعار اللحوم اليوم الأحد 19 مايو 2024 في محلات الجزارة    رئيس «إسكان النواب» يرفض مشروع «مشاركة القطاع الخاص في المستشفيات»: ليس به ضمانات تحمي المواطن    توريد 244 ألف طن قمح منذ بدء الموسم بالمنيا    الرئيس السيسى يهنئ محمد إدريس ديبي على الفوز برئاسة تشاد    عاجل.. «صدمة الموسم» في الأهلي قبل إياب نهائي دوري أبطال إفريقيا    وسام أبوعلي: سنقاتل للفوز بدوري أبطال أفريقيا    ياسر إبراهيم: جاهز للمباريات وأتمنى المشاركة أمام الترجي في مباراة الحسم    المشدد 5 سنوات لمحاسب اختلس مبلغا ماليا من جهه عمله في التجمع الخامس    السجن 3 سنوات ل حارس عقار و2 آخرين بتهمة «السرقة بالإكراه» في منطقة التجمع الخامس    لأول مرة.. عرض «انتحار معلن» يمثل مصر بمهرجان آرانيا الدولي للمسرح في الصين    تعرف على النجم الأقل جماهيرية في شباك تذاكر أفلام السينما السبت    رئيس اقتصادية النواب يعدد ضمانات مشاركة القطاع الخاص في تقديم الخدمات الصحية    نصائح مهمة من «الصحة» بسبب الطقس الحار.. تجنبوا الخروج واغلقوا النوافذ    الوقوف فى طابور وحفر المراحيض وصنع الخيام..اقتصاد الحرب يظهر فى غزة    ولي العهد السعودى يبحث مع مستشار الأمن القومى الأمريكى الأوضاع فى غزة    أوكرانيا: القوات الجوية تسقط 37 طائرة روسية دون طيار    المصرين الأحرار عن غزة: الأطراف المتصارعة جميعها خاسرة ولن يخرج منها فائز في هذه الحرب    وزيرة التضامن تلتقي بنظيرها البحريني لبحث موضوعات ريادة الأعمال الاجتماعية    حجازي يشارك في فعاليات المُنتدى العالمي للتعليم 2024 بلندن    رئيس جامعة المنصورة يتفقد سير امتحانات الفصل الدراسي الثاني بالكليات    مدينة مصر توقع عقد رعاية أبطال فريق الماسترز لكرة اليد    وزير العمل يُعلن عدم إدراج مصر على قائمة الملاحظات الدولية لعام 2024    رئيس جهاز السويس الجديدة تستقبل ممثلي القرى السياحية غرب سوميد    الأرصاد: استمرار الموجة شديدة الحارة حتى هذا الموعد    ضبط 100 مخالفة متنوعة خلال حملات رقابية على المخابز والأسواق فى المنيا    إصابة 4 مواطنين فى مشاجرة بين عائلتين بالفيوم    موانئ البحر الأحمر تحقق تداول 704 ألف طن بضائع عامة خلال شهر أبريل الماضي    وزير المالية: حريصون على توفير تمويلات ميسرة من شركاء التنمية للقطاع الخاص    الحب لا يعرف المستحيل.. قصة زواج صابرين من حبيبها الأول بعد 30 سنة    عماد الدين حسين: تعطيل دخول المساعدات الإنسانية لغزة فضح الرواية الإسرائيلية    وزيرة التضامن الاجتماعي تشهد إطلاق الدورة الثانية لملتقى تمكين المرأة بالفن    توقعات الأبراج 2024.. «الثور والجوزاء والسرطان» فرص لتكوين العلاقات العاطفية الناجحة    وزارة التجارة والصناعة تستضيف اجتماع لجنة المنطقة الصناعية بأبو زنيمة    رئيس «النواب»: أي سعى من الحكومة لتطوير المنظومة الصحية سندعمه ونسانده    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأحد 19-5-2024    ترامب ينتقد بايدن مجددًا: «لا يستطيع أن يجمع جملتين معًا»    صور| باسم سمرة ينشر كواليس فيلمه الجديد «اللعب مع العيال»    وزير الصحة: التأمين الصحي الشامل "مشروع الدولة المصرية"    طريقة عمل الكمونية المصرية.. وصفة مناسبة للعزومات    الاسماعيلي يستضيف بيراميدز في مباراة صعبة بالدوري    ضبط 34 قضية فى حملة أمنية تستهدف حائزي المخدرات بالقناطر الخيرية    موعد عيد الأضحى 2024 وجدول