سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
تزامنًا مع انطلاق جلسة محكمة العدل الدولية في اتهام إسرائيل ب«الإبادة».. خبير قانوني: أتوقع قرارًا بالتدابير المؤقتة لوقف الحرب في غزة خلال شهر أو شهرين
تزامناً مع إنطلاق أولي جلسات الإستماع التي حددتها محكمة العدل الدولية لنظر القضية التي رفعتها جنوب أفريقيا ضد إسرائيل متهمة إياها بانتهاك اتفاقية منع الإبادة الجماعية لعام 1948 في قصفها العسكرى المسلح وقتل سكان قطاع غزة وتدمير بنيتها والمنازل والتصفية الجسدية والعرقية والتهجير القسرى لسكانها عقب هجوم حماس على إسرائيل في 7 أكتوبر2023، وضع فقهاء في القانون الدولي سيناريوهات محتملة لسير تلك القضية التي تعد الأهم خلال القرن الحالي يقول الدكتور محمد خفاجى أن محكمة العدل الدولية نظرت أهم ثلاث قضايا عن الإبادة الجماعية وأصدرت تدابير مؤقتة في جميعها، حيث المرة الأولى التي تم فيها رفع قضية إلى محكمة العدل الدولية تزعم انتهاك اتفاقية منع الإبادة الجماعية كانت في عام 1993 من جانب البوسنة ضد يوغوسلافيا , أما القضية الثانية فكانت في عام 2019 من جانب جامبيا ضد ميانمار , أما القضية الثالثة فكانت من أوكرانياضد روسيا إثر الغزو الروسي لأوكرانيا في فبراير 2022. قضاة محكمة العدل الدولية فى جلسة سابقة - صورة أرشيفية ويضيف إن طلب جنوب أفريقيا لإصدار حكم مؤقت يتماشى مع الاتجاه الأوسع لفكر ومنهج السوابق القضائية لمحكمة العدل الدولية لمثل هذه القضايا المتعلقة بالتدابير المؤقتة وفقاً لاتفاقية منع الإبادة الجماعية، فسجل تاريخ يشير إلى أن المحكمة أصدرت تدابير مؤقتة في 11 قضية، مقارنة بعشر قضايا في الخمسين سنة الأولى من وجود المحكمة (1945-1995) ويفرق خفاجى بين الشق العاجل المتعلق بالتدبير المؤقتة من ظاهر الأوراق، والشق الموضوعى المتعلق بأصل الحق وهو يستغرق عدة سنوات , فقد تتأخر المحكمة في إصدار الحكم الموضوعى لمدة تصل إلى عشر سنوات , لكن الشق العاجل العاجل الخاص بالتدابير المؤقتة فقد سبق أن أصدرت محكمة العدل الدولية تدابير مؤقتة في جميع قضايا اتفاقية منع الإبادة الجماعية، في غضون أشهر قليلة بعد عرض القضايا على المحكمة. لماذا تخشى إسرائيل قرارات محكمة العدل الدولية - صورة أرشيفية ويوضح الدكتور محمد خفاجى أن التدابير المؤقتة عبارة عن أوامر من المحكمة لمنع وقوع ضرر محدق يتعذر تداركه ولا يمكن إصلاحه. وهي تلزم الدولة المدعى عليها بالامتناع عن اتخاذ إجراءات معينة حتى تصدر المحكمة حكمها النهائى، ومثالها ما أصدرته المحكمة منإجراءات مؤقتة تبنتها المحكمة في يناير 2020، من اتخاذ إجراءات ضد أقلية الروهينجا من خلال (أ) قتل أعضاء الجماعة (ب) التسبب في ضرر جسدي أو عقلي خطير لأعضاء الجماعة (ج) فرض ظروف معيشية على الجماعة عمداً يقصد بها تدميرها المادي كلياً أو جزئياً؛ (د) فرض تدابير تهدف إلى منع الولادات داخل المجموعة.