بعد أن اعتدنا ثنائية سينما «سكورسيزى ودى نيرو»، وثنائية «سكورسيزى ودى كابريو»، يلتقى المخرج الشهير مارتن سكورسيزى مع نجمى هوليوود روبرت دى نيرو وليوناردو دى كابريو لأول مرة فى فيلم Killers of the Flower Moon، الذى انطلق فى دور العرض المصرية مؤخرا، وهو فيلم وصلت ميزانيته إلى ما يقارب ال 200 مليون دولار، بعد عرضه الأول فى مهرجان كان السينمائى فى مايو الماضى. وتضم قائمة تعاون مارتن سكورسيزى وروبرت دى نيرو العديد من الأفلام الهوليودية الناجحة التى تعد من العلامات البارزة فى تاريخ السينما، وهى «Mean Streets، Taxi Driver، New York، New York، Raging Ball، The King of Comedy، Good Fellas، Cape Fear، Casino»، فى حين تعاون مارتن سكورسيزى مع نجم هوليوود ليوناردو دى كابريو فى أعمال هووليودية بارزة أيضًا حققت نجاحًا كبيرًا فى أنحاء العالم، سواء على المستوى النقدى أو الجماهيرى، وهى: « Gangs of New York، The Aviator، The Departed، Shutter Island، The Wolf of Wall Street». فيلم «Killers of the Flower Moon» من إخراج مارتن سكورسيزى، الذى شارك فى كتابة السيناريو والحوار مع إريك روث، ويشارك فى بطولته لى لى جلادستون، جيسى بليمونز، تانتو الكاردينال، جون ليثجو، بريندان فريزر، كارا جايد مايرز، جانى كولينز، جيليان ديون وجيسون إيسبيل.. والفيلم دراما جريمة تصل مدته إلى 206 دقائق كعادة أفلام «سكورسيزى» التى أحيانا ما تتجاوز مدة عرضها 3 ساعات كاملة. قصة فيلم «Killers of the Flower Moon» تقوم على أحداث حقيقية وقعت بولاية أوكلاهوما فى القرن العشرين، إذ تدور فى إطار ملحمى يستند إلى كتاب ديفيد جران الأكثر مبيعًا والذى يحمل العنوان نفسه، ويتناول أحداثًا واقعية فى عشرينيات القرن العشرين حول مقتل أفراد من قبيلة «أوساج» الغنية بالنفط فى شمال شرق أوكلاهوما فى ظروف غامضة، ما تسبب فى إثارة البلبلة والفوضى، وهى سلسلة من الجرائم الوحشية التى أصبحت تُعرف باسم «عهد الإرهاب»، حيث تتصاعد الأحداث من خلال قصة «أرنست» الذى يجسد دوره «دى كابريو» مع خاله «ذا كينج» - أو الملك - كما يطلق عليه أفراد القبيلة، والذى يجسده روبرت دى نيرو، وتفاعلهما مع أسرة من قبيلة «أوساج». وفى نهاية أحداث العمل، يروى الفيلم مصير الشخصيات التى تقدم على هيئة مشهد مسرحى قصير فى إحدى المسارح عن طريق مجموعة من ممثلى تلك الفترة، ويظهر مخرج الفيلم «مارتن سكورسيزى» ضمن المشهد المسرحى، ليكشف عن مصير القبيلة فى النهاية وتنتهى الأحداث معه فى ظهورٍ كضيف شرف بفيلمه، وهو ظهور نادر لأحد أبرز مخرجى السينما العالمية فى السنوات الأخيرة كممثل وضيف شرف فى فيلم من صناعته.. يفاجئ الجمهور ويبعث على البهجة فى آن واحد. بجانب مشاركة «سكورسيزى» كضيف شرف وإخراجه للفيلم، فقد شارك أيضا فى كتابته مع كل من إيريك روث وديفيد جران، صاحب الكتاب المأخوذ عنه قصة الفيلم والذى يحمل الاسم نفسه لعام 2017، إذ يروى «Killers of the Flower Moon» القصة الحقيقية لكيفية قيام رجل أعمال أبيض و«صديق حقيقى» - كما يصفه الكتاب - بتنصيب نفسه على قبيلة «أوساج» لتنظيم جرائم القتل الوحشية للعديد من أعضائها، وهى قبيلة كبيرة