الإجازات الرسمية في مصر    الأمور تشتعل.. التفاصيل الكاملة للخلافات داخل مجلس الحرب الإسرائيلي    رفع اسم محمد أبو تريكة من قوائم الإرهاب    رئيس النواب يفتتح أعمال الجلسة العامة    بيت الأمة.. متحف يوثق كفاح وتضحيات المصريين من أجل استقلال وتحرير بلادهم    منها «تناول الفلفل الحار والبطيخ».. نصائح لمواجهة ارتفاع درجات الحرارة    «البحوث الإسلامية» يوضح أعمال المتمتع بالعمرة إلى الحج.. «لبيك اللهم لبيك»    أسعار الدولار اليوم الأحد 19 مايو 2024    إقبال الأطفال على النشاط الصيفي بمساجد الإسكندرية لحفظ القرآن (صور)    حقيقة فيديو حركات إستعراضية بموكب زفاف بطريق إسماعيلية الصحراوى    إصابات مباشرة.. حزب الله ينشر تفاصيل عملياته ضد القوات الإسرائيلية عند الحدود اللبنانية    الحكم الشرعي لتوريث شقق الإيجار القديم.. دار الإفتاء حسمت الأمر    تعليق غريب من مدرب الأهلي السابق بعد التعادل مع الترجي التونسي    مدرب نهضة بركان: نستطيع التسجيل في القاهرة مثلما فعل الزمالك بالمغرب    عماد النحاس: وسام أبو علي قدم مجهود متميز.. ولم نشعر بغياب علي معلول    نقيب الصحفيين: قرار الأوقاف بمنع تصوير الجنازات يعتدي على الدستور والقانون    الأزهر يوضح أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



القمص سرجيوس خطيب ثورة 19.. سيرة تحطم الحواجز بين الدين والسياسة

قس وخطيب وثائر وطنى يُعد نموذجاً حياً لمعنى الوحدة الوطنية، لم يعبأ بمنصب ولم يخف من سلطان، عاش حاملاً رأسه فوق يديه ووقف فى وجه الإنجليز فى مصر والسودان وخطب فى الأزهر وفى مسجد ابن طولون وفى العديد من مساجد مصر وألهب مشاعر المصريين جميعاً بما وهبه الله من موهبة الخطابة وبلاغة اللسان، إنه القمص سرجيوس المولود ب«جرجا» فى سوهاج سنة 1882م، ورُسِمَ قساً على بلده «ملوى» باسم القس ملطى سرجيوس، ثم عُيِّن وكيلاً لمطرانية أسيوط فى 30 أكتوبر سنة 1907م. اشتهر بغيرته على دينه، وألمه الشديد على مجد أمته الزائل، وكان رجلاً ثائراً على كل ما لا يُرضيه، ولكن ثورته اقتصرت فى بداية حياته على تمسكه الشديد بعقيدته.
أصدر الأب سرجيوس مجلة «المنارة المرقسية» فى سبتمبر سنة 1912م فى مدينة الخرطوم عندما كان وكيلاً لمطرانيتها، وكان هدف المجلة دعوة الأقباط والمسلمين إلى التضامن والتآخى، وتقويم الاعوجاج الذى تأصل فى الأقباط ككنيسة، والضرب عن العادات التى أضلَّت الشعب وأفسدت ما ورثناه من الآباء القديسين، غضب عليه الإنجليز وأمروا بعودته إلى مصر فى أربع وعشرين ساعة، وكانت آخر كلماته للمدير الإنجليزى: «إننى سواء كنت فى السودان أو فى مصر لن أكف عن النضال وإثارة الشعب ضدكم إلى أن تتحرر بلادى من وجودكم».
 فى ثورة سنة 1919م، برز القمص سرجيوس وسط الثائرين، فكان أشبه بعبدالله النديم، إذ وهبه الله لساناً فصيحاً يهز أوتار القلوب إلى حد جعل سعد زغلول يطلق عليه لقب خطيب مصر أو خطيب الثورة الأول. عاش فى الأزهر لمدة ثلاثة شهور كاملة يخطب فى الليل والنهار مرتقياً المنبر، معلناً أنه مصرى أولاً ومصرى ثانياً ومصرى ثالثاً، وأن الوطن لا يعرف مسلماً ولا قبطياً، بل مجاهدون فقط دون تمييز بين عمامة بيضاء وعمامة سوداء، وقدم الدليل للمستمعين إليه بوقفته أمامهم بعمامته السوداء، وهو نفسه الشخصية التى ظهرت فى أحد أفلام حسن الإمام «ثلاثية نجيب محفوظ» معتلياً المنبر يخطب فى المسلمين مؤكداً الوحدة الوطنية أثناء ثورة 1919.
