«التضامن» تقر قيد لائحة النظام الأساسى ل4 جمعيات بالقاهرة والقليوبية والشرقية    العمل تشارك فى احتفالية الاتحاد المحلي لعمال أسيوط    أسعار اللحوم اليوم الاثنين 13-5-2024 في مصر.. «اعرف بقت بكام»    أسعار الأسمنت اليوم الاثنين 13-5-2024.. الطن يسجل 2000 جنيه    تداول 15 ألف طن بضائع عامة ومتنوعة و806 شاحنات بموانئ البحر الأحمر    «المصري للفكر»: مصر قادرة على مراعاة اتفاق السلام دون التغاضي عن جرائم إسرائيل    إنجاز 98% من المشروع.. وزير الإسكان يتفقد موقع سد «جوليوس نيريري» بتنزانيا    تغييرات في الحكومة الروسية وإقالة وزير الدفاع.. كيف يستعد بوتين لحرب طويلة الأمد؟    نتنياهو: الحرب يمكن أن تنتهي في قطاع غزة غدا إذا استسلمت حماس    باحثة: القاهرة بدأت في الضغط على إسرائيل    السفير الأمريكي لدى إسرائيل ينفي حدوث تغير في العلاقات الثنائية    الدفاعات الجوية الروسية تدمر 16 صاروخا و35 طائرة مسيرة من أوكرانيا خلال الليل    تعرف على الحالة المرورية في عدة محافظات.. كثافات بشارع رمسيس    مصرع طفل رضيع في حادث موتوسيكل بالشرقية    لمواليد برج الجدي.. التوقعات الفلكية من 13 إلى 19 مايو 2024: «أخبار سعيدة خاصة بالعائلة»    فيلم السرب يواصل صعوده في قائمة الإيرادات بالسينما.. يقترب من 25 مليون جنيه    شيخ الأزهر يزور مسجد السيدة زينب بعد الانتهاء من عمليات التجديد    فوائد غير متوقعة لمشاهدة أفلام الرعب.. تعرف عليها    مواعيد مباريات الإثنين 13 مايو 2024.. ليفربول ضد أستون فيلا وختام ملحق دورة الترقي    اليوم.. «محلية النواب» تناقش موازنة محافظتي القاهرة والإسكندرية للعام المالي 2024/ 2025    البورصة تخسر 23 مليار جنيه في مستهل تعاملات الإثنين    تعرف على الحالة المرورية بالقاهرة والجيزة    شقيقان يقتلان شابا فى مشاجرة بالسلام    سؤال برلماني حول خطة السياحة لرفع الطاقة الفندقية    السكة الحديد تعلن تأخيرات القطارات المتوقعة اليوم الإثنين    محافظ القليوبية يتفقد أعمال تطوير مداخل مدينة بنها    حظك اليوم الإثنين، رسائل لبرجي الأسد والميزان (فيديو)    بث مباشر.. جولة الرئيس السيسي لمنطقة الضبعة وتفقد مشروع مستقبل مصر    الأوبرا تحتفي بعمار الشريعى على المسرح الكبير    عبدالملك: سيناريو لقاء الإياب مختلف تمامًا.. ونهضة بركان سيدافع بقوة أمام الزمالك    السيطرة على حريق فى كافية بشبين القناطر دون خسائر بالأرواح    بدء امتحانات الصفين الأول والثاني الثانوي بالشرقية إلكترونيًا وورقيًا    أرتيتا يثني على لاعبي أرسنال    الافتاء توضح حكم ارتداء المرأة الحجاب عند قراءة القرآن    التعليم: امتحانات الثانوية العامة ستكون خالية من الأخطاء الفنية    أسباب وحلول لأرق الحمل: نصائح من الخبير لنوم هانئ    أسعار الأسماك اليوم الإثنين 13 مايو 2024 في الأسواق.. كم سعر السمك البلطي؟    