كان واقفًا أمام «نسيبه» يحميه بجسده، يقول لجارهما: «خلاص إحنا فى أيام مُفترجة»، لم يستجب لتوسلاته، سدد له طعنة نافذة ب«خنجر» فى قلبه، قتله، ويتّم طفليه، أكبرهما 7 سنوات، وحرم زوجته من عائلها الوحيد، وشقيقه من سنده، فلم ينَل الضحية من فض الاشتباك سوى موته. أشعل فتيل الجريمة التى شهدتها منطقة عزبة المفتى فى الجيزة دخول كلب شرس، يمتلكه «حموقة» إلى شقة جاره «على»، من الشباك بالطابق الأرضى، كان الوقت فجرًا، صرخت النساء والفتيات داخل المسكن، وفزعن على قطع عُقلة إصبع رب الأسرة إثر عضة. شتائم تبادلها «على» و«حموقة»، استمرت حتى بزوغ الشمس، وكر وفر بينهما، ورعب فى المنطقة أحدثه «الثانى» بالكلب، الأهالى كانوا يتفرجون، ولا أحد يستطيع التدخل لإثناء الشاب العشرينى عما يفعله، رغم شكاواهم الدائمة من سلوكه ومشيه بالكلب ليل نهار ووقوفه على النواصى وأمام مداخل البيوت. ظل «على»، صاحب ورشة الألوميتال، ينزف دمًا، إثر «عضة الكلب»، وزوجته وأولاده فى حالة يُرثى لها، الرعب يطل من أعينهم، إذ يستنكر عائلهم اقتحام حرمته والتعدى عليهم وجعل أهالى المنطقة يتفرجون على ما حدث، ويطالعون الكلب ينهشهم، ما جعل صراخهم يصل إلى الشوارع المجاورة. لا سبيل أمام زوجة «على» سوى الاتصال بأخيها «أحمد شحاتة»، كهربائى سيارات، الذى أفزعه رنين التليفون فجرًا: «خير اللهم اجعله خير»، نزل إلى الشارع قاصدًا مسكن شقيقته التى أبلغته: «إلحقنى.. إحنا فى مصيبة أنا والعيال وزوجى». «شحاتة» وجد أمامه «حموقة»، شاهرًا خنجرًا ذا نصل حاد، وأباه يشجعه على قتل «على»: «إديه واحدة، أو هات لى بطنه»، فألقى بجسده أمام «نسيبه»، مطالبًا حامل السلاح: «سيبه لعياله، حصل خير». باغت «حموقة» نسيب «على» بطعنة فى صدره، جعلته يسقط على الأرض جثة هامدة، وعندما حضر أخوه «وائل» حمله مع الأهالى إلى المستشفى، وأفاد الأطباء بأنه «جاى ميت». على «تروللى» رقد الجثمان، لحين وصول فريق البحث الجنائى والنيابة العامة لمناظرته وإجراء التحقيقات والتحريات بشأن مقتله. عقب الواقعة، هرب «حموقة» وأفراد أسرته، إذ أثار حادث قتل «شحاتة» غضب الأهالى، وجعلهم يتجمهرون، وكان بإمكانهم الفتك بالمتهم حال وقوفه أمامهم، فبعد أيام ثلاثة، نجحت الشرطة فى القبض عليه، بعد فحص خط سيره والأماكن التى يتردد عليها. لا يزال طفلا «شحاتة» فى انتظار قدوم والدهما بأكياس الحلوى، لم يحضرا جنازته، ولم يفهما ما دار أمامهما من بكاء الأم ليل نهار. الابن الكبير «محمد» عرف أن أباه مسافر إلى دولة عربية للعمل، وعمه عزز لديه تلك الرواية، ولاسيما أنه لم يتلقَّ عزاء أخيه، ويقول: «خسارتنا كبيرة، فقدنا أخويا بطريقة مأساوية»، ويحكى أنه أخفى تفاصيل مقتل أخيه عن والدتهما، إذ قال لها إنه «عمل حادثة».
