في الثالثة عصرًا بتوقيت القاهرة، السبت، ستكون مهمة الأهلي ضد مازيمبي الكونغولي مركبة، فالأمر لا يتعلق بتحقيق نتيجة تسهل إياب نصف نهائي دوري أبطال أفريقيا فحسب. المارد الأحمر سيكون مطالبًا بإظهار وجهًا مخيفًا بعد لطمة البطولة المحلية بخسارة الديربي الشهير، واستغلال المناسبة الكبرى عقدة «أجواء الثالثة» ليعلم أبناء القارة السمراء أن النسر لا يسقط باللعنة. عودة الأهلي إلى ملعب لوبومباشي بعد نحو 12 عاما تبرز الكثير من التغيرات في أروقة النادي الكونغولي حتى وإن استمر قائده مويس كاتومبي بأمواله وصفقاته المثيرة للجدل على مقعد الرئيس. فالفريق متعطش لصعود جديد إلى منصة التتويج ولكن هذه المرة بمدرب يحمل الجنسية السنغالية «لامين ندياي» بعد توهجات الأجانب، وبقيمة تسويقية لا تتجاوز مليون و400 ألف يورو بعد أن كانت تقترب من 8 ملايين يورو عندما زار الأهلي هذا الملعب في 2012 وخسر بهدفين دون رد. لماذا الإصرار على الأجواء؟ على قد لحافك مِد رجليك تشهد الحقبة الحالية لنادي مازيمبي ترشيدًا في الإنفاق وتعويل على الأسماء الصاعدة فمتوسط الأعمار يبلغ 24 عاما وسط غياب لنجوم بارزين ومؤثرين على المستوى الفردي كما أن القيمة التي يمكن أن يمنحها لامين ندياي للاعيبة محدودة بالقياس على تجاربه الشخصية وأبرزها قيادته لمازيمبي من 2010 وحتى 2013 وفاز خلالها على الأهلي. ولكن شتان بين الفترتين ففي الأولى كان الدعم الخفي حديث صحف القارة، والمعلن أشبه «بشيك على بياض» لضم الأبرز، فيكفي أن يصبح الأبرز في الصفقات هو اللبناني ربيع عطايا وعلى سبيل الإعارة من النجمة، والأعلى هو السنغالي لويس ضيوف بقيمة لا تتجاوز 140 ألف يورو، ليشبه حال الفريق المثل الشعبي «على قد لحافك مِد رجليك». العامل المشترك الوحيد هو المؤازرة الجماهيرية وطبيعة الملعب المزعجة، لذلك كان منطقيًا رفض إدارة مازيمبي طلب الأهلي بلعب اللقاء ليلا. جولة في عقل ندياي (حرَّص ولا تخوّن) يدرك ندياي حجم التحول في سياسة النادي ربما اختياره ثانية جاء لهذا السبب، فهو الوحيد الذي يمكنه نعم سأنافس على البطولات رغم الميزانية المحدودة. انعكست الرؤية الإدارية على الطابع الخططي، فالمدرب السنغالي لا يبحث عن المعدل المرتفع للأهداف وتدوير الكرة يمينا ويسارا بالتمريرات القصيرة كعادة مازيمبي قديما وهي الصبغة التي كررها صن دوانز لاحقا مع تشابهمها في الأجواء الجماهيرية والملعب. ترك الاستحواذ عادة مفضلة للمدرب السنغالي فالأفضل الانتظار في وسط ملعبي دون بذل مجهود بدني مجاني، وعندما امتلك الكرة يجب أن أعلم كيف أذهب إلى المرمى؟ متوسط استحواذ مازيمبي على الكرة خلال 8 مباريات لعبها في الأبطال بلغت 46% نظرا لتفضلية العودة إلى الخلف حتى وإن كان متقدمًا بفارق مريح، وخلال خسارته أمام بيراميدز بهدف دون رد امتلك الكرة 39% فقط وإيابا ب46% رغم انتصاره بثلاثية، تطبيقًا ل«حرَّص ولا تخوّن». أهداف قليلة ولكن مؤثرة.. من فات قديمه تاه عرف مازيمبي في شكله الجديد بالشهية الهجومية المحدودة، فمعدل أهدافه في البطولة بلغ هدفا لكل مباراة «8» مع صناعة 1.8 فرصة خطيرة فقط لكل مباراة وتوجيه 3.3 تصويبة على المرمى، ويبدو معدل التصويبات مرتفعا نسبيا مقارنة بحالة الفريق نظرا لكون مواجهة بتروأتليتكو في ذهاب ربع النهائي بالكونغو شهدت توجيه 28 تصويبة بينهم 4 على المرمى، في واقعة نادرة هذا الموسم ومع ذلك انتهت بالتعادل السلبي، لينتصر المثل «من فات قديمه تاه». الدفاع القوي.. إيد لوحدها متصقفش تكمن قوة مازيمبي في العمل الدفاعي وهو ما يتضح بالخروج بشباك نظيفة خلال 5 مباريات، وتقديم لاعبيه نحو 17 تدخلا دفاعيا لكل مباراة مع ظهور حراسة المرمى بمعدل تصديين، واسترداد الكرة بمعدل 57 مرة ليمتلك اليدين للتصفيق «إيد لوحدها متصقفش». وفاز لاعبو مازيمبي بالالتحامات 51 مرة لكل مباراة مع ارتكاب نحو 20 خطئا، لذلك كان طبيعيا أن يحتل لاعبو الدفاع مثل إبراهيما كيتا وموندكو وحارس المرمى باديرا فاتي قمة تقييم المواجهات في الأبطال. سيناريو المباراة تمثل مواجهة الأهلي أجواء خاصة ومناسبة رياضية مرموقة للفرق الأفريقية الجماهيرية خاصة تلك التي تستند على جودة لاعبين أو خبرات ونتائج جيدة، في وضع يشبه رحلات القطبين قديما إلى ملاعب الأقاليم في الدوري الممتاز. وتزداد صعوبة المواجهة بكونها مرتبطة بمرحلة خروج مغلوب ولكن كون العودة في القاهرة لن يستفز ندياي هجوميًا، فصاحب ال63 عاما سيحاول المبادرة هجوميا ولكن بحذر وانتظار لحالة الأهلي في المباراة. سيناريو بيراميدز (عصفور باليد ولا عشرة على الشجرة) يركز مازيمبي على الاختراق من الطرفين ثم توجيه العرضيات المتقنة على الطريقة البرازيلية وهو ما يمثل صعوبة للمدافعين المصريين كما أن العرضيات لا ترتبط بالاندفاع الهجومي، فهدف التقدم على بيراميدز بهدف جويل بية جاء من تواجد 3 لاعبين فقط في المنطقة. في حالة التقدم سينتظر مازيمبي الهدايا ولن يتم استدراجه بالتقدم للتعادل، والهدايا في قاموس المدرب السنغالي تعني خطئا كالذي حدث من مدافع بيراميدز عندما أهدى الكرة ماوامبي، أو وجود مساحة لتنفيذ مرتدة غير متهورة مثل حدث بهدف جلودي. في حالة التأخير في النتيجة، ستكون فرصة مثالية لاستكشاف سذاجة دفاعية من الفريق الكونغولي، فالفلسفة يحكمها التمركز العددي لذلك الاستغناء عن بعض اللاعبين للمساندة الهجومية سينذر بكوارث، وسيكون واجبًا، بالقياس على طبيعة الدور في البطولة. السيناريو الصعب يبقى السيناريو الصعب في أن يظهر المدير الفني السويسري مارسيل كولر بحذر دفاعي على مستوى التمركز الخططي، مع انتظار السنغالي للهدايا الحمراء أو تأجيل الاندفاع الهجومي للثلث الأخير من المباراة، مع تركز الاستحواذ للأهلي كعادته، لتصبح مشاهد اللقاء مكررة، تطبيقًا ل«عصفور باليد ولا عشرة على الشجرة» ويؤجل الحسم للقاهرة. السيناريو السابق يعززه تجربة مازيمبي في ربع النهائي فقد تعادل مع فقد تعادل مع بترو أتليتكو سلبيًا في الكونغو وانتصر بعد ذلك إيابا بهدفين مقابل هدف.