عقد مناظرة بين إسلام بحيري وعبدالله رشدي حول مركز "تكوين الفكر العربي"    مدحت العدل: ياسمين صبري معملتش دور جامد لحد دلوقتي    مؤلفة مسلسل «مليحة»: استخدمنا قوة مصر الناعمة لدعم أشقائنا الفلسطينيين    هل يجوز التوسل بالرسول عند الدعاء.. الإفتاء تجيب    وزير التعليم: هناك آلية لدى الوزارة لتعيين المعلمين الجدد    بطولة العالم للاسكواش 2024.. مصر تشارك بسبع لاعبين في الدور الثالث    جهاد جريشة يعلق على ركلة جزاء نهضة بركان أمام الزمالك وتجاهل الحكم لطرد مباشر    تدريبات خاصة للاعبي الزمالك البدلاء والمستبعدين أمام نهضة بركان    بعد الخطاب الناري.. اتحاد الكرة يكشف سبب أزمة الأهلي مع حسام حسن    مخاوف في البرازيل مع ارتفاع منسوب الأنهار مجددا في جنوب البلاد    لا أستطيع الوفاء بالنذر.. ماذا أفعل؟.. الإفتاء توضح الكفارة    دعاء في جوف الليل: اللهم إنا نسألك أن تستجيب دعواتنا وتحقق رغباتنا وتقضي حوائجنا    بعد تعيينها بقرار جمهوري.. تفاصيل توجيهات رئيس جامعة القاهرة لعميدة التمريض    أزهري يرد على تصريحات إسلام بحيري: أي دين يتحدثون عنه؟    منها تخفيف الغازات والانتفاخ.. فوائد مذهلة لمضغ القرنفل (تعرف عليها)    سر قرمشة ولون السمك الذهبي.. «هتعمليه زي المحلات»    وليد دعبس: تامر مصطفى هو من طلب الرحيل عن مودرن فيوتشر.. ولا يوجد خلافات    «الإفتاء» تستعد لإعلان موعد عيد الأضحى 2024 ووقفة عرفات قريبًا    مستقبل وطن بأشمون يكرم العمال في عيدهم | صور    نقابة الصحفيين: قرار منع تصوير الجنازات مخالف للدستور.. والشخصية العامة ملك للمجتمع    وفاة أول رجل خضع لعملية زراعة كلية من خنزير    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رحلة مع أبو العلاء المعرى
نشر في المصري اليوم يوم 25 - 12 - 2009

ركبت آلة الزمن لصاحبها ه.ج.ويلز، وارتحلت بها إلى العصر العباسى الثانى.. اضطرابات سياسية، نفوس ظامئة للحكم، الناس شيع وطوائف.. القرامطة يهجمون على مكة وينزعون الحجر الأسود، الإسماعيلية.. الخوارج.. الحنابلة.. السنية.. الشيعة..
المعتزلة!.. مدن تسحق.. ونفوس تزهق.. ودم يراق!
فتشت عن حكيم هذا العصر.. المفكر الذى صاغ فكره شعراً، والذى ظلموه شاعراً بحجة أنه فيلسوف.. كما ظلموه فيلسوفاً بحجة أنه شاعر، والذى عكف على ترجمة أعماله مرجليوث الإنجليزى، بلاسيوس الإسبانى، وطه حسين المصرى.. ونحن لا ندرى عنه شيئاً!.. إنه أبوالعلاء المعرى.
ذهبت إليه فى بلدته معرَّة النعمان.. شمال حلب فى سوريا.. زرته فى بيته.. وجدت عنده رجلاً يعظه بالدين.. فرد عليه أبوالعلاء:
توهمت يا مغرور أنك ديَّن.. علىّ يمين الله مالك دين!
قلت: ارتحلت إليك من المستقبل البعيد.. وبينى وبينك أكثر من ألف عام.. حدثنى عن الحالة الدينية فى عصركم.. لعلنا.. نستفيد منها.. فالتاريخ هو وعاء التجارب الإنسانية.. ومنصة إطلاق للمستقبل وليس أريكة للاسترخاء على الماضى!
قال أبوالعلاء:
إنه المظهر دون الجوهر.. الطقوس بدون أعمال.. فئة صغيرة جعلت من نفسها أنبياء للناس، وغالبية الناس لا تعى ولا تفهم شيئاً، وأنشد يقول:
فتشت عن أصحاب دين، لهم نسك وليس لهم رياء.. فوجدت الناس لا عقول لها، تقيم لها الدليل ولا ضياء.. وأصحاب الفطانة فى اختيال، كأنهم لقوم أنبياء.. أما هؤلاء فأهل مكر، وأما الآخرون فأغبياء.
قلت: هذا ما حدث فى أوروبا أيها الشيخ الجليل قبل عصر النهضة..
حتى اهتدت لابن رشد، ومارتن لوثر، فتلت على رجال الدين الكاثوليكى..
