أنشطة وفعاليات متنوعة.. معهد إعداد القادة يرسم ملامح جيل واعٍ ومبدع    قافلة دعوية مشتركة بين الأوقاف والإفتاء والأزهر الشريف بمساجد شمال سيناء    استقرار أسعار الخضراوات وانخفاض سعر البصل بالفيوم    قتلى وجرحى.. كتائب القسام تعلن استهداف ناقلة جند إسرائيلية في جباليا    الأهلي يواجه الترجي بالزي الأسود في نهائي دوري أبطال إفريقيا    ضبط 38 كيلو دجاج غير صالحة للاستهلاك الآدمي بمطعم بالفيوم    طلعت: إنشاء قوائم بيضاء لشركات التصميم الالكتروني لتسهيل استيراد المكونات    البيئة: بعثة البنك الدولي تواصل مناقشة نتائج تقييم ممارسات إدارة مخلفات الرعاية الصحية بالمستشفيات الجامعية    59 ألف متقدم لمسابقة المعلمين في يومها الثالث    رسائل السيسي للعالم لوقف إطلاق النار في غزة ورفض التهجير    سموتريتش: السيطرة على غزة ستضمن أمن إسرائيل    نقل شعائر صلاة الجمعة من مسجد السيدة زينب (بث مباشر)    "بعد 4 أشهر من وفاة والدته".. حفيظ دراجي ينعى أحمد نوير مراسل بي إن سبورتس    تجديد تكليف مى فريد مديرًا تنفيذيًا للتأمين الصحى الشامل    تفاصيل حادث الفنان جلال الزكي وسبب انقلاب سيارته    الأمن العام: ضبط 13460 قضية سرقة تيار كهربائى خلال 24 ساعة    لعدم تركيب الملصق الإلكتروني .. سحب 1438 رخصة قيادة في 24 ساعة    «جمارك الطرود البريدية» تضبط محاولة تهريب كمية من أقراص الترامادول    خمسة معارض ضمن فعاليات الدورة الثانية لمهرجان إيزيس الدولي لمسرح المرأة    جوري بكر تعلن انفصالها عن زوجها رسميًا.. ماذا قالت؟    عيد ميلاد عادل إمام.. قصة الزعيم الذي تربع على عرش الكوميديا    بشهادة عمه.. طارق الشناوي يدافع عن "وطنية" أم كلثوم    "الإفتاء" توضح كيفية تحديد ساعة الإجابة في يوم الجمعة    في يوم الجمعة.. 4 معلومات مهمة عن قراءة سورة الكهف يجب أن تعرفها    محافظ أسيوط ومساعد وزير الصحة يتفقدان موقع إنشاء مستشفى القوصية الجديد (صور)    محافظ أسيوط ومساعد وزير الصحة يتفقدان موقع إنشاء مستشفى القوصية المركزي الجديد    كوريا الجنوبية: بيونج يانج أطلقت صاروخًا باليستيًا تجاه البحر الشرقي    بحوزته 166 قطعة.. ضبط عاطل يدير ورشة تصنيع أسلحة بيضاء في بنها    روسيا: مستعدون لتوسيع تقديم المساعدات الإنسانية لسكان غزة    أحمد السقا عن أصعب مشهد بفيلم «السرب»: قنبلة انفجرت حولي وخرجت سليم    ليفربول يُعلن رحيل جويل ماتيب    توريد 192 ألف طن قمح لشون وصوامع البحيرة حتى الآن    الحبس والغرامة.. تعرف على عقوبات تسريب أسئلة الامتحانات وأجوبتها    مصر تفوز بحق تنظيم الاجتماعات السنوية للبنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية في 2027    برنامج للأنشطة الصيفية في متحف الطفل    الانتهاء من القرعة العلنية اليدوية لحاجزي الوحدات السكنية ب4 مدن جديدة    مواعيد مباريات الجمعة 17 مايو.. القمة في كرة اليد ودربي الرياض    تأهل هانيا الحمامي لنصف نهائي بطولة العالم للإسكواش    بعد 3 أسابيع من إعلان استمراره.. برشلونة يرغب في إقالة تشافي    انطلاق قافلة جامعة المنصورة المتكاملة "جسور الخير-21" المتجهة لحلايب وشلاتين وأبو رماد    في 5 دقائق.. طريقة تحضير ساندويتش الجبنة الرومي    سعر الدينار الكويتي اليوم الجمعة 17-5-2024 مقابل الجنيه المصري بالبنوك    خبير سياسات دولية: نتنياهو يتصرف بجنون لجر المنطقة لعدم استقرار    تقنية غريبة قد تساعدك على العيش للأبد..