كلاكيت للمرة المليون.. غضب وثورة عارمة ومظاهرات واحتجاجات واعتصامات لمجرد إختفاء فتاة أو سيدة قبطية. إتهامات بالاختطاف و(الأسلمة) بالقوة .. و لافتات تندد بالقهر المفروض على الأقباط ومطالبات دولية بحمايتهم هم و نسائهم وأطفالهم من العصابات الإسلامية التي نخطف نسائهم و تجبرهم على الإسلام قهرا وغصبا وعدوانا! بداية .. أنا لا اتخيل أن يتم إجبار أي شخص على تغيير ديانته .. فالدين لا يتغير بالقوة أو بالعنف .. فالدين محله القلب .. وهل العنف والقوة قادران على تغيير ما في القلب! هل ديانة الإنسان يمكن تغييرها بالسلاح .. هل يمكن للمسدس أن يحول قلب الإنسان من المسيحية للإسلام أو العكس ..؟ هذا شيء لا يمكن تصديقه على الإطلاق. إذن فتغيير (الدين) لا يتم إلا بالرضا وبكامل الإرادة الحرة للشخص المتحولة ديانته. فلماذا إذن ثورة الأقباط العارمة لمجرد اختفاء فتاة أو سيدة ومحاولة إلصاقها بالمسلمين؟ وهل عندما تختفي فتاة أو سيدة مسلمة لأي سبب كان .. لماذا لا يلصق المسلمون هذه التهمة بالأقباط ويعتبرونها محاولات تنصيرية؟! رد فعل غريب و عجيب من جموع الأقباط و كأنه لا يجوز أبدا أن تختفي فتاة أو سيدة قبطية بإرادتها الحرة أو بسبب مشكلات اجتماعية او أزمات عاطفية خاصة بها، شأنها في ذلك شأن أية فتاة أو سيدة مسلمة قد تتعرض لنفس المشكلة و قد تتصرف بنفس رد الفعل؟! لماذا دائما يريد (الأقباط) أن يشعروا دائما بشعور الجاليات الأجنبية التي تطلب دائما حمايتها من (أولاد البلد) .. لماذا دائما يصرون على أن يكون رد فعلهم إزاء أي مشكلة تواجه فرد منهم (مهما صغرت) هذه المشكلة شبيهة بردود أفعال الجاليات اليونانية أو الإيطالية عندما يلجأون لسفارات بلادهم طلبا للحماية و للتدخل لدى السلطات المصرية لحل هذه المشكلة؟! هل يحس الأقباط في مصر بالاضطهاد وبأنهم (مستهدفون)؟ يجوز .. و لكن من في مصر لا يحس بالاضطهاد وبأنه مستهدف سواء أكان مسلما أو قبطيا! .. هل المسلمون في مصر يعيشون في أفضل حال تاركين البؤس و الشقاء و المعاناة و الاختطاف و الاغتصاب و الغياب الأمني التام للأقباط؟! لماذا لا يستغل الأقباط قدرتهم على (الحشد) في لفت نظر الحكومة و الحزب الحاكم للقضايا العامة وحق الجميع - مسلمين وأقباطا - في (المواطنة)، وحق الجميع في انتخابات حرة شفافة يختار فيها الجميع من يمثلهم نيابيا بلا تزوير و لا (اختطاف) حقوق الشعب في اختيار من يحكمه؟! لماذا دائما لا يحتشد الأقباط و يثوروا إلا لمشكلات شخصية كاختفاء فتاة أو سيدة أو هروب زوجة من زوجها بينما لم نراهم يوما ثاروا من أجل حقهم في التعيين في وظائف مرموقة أو من أجل مطالب عامة يستفيد بها جموع الشعب المصري مسلميه و أقباطه بلا تمييز؟! حقيقة لا أفهم ماذا يضير أحد أن يتنصر فلان أو تسلم علانة؟! لم نر أحدا من المسلمين ثار وهاج وماج عندما تنصر المدعو (محمد حجازي) و زوجته (زينب) وأطلقوا على نفسيهما اسمي (بيشوي) و(كريستينا). لم نسمع عن مظاهرات خرجت تهدد و تندد بذلك، ولا اعتصامات في الأزهر الشريف تطالب شيخ الأزهر بالتدخل و ضرورة إحضار حجازي و زوجته بالقوة وإدخالهم في دين الإسلام مرة أخرى. وهل أصاب الإسلام أي ضرر أو شابته شائبة من (تنصر) حجازي وزوجته؟! إذن لماذا لا يقبل (الأقباط) أن تدخل (وفاء قسطنطين) أو (كاميليا شحاتة) إلى الإسلام؟ هل لإنهما زوجتي قساوسة؟! و هل سيثور المسلمين و يهيجوا إذا تنصرت زوجة أحد الشيوخ أو ابنته؟! و ما هذا الموقف المخزي من الأجهزة الأمنية في التعامل مع مثل هذه القضايا، على الرغم أنه (نظريا) على الأقل فإن حرية العقيدة مكفولة للجميع، وعلى الجميع احترام معتقدات الأخرين وتحولاتهم العقائدية والإيمانية، فلماذا لا تحمي الشرطة هؤلاء الأشخاص المتحولين دينيا بدلا من تسليمهم بدون أي وجه حق للكنيسة؟! أنا هنا اتحدث كليبرالي يؤمن بحرية الجميع في الاعتقاد وليس كمسلما متعصبا، أنا أرفض إجبار أي شخص على أن يعتنق ديانة ما لا يريد أن يعتنقها أو أن يتم تسليمه قسريا لجهة لا يرغب في التواجد بداخلها. أين (وفاء قسطنطين) و أين (كاميليا شحاتة) و لماذا لا يظهرن على الملأ و يعلنا عن إسلامهما أو عن عودتهما للمسيحية مرة أخرى؟ فإن أشهرا إسلامهما فهذا حقهما ولا يجب على أي جهة ما أن تجبرهما على غير ذلك، و إن أعلنا أنهما مسيحيتان فعلى الجميع إحترام ذلك وعلى الكل أن يصمت إلى الأبد. هذا هو المنطق وهذا هو الشكل الذي ينبغي أن تعالج به مثل هذه القضايا وليس الاحتجاج و الاعتصام والتظاهر والتهديد والوعيد. أنا أرى أن أي دين له اتجاهان دخول وخروج، وطالما يتم ذلك بدون تجريح أو إيذاء لمشاعر أتباع ديانة معينة فهو حرية شخصية على الجميع احترامها، لأنها تخص صاحب الشأن فقط لا غير. إذا تخلى الجميع أقباطا و مسلمين عن هذه القضايا التافهة وتفرغنا جميعا لما هو أهم من إسلام فلان وتنصير علانة ستكون مصر هي الفائز الأكبر، وهو ما سينعكس إيجابا علينا جميعا بأن نشعر أننا جميعا مواطنين في بلد يحترم أدمية مواطنيه بصرف النظر عن دياناتهم. مدونة الأغلبية الصامتة http://www.theegyptiansilentmajority.blogspot.com/