وشهيرة فى أوائل العشرينيات من القرن العشرين فى أوكلاهوما. يُقرأ كتاب جران باعتباره لغزًا عن الجريمة، يستكشف السياق التاريخى الأوسع لما أصبح يُعرف باسم «عهد الإرهاب» - بما فى ذلك كيفية التحقيق فى الجرائم المرتكبة ضد «الأوساج» وحلها جزئيًا من قبل فريق من العملاء الميدانيين الحكوميين بقيادة حارس تكساس السابق، توم وايت - الذى جسده جيسى بليمونز فى الفيلم- لكن فى العمل على الكتاب، قال «سكورسيزى» إنه أراد تحويل الأنظار بعيدًا عن «جميع الرجال البيض» وجعل زواج «مولى وإرنست» هو القوة الدافعة والأساسية المحركة للفيلم. وقال «سكورسيزى» فى مؤتمر صحفى عُقد فى 16 أكتوبر الجارى: «ما أردت تصويره، فى النهاية، هو طبيعة الفيروس أو السرطان التى تخلق هذا الشعور بنوع من الإبادة الجماعية البسيطة، فعندما تكون هناك خيانة بهذا العمق ونعلم يقينًا أنها كانت بهذه الطريقة، فهذه هى قصتنا». فانطلاقًا من هذه الأجواء المشحونة والتوتر بين اللونين الأبيض والأسود فى أوكلاهوما، يركز الفيلم فى البداية على العلاقة بين امرأة من «أوساج» تدعى مولى كايل - تجسد دورها ليلى جلادستون- وإرنست بوركهارت - ليوناردو دى كابريو - وهو أحد قدامى المحاربين البيض فى الحرب العالمية الأولى، ابن شقيق المزارع الثرى «ويليام ك. هيل» - يجسد دوره روبرت دى نيرو- فى وقت كان يعتبر فيه الأوساج أثرى الناس من حيث نصيب الفرد فى العالم بعد اكتشاف احتياطيات النفط تحت أراضيهم.. ويتابع الفيلم «إرنست» وهو يتزوج مولى، بناءً على توجيهات عمه ثم يتآمر معه لقتلها، قبالة عائلة «مولى» وعدد من «أوساج» الآخرين من أجل الاستفادة من حقوقهم النفطية وبوالص التأمين على الحياة، فى مشاهد حيوية ممزوجة بالإثارة والخيانة وادعاء الحب وحب المصلحة والمؤامرات واستغلال المشاعر يجيد «سكورسيزى» مزجها، لكنها بدت كمن يريد أن يقول كل شىءعن القصة، فبدا الفيلم متخما بالتفاصيل والأحداث التى جعلته يطوّل فى مدة عرضه، خاصة مع اعتماد «سكورسيزى» أغانى قبيلة «أوساج» وأناشيدهم، واضعًا المتفرج فى قلب الحكاية، وليحكى فصلا من التاريخ، ليس من وجهة نظر المنتصر أو الطرف القوى، ولا من وجهة نظر الخاسر، أو الذى تمت إبادته، بل من منظور صانع السينما المحترف الذى يرفض إبادة أو إلغاء طرف عن المشهد الإنسانى وليس السينمائى فقط. وشبّه البعض علاقة الحب التى تنقلب إلى غدر أو العكس بين «مولى» و«إرنست» بعلاقة النجمين كلارك جيبل وفيفيان لى فى الفيلم الشهير «Gone of the wind» إحدى أشهر كلاسيكيات السينما العالمية فى الحب والحرب. «Killers of the Flower Moon» حقق 10 ملايين دولار فى أول أيام عرضه بالولايات المتحدة، ووصلت إلى 23 مليون دولار خلال يومى عرض، بجانب تحقيقه 44 مليون دولار عالميا.. وتصدر أيضا إيرادات السينما الأجنبية المعروضة فى مصر خلال أسبوع عرضه الأول، حيث حقق مليونا ونصف المليون جنيه حتى الآن منذ بدء عرضه قبل 5 أيام، وسط توقعات بمزيد من الإيرادات الكبيرة فى مصر، رغم أجواء الحرب فى غزة، بسبب كونه أحد الأفلام المنتظرة منذ فترة، إلى جانب توقعات بأنه سيرشح لجوائز كثيرة فى سباق الأوسكار المقبل، والذى يعلن عن الفائزين به فى مارس 2024.