كيف نجح الصينيون في تجميد المخ؟    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الجمعة 17-5-2024 في المنيا    الاغتسال والتطيب الأبرز.. ما هي سنن يوم «الجمعة»؟    انطلاق امتحانات الفصل الدراسي الثاني لطلاب الشهادة الإعدادية بالجيزة.. غدا    جيش الاحتلال: اعتراض مسيرة أطلقت من لبنان وانفجار أخرى في الجليل الغربي    حدث ليلا.. أمريكا تتخلى عن إسرائيل وتل أبيب في رعب بسبب مصر وولايات أمريكية مٌعرضة للغرق.. عاجل    يوسف زيدان: «تكوين» امتداد لمسيرة الطهطاوي ومحفوظ في مواجهة «حراس التناحة»    بسبب عدم انتظام الدوري| «خناقة» الأندية المصرية على البطولات الإفريقية !    هانئ مباشر يكتب: تصنيف الجامعات!    مواقيت الصلاة اليوم الجمعة 17 مايو 2024    برج الجدى.. حظك اليوم الجمعة 17 مايو: "جوائز بانتظارك"    " بكري ": كل ما يتردد حول إبراهيم العرجاني شائعات ليس لها أساس من الصحة    لا عملتها ولا بحبها.. يوسف زيدان يعلق على "مناظرة بحيري ورشدي"    طارق مصطفى: استغللنا المساحات للاستفادة من غيابات المصري في الدفاع    ترقب المسلمين لإجازة عيد الأضحى وموسم الحج لعام 2024    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



جغرافيا النزاع الدينى

يقول باولو كويلهو (الأديب البرازيلى العالمى) على لسان فارس النور مناجيا قلبه: «لقد مررت بكل هذا من قبل».. ويجيب القلب: «أجل لقد مررت بكل هذا من قبل، لكنك لم تتجاوزه».
(1)
تحدثنا كثيرا عن النزاع الدينى فى مصر و«تاريخه» منذ مطلع السبعينيات، والمراحل الأربع التى مر بها بداية من المرحلة العنفية من قبل جماعات العنف المسلح، ومرورا بمرحلة الاحتقان المجتمعى نتيجة التأخر فى معالجة تداعيات المرحلة الأولى حيث تتحول كل واقعة ذات طابع مجتمعى إلى نزاع دينى لمجرد أن أحد طرفى الواقعة مسيحى والطرف الآخر مسلم، ثم مرحلة السجال الدينى والتنابذ بالأديان وما يترتب على ذلك من نفى للآخر الدينى سواء معنوياً أو مادياً، وأخيرا ما أطلقنا عليه مرحلة التناحر القاعدى على مستوى المواطنين العاديين والتى بدأت مع واقعة العياط وكانت ذروتها نجع حمادى.. وكنا نظن أنها ستكون آخر الأحزان وذلك لكل ما رافقها من ملابسات.. ولكن ما لبثت أن وقعت أحداث مرسى مطروح.. ما الجديد؟
(2)
يمكن القول أنه لا جديد من حيث إن الواقعة هى صورة كربونية من وقائع حدثت عبر التاريخ على مدى أربعة عقود منذ أخميم (1970) والخانكة (1972).. فالسيناريو هو نفس السيناريو.. رغبة فى التوسع من قبل طرف من خلال أرض أو سور أو مبنى.. وإشاعة تسرى.. وعنف يحدث.. ونُستغرق كلنا فى التفاصيل الصغيرة.. ثم يناشدنا البعض بالتهدئة.. ويتحرك البعض الآخر لاحتواء الموقف من خلال تطييب الخواطر.. ولا أحد يعرف ما الذى حدث.. ولماذا.. ومن المخطئ وعلى من تقع المسؤولية.. وتتعدد الكتابات وتعقد الندوات ويجتهد المجتهدون.. ثم يخمد كل شىء فى انتظار الواقعة الجديدة.. أى أن الواقعة التى جرت منذ ثلاثة أيام تاريخيا لا جديد فيها.