وهو عين ما أرتكبته إسرائيل ضد الفلسطينين بقطاع غزة ويذكر خفاجى أن الخطوة الأولى في قضية جنوب إفريقيا ضد إسرائيل عن تهمة الإبادة الجماعية والتهجير القسرى هي أن تعقد محكمة العدل العدل الدولية جلسة استماع عامة المعلن عنها يومى 11 و12 يناير الجارى 2024 بشأن التدابير المؤقتة، حيث وفقا لمنهج المحكمة يتم تخصيص ساعتين لكل من جنوب أفريقيا وإسرائيل لتقديم حججهما بشأن تلك التدابير المؤقتة. وأتوقع أن يتم اتخاذ القرار بشأن التدابير المؤقتة من جانب محكمة العدل الدولية في غضون شهر أو شهرين بعد جلسة الاستماع العامةوفقا لمنهجها والسوابق القضائية التي توترت عليها في القضايا الماثلة . وأشار خفاجى إلى نقطة غاية في الأهمية، وهى أن محكمة العدل الدولية تقوم بإجراء تقييم مؤقت من ظاهر الأوراق للقضية لإصدار تدابير مؤقتة ولكن هذا لا يمنعها أن تنظر في الموضوع بعكس ما انتهى إليه قرارها العاجل , بمعنى الشق العاجل في التدبير المؤقت لا يقيدها عند نظر موضوع القضية , فحتى لو أصدرت محكمة العدل الدولية تدابير مؤقتة ضد إسرائيل، فإن ذلك لا يعني بالضرورة أن المحكمة سوف تجد- في حكمها الموضوعى النهائي- أن إسرائيل قد انتهكت اتفاقية منع الإبادة الجماعية.فلا تلازم بين الشقين العاجل المتعلق بالتدابير المؤقتة والموضوعى المتعلق بإدانة انتهاك اتفاقية منع الإبادة الجماعية لأن أسس الفصل فيهما مختلف النظرة , وإن كان الأعم الأغلب من الحالات يؤدى إصدار أوامر بالتدابير المؤقتة إلى إدانة إسرائيل في القضية الموضوعية . ويوضح أنه بعد الانتهاء من اتخاذ قرار عاجل بشأن التدابير المؤقتة، ستشرع محكمة العدل الدولية في نظر اعتراضات أولية تثيرها إسرائيل، مثل ما إذا كانت المحكمة تتمتع بالاختصاص القضائي للنظر في القضية من حيث موضوعها أم لا، وما إذا كانت جنوب أفريقيا تتمتع بأهلية رفع القضية أم لا؟ وأتوقع أن الحكم النهائى بشأن موضوع القضية الذي تحدد فيه المحكمة ما إذا كانت إسرائيل قد انتهكت اتفاقية الإبادة الجماعية عدة سنوات قد تصل إلى عشر سنوات . ويجيب الدكتور خفاجى على التساؤل الذي يشغل بال كثير من شعوب العالم، هل تتمتع جنوب أفريقيا بالمصلحة في رفع القضية ضد إسرائيل عن فلسطين؟ ذلك لأن الكثير يعلم إن جنوب أفريقيا تبعد أكثر من 4000 ميل عن غزة، ولا تتأثر بشكل مباشر بالهجمات الإسرائيلية على غزة، لذا قد تتساءل شعوب العالم: كيف يمكن أن يكون له أساس قانوني وما مصلحتها في رفع هذه القضية نيابة عن فلسطين ؟ ويعطى الدكتور خفاجى مثلاً لنا على غرار ما اتخذته دولة جانبيا –وهى دولة في غرب أفريقيا- من الإجراءات التي أتخذتها ضد ميانمار- وهي دولة تقع في جنوب شرق آسيا- بسبب انتهاكها لاتفاقية الإبادة الجماعية، تماماً كما تعتمد جنوب أفريقيا – وهى دولة في أفريقيا الجنوبية- في موقفها ضد إسرائيل – وهى تقع في غرب آسيا- على المبدأ اللاتينى erga omnes parts ( تجاه كافة الأطراف) ويسمح هذا المبدأ للدولة الطرف في معاهدة تحمي الحقوق القانونية العامة بإنفاذ تلك الحقوق حتى لو لم تتأثر الدولة بشكل مباشر بالانتهاك، ومن ثم لها مصلحة في وقف الإبادة الجامعية لدولة فلسطين العربية- وهى في غرب آسيا – في موقع استراتيجي بين مصر ولبنان وسوريا والأردن، وهي أرض الرسالات السماوية ومهد الحضارات الإنسانية. ويذكر أن عريضة الإتهام الواقعة في 84 صفحة تؤكد على الطبيعة الآمرة لحظر الإبادة الجماعية،والالتزامات المترتبة على الدول بموجب اتفاقية منع الإبادة الجماعية تجاه الكافة وعلى الكافة. ونظرًا لأن جميع الدول الأطراف في اتفاقية منع الإبادة