مرسوم عزلهم عن الحكم والسياسة، فنهضت أوروبا.. وعقبى لنا!
قال فيلسوف المعرة، إنها السلطة والحكم، ثم أنشد:
تستروا بأمور فى ديانتهم، وإنما دينهم دين الزناديق.. نكذب العقل فى تصديق كاذبهم، والعقل أولى بإكرام وتصديق!
قلت: حدثنى عن الحكم والحكام يا أبا العلاء!!
قال: بماذا أحدثك.. وأحدهم قال للحاكم:
ما شئت لا ما شاءت الأقدار.. احكم فأنت الواحد القهار!! استطرد الشيخ يقول:
ساس الأنام شياطين مسلطة
فى كل أرض من الولاة شيطان!!
ثم قال: قصموا ظهور الناس بالجباية والمكوس (الضرائب)! لقد تمنيت الموت فى هذا الزمن التعيس حتى قلت:
يا رب عجَّل بالقضاء، إنما هذا العالم منحوس.. ظلموا الرعية واستجازوا، كيدها علام يأخذون جزية ومكوس؟
وقلت: يسوسون الأمور بغير عقل، فينفذ أمرهم ويقال ساسة! فأفٍ من العباد، وأفٍ منى.. ومن زمن حكومته خساسة!
قلت: بلغة عصرنا أيها الحكيم.. هو غياب الديمقراطية، التى هى حرية التعبير مع القدرة على التغيير من أصغر صغير لأكبر كبير.. وبدون أحدهما.. هى ديمقراطية عرجاء أو ديمقراطية مكسورة الجناح! وقد حدثنا أيها المفكر الحر.. هارولد لاسكى فى كتابه «الحرية فى الدولة الحديثة» فقال:
«ما لم يهدد الحاكم شبح هزيمة انتخابية مقبلة، يتحول من حاكم حريص على مصالح شعبه، إلى حاكم غير مبال بمصالح هذا الشعب!..».
ابتسم أبوالعلاء.. وقال: لعلك تعنى حكام أرض الشام!!
أخرجت من حقيبتى شاشة المستقبل Future Screen وقلت له: انظر يا سيدى.. ها هى دولة لم تسمع بها من قبل، اسمها إسرائيل، وها هى مصر التى قلت عنها:
تترى الملوك ومصر فى تغيرهم.. مصر مصر والأحساء أحساء
لماذا.. هذه الفروق المؤلمة؟.. هل هى دولة تدعى أمريكا ترعاها؟
قال: هذا لا يكفى.. إنه العقل والعقلانية.. العلم.. والعلمانية.. نقد الموروث.. والأخذ بما يتفق والعصر.
وترك ما انتهى عصره وزمانه كالرق مثلاً! أنشد يقول:
كذب الظن لا إمام سوى العقل، مشيراً فى صبحه والمساء، فإذا أطعته جلب الرحمة، عند المسير والإرساء!
سمع أبوالعلاء ضجة على الشاشة.. فسأل؟ فقلت له وأنا فى حرج شديد.. إنها أحداث المنيا وديروط وفرشوط! قال: فى اللاذقية قامت ضجة، بين محمد والمسيح (يقصد الأتباع) هذا بناقوس يدق، وذاك بمئذنة يصيح.. كل يدعو لدينه لعمرى، ما الدين الصحيح!!
قلت: كلها صحيحة يا أبا العلاء.. ولكن عقولنا هى اللى غلط!
الجهل.. والتعصب، والقبضة الأمنية الرخوة بسبب غياب سيادة القانون!
سمعنا ضجة هائلة على شاشة المستقبل، طلب منى أبوالعلاء أن يسمع ما سيحدث!.. إنهم التتار.. أحاطوا بآخر خلفاء العصر العباسى..
كان يبكى ويقول: لهفى على ملك ضائع! فنظر إليه وزيره شذراً وقال: يا أمير المؤمنين: من ترك الصغير حتى يكبر، والقليل حتى يكثر، وأجل عمل اليوم إلى غد.. استحق هذا وأكثر!! أجهش الخليفة بالبكاء وقال: والله هذا القول أشد علىّ من فقد الخلافة! ودخل التتار وذبحوا الخليفة وكل أهل بيته!! قال أبوالعلاء: كثرت فى الأرض جهالنا، والعاقل الحازم فينا غريب.
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.