ذُكِر عنه أنه ذات مرة وقف فى ميدان الأوبرا يخطب فى الجماهير المتزاحمة، وفى أثناء خطبته تقدم نحوه جندى إنجليزى شاهراً مسدسه فى وجهه، فهتف الجميع: «حاسب يا أبونا، حايموتك»، وفى هدوء أجاب أبونا: «ومتى كنا نحن المصريين نخاف الموت!! دعوه يُريق دمائى لتروى أرض وطنى التى ارتوت بدماء آلاف الشهداء. دعوه يقتُلنى ليشهد العالم كيف يعتدى الإنجليز على رجال الدين».
 وأمام ثباته واستمراره فى خطابه تراجع الجندى عن قتله، مرة أخرى وقف هو والشيخ القاياتى يتناوبان الخطابة من فوق منبر جامع ابن طولون، فلما ضاق بهما الإنجليز ذرعاً أمروا بنفيهما معاً إلى رفح فى سيناء.. وكانا فى منفاهما يتحدثان عن مصر، ويتغنيان بأناشيد حبهما لها.
كذلك انشغل فى المنفى بكتابة الخطابات، وإرسالها إلى المندوب السامى البريطانى.. يندد فيها بسياسة الإنجليز، ويعيب عليهم غطرستهم وحماقتهم فى معاملة الوطنيين، وعلى الأخص فى معاملة قادتهم وزعمائهم.
وقضى الأب سرجيوس والشيخ القاياتى ثمانين يوماً فى هذا المنفى، وبعد ذلك ظل يخطب فى كل مكان فى المساجد والكنائس والأندية والمحافل وفى الشوارع والميادين، كتب فى الدفاع عن الإيمان أما فيما يتعلق بالكنيسة، فبالإضافة إلى مجلة «المنارة المصرية» أصدر عدداً كبيراً من الكتب التى دافع فيها عن الإيمان المسيحى، التى رد فيها على الكثير من الأسئلة والافتراءات، ولم يكتفِ فى كتبه بتقديم الأدلة من الكتاب المقدس بل استند أيضاً إلى الكثير من الآيات القرآنية واقتباسات من كبار المفكرين المسلمين، كذلك كتب الكثير من المقالات فى مجلات غير مجلته، كان يوقع عليها باسم «يونس المهموز».
ظل القمص مرقس سرجيوس زوبعة عاصفة إلى آخر نسمة فى حياته بالرغم من شيخوخته، إذ وافته المنية عن إحدى وثمانين سنة، وكان ذلك فى 5 سبتمبر سنة 1964. وأبت الجماهير الشعبية التى اشتركت فى تشييع جنازته إلا أن تحمل نعشه على الأعناق، ثم أبدت الحكومة اعترافها بجهاده الوطنى بأن أطلقت اسمه على أحد شوارع مصر الجديدة بالقاهرة.
وكتب عنه الدكتور محمد عفيفى رئيس قسم التاريخ بكلية الآداب جامعة القاهرة فى مقدمة كتابه (الدين والسياسة)، الصادر عن دار «الشروق»، أنه «عندما بدأ التخصص فى تاريخ الأقباط الحديث والمعاصر، بدأ أيضاً فى التعرف على شخصية القس سرجيوس عن قرب.. ووجد ذكراه حية فى قلوب الكثير من أهالى شبرا والقللى».
سيرة حياة القمص سرجيوس ثرية حقاً، عندما يقلب القارئ صفحاتها سيجد مواقف ومعارك مع البابوات والأقباط من كيرلس الخامس حتى كيرلس السادس، ومع الزعامات والشخصيات التاريخية من سعد زغلول إلى النحاس، وحسن البنا، والنقراشى، ومكرم عبيد، والملك فاروق، ومحمد نجيب، وعبدالناصر، إنها سيرة تحطم الحائط الوهمى بين الدين والسياسة فى تاريخ مصر المعاصر.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.