لا يعرفون المستحيل.. يعتمدون على قدراتهم ويركضون خلف أحلامهم بساق واحدة، سعيًا لتكوين منتخب وطنى، أبطاله أبناء «أكاديمية كرة القدم للساق الواحدة»، استطاعوا أن يحولوا المحنة إلى منحة، فعلى الرغم من أنهم يحملون حكايات مختلفة يغلب عليها الألم والوجع، لكن يجمعهم حلم واحد هو تكوين منتخب وطنى.. حلم يسعى له صغيرهم قبل كبيرهم.. لذا أرادت «المصرى اليوم» أن تعيش معهم يومًا فى نادى المقاولين العرب، لتستمع إليهم وتتعرف على أحلامهم. كرة القدم لمبتورى الأطراف تُلعب بين فريقين، يتكون كل فريق من 7 لاعبين - 6 فى الملعب وحارس مرمى - اللاعبون لديهم بتر فى الأطراف السفلية، بينما حراس المرمى لديهم بتر فى الأطراف العلوية، هذا أول ما رصدته «المصرى اليوم»، إذ يجتمع فريق كرة القدم للساق الواحدة من جميع محافظات مصر، الجمعة من كل أسبوع فى تمام الساعة ال2 ظهرًا فى ملعب داخل نادى المقاولين العرب، ويبدأ اليوم بتدريب اللاعبين الجدد على الجرى بواسطة «العكازين» وتأهيلهم بدنيًا للعب داخل فريق، أما باقى الفريق القدامى فيلعبون مباراة كرة قدم يتعلمون من خلالها القدرة على اللعب وسط فريق، وتسديد الهجمات، وكيفية الدفاع وغيرها من الخبرات الكثيرة التى يتم اكتسابها من قبل المدربين. وللتعرف على أحلامهم وتفاصيل حكاياتهم، تحدثت «المصرى اليوم» معهم. البداية كانت مقطع فيديو مصادفة غيّر حياتها، فبعد أن رأت مباراة لمبتورى القدم قررت دعمهم وتشجيعهم.. بهذه الكلمات وصفت سارة سمير، مؤسس أكاديمية «سمير وعلى» لذوى الساق الواحدة لكرة القدم، قائلة: «تأثرت جدًا بعد أن رأيت لاعبين بساق أو ذراع واحدة، وطلب منى صديقى حينها الدعم المادى لهؤلاء اللاعبين، وبدون تفكير قلت له إنى لازم أدعمهم، وبالفعل تعرفت على 3 شباب قبل سفرهم إلى تنزانيا للمشاركة فى كأس أمم إفريقيا للاعبى كرة القدم ذوى الساق الواحدة». وأوضحت أن الدكتور أشرف صبحى، وزير الشباب والرياضة، كان له فضل كبير فى دعم الفريق وتأهله للمشاركة فى كأس أمم إفريقيا نوفمبر 2021، وبالفعل تم التأهل إلى ربع النهائى فى البطولة، وحصل حارس المرمى على أحسن حارس، والفريق حصل على المركز السابع، وفازوا على بطل إفريقيا بضربات الترجيح، ولذلك قررت أن يكون دعمى لهم أكثر من مجرد دعم مادى، ولذلك قررت إنشاء أكاديمية لهم فى يناير 2021. وأضافت أن الأكاديمية بدأت ب30 لاعبا فقط، وحاليًا أصبحت 120 لاعب كرة قدم من ذوى الساق الواحدة، من سن ال11 عاما حتى ال30 عاما، ولذلك نسعى حاليًا للتعاقد مع 6 نواد، لتكوين دورى داخلى، والهدف الأساسى منه أن ينفذ الاتحاد الإفريقى لكرة القدم وعده وتقام الدورة المقبلة من كأس أمم إفريقيا 2023 فى مصر، موضحة أنها تسعى حاليًا، بالتعاون مع سيف وعبدالله ومحمود، للانتهاء من كل الإجراءات لتحقيق هذا الهدف، سعيًا للهدف الأكبر وهو «كأس العالم لكرة القدم لذوى الساق الواحدة». وأشارت سارة إلى أن هناك حلمين تسعى الأكاديمية إلى تحقيقهما، هما: الحصول على الاعتراف الدولى، ومساعدة اللاعبين على تحقيق أحلامهم باللعب فى كأس العالم لكرة القدم لمبتورى الأطراف. وأضافت أن «البداية كانت فى عام 2017، ومنذ ذلك الوقت واجهنا الكثير من التحديات، منها المشاركة فى البطولات الدورية، ولكن لدينا جميعا الآن حلما واحدا وهو تكوين دورى فى مصر، وأن تقام بطولة أمم إفريقيا للعام التالى فى مصر». طفل ميزه الله منذ يومه الأول، ولد وذراعه اليمنى نصفها غير مكتمل، تعلق قلبه منذ صغره بحب كرة القدم، وأصبح حلمه الوحيد تكوين فريق كرة قدم، وأن تؤسس النوادى المصرية فرقا للاعبى كرة القدم ذوى الساق الواحدة، إنه «سيف سلامة»، كابتن نادى بيراميدز والكابتن الثانى لمنتخب مصر، والحاصل على أفضل حارس فى أمم إفريقيا التى أقيمت أخيرًا فى تنزانيا، إذ قال: «فى عام 2018، وافق نادى بيراميدز على تأسيس فريق للاعبى كرة القدم ذوى الساق الواحدة»، وشارك فى فريق المنتخب الوطنى الذى لعب باسم مصر فى بطولة كأس أمم إفريقيا فى 2021، وحقق نصف حلمه عندما وافق نادى الزمالك على تأسيس فريق للاعبى كرة القدم