انتقال الأمراض من الحيوانات إلى الإنسان، ظواهر علمية ما زالت تحدث حتى وقتنا الحالي، إذ وقعت تلك الحالات من قبل عبر انتقال فيروس إنفلونزا الطيور إلى البشر، كذلك جدري القردة ومرض جنون البقر، وهو ما يثير المخاوف باحتمالية وصول مرض زومبي الغزلان ليهاجم جسم الانسان عما قريب. وحذر العلماء، وفقًا لصحيفة independent البريطانية، من أن مرض «زومبي الغزلان» ربما ينتشر إلى البشر بعد إصابة مئات الحيوانات بالمرض في الولاياتالمتحدة في الأونة الأخيرة، فيما لفتت صحيفة الجارديان البريطانية إلى أنه عُثر على أول حالة مؤكدة في منتزه يلوستون الوطني، الأيام الماضية، وهي المحمية الأكثر شهرة بالولاياتالمتحدة، تقع بين ولايات أيداهو ومونتانا ووايومنج. يقول الدكتور توماس روف، الطبيب البيطري والرئيس السابق لقسم صحة الحيوان في جمعية الأسماك والحياة البرية الأمريكية، إن اكتشافها في يلوستون، الذي يضم أكبر مجموعة من الثدييات البرية وأكثرها تنوعًا في الولاياتالمتحدة، يمثل دعوة عامة مهمة للاستيقاظ. وكان روف يتوقع أن يصل ذلك مرض إلى يلوستون، منذ عقود، محذرًا من أن الحكومة الفيدرالية وولاية وايومنج بحاجة إلى اتخاذ تدابير صارمة للمساعدة في إبطاء انتشاره، ويقول إن هذه التحذيرات لم تأخذ بجدية، موضحًا أنه الآن ستظهر العواقب أمام الملايين الذين يزورون المتنزه كل عام. في أعقاب تأكيد وجود مرض CWD في الحديقة، تقوم سلطات يلوستون بمراجعة استراتيجيتها للمراقبة والتعامل مع المزيد من الحيوانات المريضة في المستقبل. يتابع روف لافتًا إلى أن المرض «يعتمد على الكثافة العددية»، مما يعني أن معدلات الإصابة أعلى حيث تتجمع أعداد كبيرة من الحيوانات. حالات إصابة بزومبي الغزلان بين كندا وأمريكا ووجد ذلك المرض الذي يُعرف أيضًا باسم الهزال المزمن (CWD)، في 800 عينة من الغزلان والأيائل والرنة في جميع أنحاء ولاية وايومنج الأمريكية، العام الماضي، حينما اختبر لحوم 6701 غزالًا وأيائل وموظ، مما يشير إلى أن معدلات الإصابة آخذة في الارتفاع، وبالوقت الحالي ووفقا لهيئة المسح الجيولوجي الأمريكية، فإن المرض موجود الآن في 32 ولاية وثلاث مقاطعات كندية. وتشير الجارديان إلى أن في الولاياتالمتحدةوكندا، اكتسب مرض CWD الاهتمام ليس فقط لأنه يؤثر على الحيوانات الكبيرة ولكن أيضًا بسبب احتمالية تخطي حاجز الأنواع، يمكن أن تصيب الغزلان والأيائل والموظ الماشية أو الثدييات الأخرى أو الطيور أو حتى البشر، ويقول علماء الأوبئة إن عدم وجود حالة مؤكدة على انتقال المرض من الحيوان إلى الإنسان حتى الآن لا يعني أن ذلك لن يحدث. يؤثر المرض على صحة الحيوانات، إذ يتسبب في أعراض عدة مثل سيلان اللعاب والخمول وغير قادرة على التحرك بشكل طبيعي، وتحول حركتها إلى ما يشبه الزومبي، كما تقود إلى انخفاض في وزن الغزلان ثم نفوقها، وحذر الخبراء من المرض معتبرين إياه «كارثة بطيئة الحركة» وحث العلماء الحكومات على الاستعداد لاحتمال انتشاره بين البشر. يشير أحد التقديرات في عام 2017 إلى أن الأمريكيين يمكن أن يكونوا تناولوا ما يصل إلى 15000 حيوان مصاب بمرض زومبي الغزلان سنويًا في الولاياتالمتحدةالأمريكية. وقال الدكتور كوري أندرسون، الحاصل على درجة الدكتوراه، والمتخصص في دراسة مسارات انتقال مرض CWD، إن آلاف الأشخاص في ولاية ويسكونسن الأمريكية ربما تناولوا لحوم الغزلان المصابة. ولفتت الجارديان إلى أنه من الصعب للغاية القضاء على CWD بمجرد انتشاره بشكل واسع، حيث يمكن أن يستمر لسنوات في التربة أو على الأسطح، إذ يوضح العلماء أنه مقاوم للمطهرات وغاز الفورمالدهيد القابل للاشتعال بالإضافة إلى الإشعاعات أو الحرق حتى عند استخدام درجات حرارة تصل إلى 600 درجة مئوية. الأوبئة الناجمة عن الحيوانات وانتقالها للبشر تلك التحذيرات، تأتي بعدما نوهت شركة التكنولوجيا الحيوية الأمريكية Ginkgo Bioworks من أن الأمراض التي تنتقل من الحيوانات إلى البشر يمكن أن تقتل 12 ضعف عدد الأشخاص بحلول عام 2050 مقارنة بعام 2020. وقالت الشركة إن الأوبئة الناجمة عن الأمراض الحيوانية المنشأ، يمكن أن تكثر معدلاتها في المستقبل بسبب تغير المناخ وإزالة الغابات. وعلّق الدكتور كوري أندرسون، المتخصص في دراسة مرض زومبي الغزلان، قائلًا إن: «نحن نتعامل مع مرض قاتل وغير قابل للشفاء ومعدٍ للغاية.. مما يبعث على القلق أننا لا نملك طريقة سهلة وفعالة للقضاء عليه، لا من الحيوانات التي يصيبها ولا البيئة التي يلوثها». تابع: «تفشي مرض جنون البقر في بريطانيا قدم مثالًا على كيف يمكن أن تصبح الأمور جنونية بانتشار مرض حيواني إلى الإنسان»، مستكملا: «نحن نتحدث عن احتمال حدوث شيء مماثل.. لا أحد يقول إن ذلك سيحدث بشكل مؤكد، لكن من المهم أن يكون الناس مستعدين». وكان مرض جنون البقر، انتشر بكثافة بالولاياتالمتحدةالأمريكية في الثمانينيات والتسعينيات بسبب تغذية الأبقار بلحوم ملوثة ودقيق عظام، وتم ذبح 4.4 مليون رأس من الماشية لوضع حدًا لتفشي المرض. وجنون البقر هو مرض يصيب الجهاز العصبي المركزي للحيوانات ويتركهم بأعراض عدوانية، ومنذ عام 1995، تم نسب 178 حالة وفاة بشرية إلى ذلك المرض. وتشير صحيفة independent إلى أنه بين عامي 1963 و2019، زادت الأوبئة بنسبة 5% تقريبًا كل عام، مع ارتفاع الوفيات بنسبة 9%.