الجديد هو «الجغرافيا».. حيث انتقلت أحداث النزاع الدينى إلى غرب مصر المحروسة إلى مرسى مطروح بحصيلة أولية تقدر بثلاثين مصابا.
(3)
لقد ارتحنا كثيرا للتفسير الذى يقول بأن النزاع الدينى يكثر فى مناطق بعينها ولأسباب تفرضها طبيعة هذه المناطق، وتعددت الدراسات التى تصب فى هذا الاتجاه. ودعم هذه الفرضية تركز العمليات التى كانت تقوم بها مبكرا الجماعات الجهادية فى الصعيد.. ولكن مع مرور الوقت لم نلتفت إلى أن أحداث النزاع الدينى بدأت، وبصورة ناعمة، تمتد إلى كل بقعة من ربوع مصر، تقريبا، إلى العاصمة ومنطقة بحرى والإسكندرية وأخيرا مرسى مطروح.
إن هذا الامتداد الجغرافى للنزاع الدينى لهو أمر جدير بالتأمل والدراسة لأنه يتجاوز حصره فى مناطق محددة ولأسباب بعينها، وأن جغرافيا التوتر الدينى قد انتشرت فى جسم مصر أم الدنيا.. وباتت كل بقعة من بقاعها تجمع بين المواطنين المصريين من المسلمين والمسيحيين مشروعاً محتملاً للنزاع.
(4)
إن أهم ما يجب الانتباه إليه هو أن «الاستمرار التاريخى» للنزاع الدينى، قد أدى إلى «الانتشار الجغرافى» للنزاع.
وإن عدم قدرتنا على تجاوز النزاع الدينى تاريخيا جعلنا نتعايش معه.. الأمر الذى سمح مع مرور الوقت بأن يمتد النزاع جغرافيا إلى ربوع مصر.
(5)
إن النظرة التحليلية السريعة تقول إن مصر تواجه إشكالية حقيقية فى العلاقات الإسلامية المسيحية علينا أن نواجهها بكل أمانة.. ومن قبل كل الأطراف دون استثناء.. فلقد بات الحيز العام أو المجال العام (بلغة العلوم السياسية) والذى أعرفه بأنه «مكان لقاء المختلفين»، يضيق بمكوناته.. فبدلا من أن يتنافس المصريون فى المجال العام سياسيا ومدنيا لمواجهة القضايا والإشكاليات الجديرة بأن ينشغلوا بها معا من تغيير سياسى واقتصادى، والتعاطى مع الأزمات التى باتت مزمنة وتمثل تهديدا حقيقيا لمستقبل هذا الوطن: من تناقص للموارد المائية، ولمصادر الطاقة، والبطالة، والأمية، والزيادة السكانية، وضعف مستويات التعليم والصحة... إلخ.. نجد المصريين وقد أصبحوا يتنافسون على أساس دينى فى المجال العام.
(6)
ويبقى السؤال.. هل يمكن أن تواصل الجماعة الوطنية مسيرتها فى ظل نزاع دينى متكرر.. ألا تكفى أربعة عقود من النزاع المستمر، ألا يمكن أن نستهل العقد الخامس وقد تجاوزناه.. هناك الكثير من الأفكار والمقترحات التى كانت محل اجتهاد من الكثيرين بيد أن الأمر يحتاج بالإضافة إلى هذه الاجتهادات إلى نوع من المصارحة والمكاشفة لتجاوز «التكلس» الذى حدث على مدى عقود.. فلقد صارت هناك ثقافة «مانعة» ترى فى بناء الكنيسة أمرا غير مقبول.. كما صارت هناك ثقافة «متحفظة» من أن هناك ما يتهدد الإسلام.
إن قراءة بعض مما يتم تداوله فى الإعلام الإلكترونى لا يثير القلق فقط وإنما الخوف.. وهو ما يفسر لماذا بالرغم من مرورنا بكثير من النزاعات الدينية لا نستطيع أن نتجاوزها بل نجدها تنتشر جغرافيا..وهو ما يستدعى أن يتحمل كل طرف مسؤولياته.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.