الجماعية لديها «مصلحة مشتركة في ضمان منع أعمال الإبادة الجماعية، وعدم إفلات مرتكبيها، في حالة وقوعها من العقاب»، فإن قواعد ونصوص تلك الاتفاقية تولد التزامات تجاه الكافة، وبمعنى أكثر وضوحا ً فإن لكل دولة طرف مصلحة في الامتثال لها في أي حالة بعينها , حيث أن جميع الدول الأطراف إلى اتفاقية الإبادة الجماعية مطالبة باحترام التزامها بمنع الإبادة الجماعية. يقول الدكتور محمد خفاجى هناك شروطاً عامة لعرض القضية أمام محكمة العدل الدولية حيث يجب أن يكون هناك أساس قضائي موضوعي لرفع الدعوى، قد يكون عن طريق اتفاق الأطراف أو أن تكون كلا من الدولتين طرفين في معاهدة متعددة الأطراف- كما في حالة قطاع غزة- تنص على أن يتم الاستماع إلى النزاعات بين الدول الأطراف أمام محكمة العدل الدولية وفقا للمادة التاسعة من تلك الاتفاقية . ويضيف صدقت إسرائيل على اتفاقية منع الإبادة الجماعية في عام 1950 وجنوب أفريقيا في عام 1998 وفلسطين طرف في اتفاقية منع الإبادة الجماعية منذ عام 2014 وكان يمكنها رفع القضية إلا أنها لم تفعل ذلك لاعتبارات جعلت العالم مسؤلاً عما يحدث فيها . ويشير أن الأصل العام في التقاضى الدولى – كما هو الشأن في التقاضى الوطنى- أن يكون للدولة التي ترفع الدعوى عادة مصلحة في الدعوى، لكن هذا الأصل العام لا ينطبق على أنواع معينة من الانتهاكات التي تعتبر فيها جميع دول العالم لها مصلحة مباشرة فيها , وتشمل الأمثلة الانتهاكات لاتفاقية الإبادة الجماعية واتفاقيةمناهضة التعذيب , ومثال ذلك في حكم محكمة العدل الدولية في قضية 2022 كما أوضحنا من جامبيا وهى إفريقية ضد ميانمار وهى اَسيوية بشأن الاعتراضات الأولية حيث ذكرت محكمة العدل الدولية أنه يمكن لأي دولة رفع قضية إليها فيما يتعلق بانتهاك مشتبه به من قبل دولة أخرى طرف في اتفاقية الإبادة الجماعية. يذكر خفاجى التدابير المؤقتة التي طلبتها جنوب إفريقيا أن تقوم إسرائيل بتعليق أنشطتها العسكرية في غزة، والتوقف عن قتل الفلسطينيين، ومنع التهجير القسري والحرمان من الحصول على ما يكفي من الغذاء والماء والوقود والمأوى والصرف الصحي. وأتوقع وفقا ً لمنهج محكمة العدل الدولية في قضايا سابقة بموجب اتفاقية منع الإبادة الجماعية، وإزاء انتهاك إسرائيل لاتفاقية منع الإبادة الجماعية أن تصدر محكمة العدل الدولية تدابير مؤقتة لوقف الحرب خاصة إزاء منع المساعدات الإنسانية الذي يؤدي إلى المجاعة والتهجير القسري المجرم دولياً والقصف العشوائى . ولو أننا بحثنا عن نهج محكمة العدل الدولية بشأن اتفاقية منع الإبادة الجماعية نجد أنها أصدرت أوامر تفسيرية في حكمها النهائي لعام 2007 في قضية البوسنة ضد صربيا والجبل الأسود حيث وجدت محكمة العدل الدولية أن صربيا انتهكت اتفاقية الإبادة الجماعية من خلال عدم اتخاذ إجراءات لمنع الإبادة الجماعية في سربرينيتسا، ومن خلال فشلها في نقل راتكو ملاديتش الذي قاد جيش صرب البوسنة. التي ارتكبت مجازر ضد المدنيين البوسنيين، إلى المحكمة الجنائية الدولية ليوغوسلافيا السابقة. ورفضت أغلبية المحكمة ادعاءات أخرىبالإبادة الجماعية، ورأت المحكمة أن الإعلان عن الانتهاك يعد علاجًا كافيًا، وأنه لا ينبغي للمحكمة أن توفر أي سبل انتصاف أخرى في القضية مثل التعويض.