ذوى الساق الواحدة، وأصبح سيف كابتن الفريق، واختتم حكايته: «إحنا قدرنا نواجه أقوى فرقة فى إفريقيا بعد معسكر شهرين، وحلمنا نجيب لمصر كأس العالم فى كرة القدم لذوى الساق الواحدة». وأضاف «سلامة» ل«المصرى اليوم»، أن لدينا حلما نؤمن به فى ظل الأجواء الصعبة التى مررنا بها فى إفريقيا، ففى البداية لعبنا ضد مجموعتين صعبتين جدًا وهما غاناونيجيريا، وكات لديهما خبرة كبيرة فى اللعبة، فكانت إحداهما وصيفة البطولة الأخيرة وهى غانا، أما نيجيريا فقد حصلت على المركز الثالث، ولم يتوقع أحد أن يصعد منتخب مصر، حتى الاتحاد الدولى.. وبعد صعودنا اصطدمنا بفريق أنجولا فى دور الثمانية، فكان فريقا محترفا، ونحن لم يكن لدينا محترف إلا الكابتن محمود عبده، وإرادة ربنا شاءت أن نتقدم فى الشوط الأول وبدأت الجماهير بالتفاعل معنا وتشجيعنا، وتعادلنا فى الدقائق الأخيرة، واتجهنا لضربات الجزاء، وقمت بصد ضربتى جزاء، وهذا الماتش كان صعبا جدا عليَّ بسبب الجمهور والمدرجات والحلم يتحقق، وربنا كلل مجهودى ومجهود الفريق بالنجاح، وحصلت على أفضل حارس فى أمم إفريقيا. وأوضح أن من أهم الأسباب وراء عدم الفوز قلة الخبرة، وعدم وجود دورى، ولذلك كان من أول القرارات التى تم أخذها بعد العودة تكوين دورى، ويعتبر نادى بيراميدز من أوائل مَن ضم اللعبة واستجاب لنا، ثم تلاه نادى المقاولين، ونحتاج حاليا إلى استكمال الدورى ب 6 نواد. ومن جانبه، قال «عبدالله»، كابتن الفريق، إن البداية كانت منذ 6 سنوات، وذلك بعدما شاهدت كابتن محمود عبده وقد نشر مقطع فيديو على «فيسبوك» بين أوروبا وإنجلترا بكأس أمم أوروبا، مما جعلنا نفكر فى تكوين مجموعة، إذ بدأنا ب 9 لاعبين، ووصلنا الآن ل 120 لاعبا فى أكاديمية سمير وعلى للساق الواحدة، ونحن الآن نستعد للبطولة القادمة فى عام 2023، ونسعى لتكوين دورى، فكانت البداية من نادى بيراميدز والمقاولين والنصر، وينقصنا 3 نواد أخرى، وهو ما نسعى له بكل جهد هذه الأيام. وأشار إلى أن الأكاديمية لم تكتفِ بالتأهيل البدنى فقط، ولكن تعمل أيضًا على التهيئة النفسية بسبب ما مروا به، فحلم أن تكون لاعب كرة قدم ليس بقليل. ■ حارب محنته ليحقق حلمه إصابته بالسرطان لم تمنعه من الوصول لحلمه.. بهذه الكلمات بدأ شريف محمد فتحى تونى، الشهير ب«شريف الإنجليزي»، 34 سنة، حديثه، فهو لاعب كرة القدم بنادى ملوى، اكتشف أنه مريض بورم خبيث فى الركبة، وقرر الأطباء إجراء عملية لإزالة الورم، ولكن بعد فشل العملية تم بتر قدمه، وكانت لعبة كرة القدم بالنسبة له مصدر رزقه الوحيد للرزق. وأضاف شريف ل«المصرى اليوم»: «أنا كنت لاعب كرة قدم، ولكن بعد ما تعرضت للبتر نتيجة إصابتى بالسرطان، لم أستطع مواصلة مسيرتى لتحقيق حلمى، ولكن بعد أن انضممت للفريق وجدت طاقة إيجابية كبيرة جعلتنى أشعر أن ما نحن فيه الآن ليس عجزًا أو محنة إنما هو منحة من الله». «حلمى أكون لاعبا كبيرا».. هكذا قال عيد محمد، 11 عاما، موضحا: «من صغرى وأنا بحب كرة القدم، وبعد الإصابة كابتن محمود شجعنى على دخول الأكاديمية، ومنذ دخولى الأكاديمية اتعلمت الكثير منها.. إزاى ألعب كورة، وإزاى أباصى، وإزاى أكون راس حربة». ■ «تاء التأنيث».. تحلم بتكوين أول فريق نسائى فى الوطن العربى من الساق الواحدة ندى معوض، من محافظة بنى سويف، قالت: «التحقت بالأكاديمية حديثا بعد تعرّضى لبتر فى رجلى فى شهر يوليو الماضى إثر تعرضى لحادثة، ولكن استفدت كثيرًا منذ التحاقى بالأكاديمية، ففضلًا عن التعويض النفسى، استطعت الجرى، فمنذ شهر يوليو لم أكن أستطيع الجرى برجلى بعد البتر، كما استطعت اللعب بعكازين، بالإضافة إلى التأهيل البدنى». وأوضحت مريم على، أول حارسة مرمى للفريق النسائى من ذوى الساق الواحدة: «بحب الرياضة بشكل عام، فبعد أن حدّثنى الكابتن محمود عبدالعظيم عن تكوين أول فريق نسائى فى الوطن العربى من الساق الواحدة.. وافقت على الفور»، مضيفة: «رؤيتى لكل الفريق أثناء اللعب يعطينى طاقة إيجابية لتحقيق حلمى الذى يتمثل فى تكوين أول فريق نسائى، وبعد ذلك تكوين منتخب وطنى للمشاركة فى كأس أمم إفريقيا».