- للأسف رحل عنا كاتبنا الكبير صلاح منتصر، وللأسف لم يترك لنا كتابًا فى المكتبة العربية يسجل فيه مشوار حياته، مع أن حياته كانت مليئة بالأفكار البناءة، ومشواره الصحفى يجب أن يُدرس للصحفيين الشبان وهذه هى المأساة أن القائمين على مهنة الصحافة الآن ارتكبوا جرمًا فى حق أسماء الكبار؛ فلم نسمع أن رئيس تحرير إحدى الصحف اجتمع بمحرريه وروى لهم صفحات تاريخ مثل صلاح منتصر، وجلال دويدار الذى تخرج على يديه أكثر من رئيس تحرير، ومن بينهم ياسر رزق، فالأسماء الكبيرة تتساقط مثل ورقة الشجر وتهب عليها الرياح لتندمج مع غبار الزمن فيسقط تاريخ عظماء الصحافة. - عن نفسى أفتخر بأننى كنت واحدًا من أصحاب البناطيل الشورت فى الستينيات واحتضننى الكاتب الكبير مع خمسة عشر صحفيًّا، فمجلة آخر ساعة كانت تتفوق على الصحف اليومية والمجلات الأسبوعية، حيث كان يرأس تحريرها الأستاذ الكبير محمد حسنين هيكل، وكان يعاونه خمسة من كبار الصحفيين وهم: صلاح جلال ومحمد وجدى قنديل، وجميل عارف وفتحية بهيج وصلاح منتصر، وكان الخمسة يجلسون فى غرفة مجاورة فى مكتب الأستاذ محمد حسنين هيكل، وفى الاجتماعات الأسبوعية (كنا نحن مجموعة الشبان ممنوعين من حضور هذه الاجتماعات) لأننا نرتدى بنطلونات شورت، لكن صلاح منتصر فرض رأيه وكسر هذه القاعدة ونجح فى حضورنا هذه الاجتماعات، وهذه صفحة من الصفحات البيضاء فى تاريخ حياة صلاح منتصر أيام الزمن الجميل. - أذكر أول تحقيق صحفى أهدانى فكرة تنفيذه الأستاذ صلاح منتصر، وطلب منى أن أبحث عن الأسماء التى تحمل رقم واحد سواء فى دليل التليفون أو أول المذيعين فى البرنامج العام، وأكتب قصة كل واحد منهم مع رقم واحد. - الشهادة لله صلاح منتصر كان فلتة من فلتات الزمن كان يتمتع بعقلية صحفى كبير جدًّا، وكما كان محبًّا للصحافة.. كان يحب من يعمل فى مهنة الصحافة، فكان يساند الصحفيين الذين هم تحت التمرين. - مصر كلها تذكر الحملة التى أطلقها صلاح منتصر ضد التدخين؛ فهو أول من رفع الراية الحمراء ضد مخاطر السيجارة؛ فكان ينادى على الآباء والأمهات أن تكون عيونهم على أبنائهم، وهذه الحملة تبنتها المدارس وأجهزة الإعلام، وأقيمت مسابقات وخُصصت جوائز لمن يمتنع عن التدخين. هذه من الصفحات البيضاء أيضًا للكاتب الكبير صلاح منتصر. - أذكر أن رفيق عمره المرحوم سعيد سنبل والذى كان يحمل لقب جنتلمان الصحافة المصرية خلال فترة مرضه، طلب منى أن الذى يشغل منصبه بعد وفاته كرئيس للمركز الإعلامى هو الكاتب الكبير صلاح منتصر، فقد كان يخاف على مستقبل هذا المركز الذى أسسه وساهم فى تأسيسه عدد من كبار الصحفيين من بينهم إبراهيم نافع وإبراهيم سعده وعادل حمودة وسناء البيسى وجمال بدوى وعباس الطرابيلى، فقد كان كل همه أن تنجح رسالة المركز فى احتضان أوائل الإعلام، ورحب صلاح منتصر بهذا التكليف، وبالفعل بعد رحيل سعيد سنبل ترأس المركز ورآها توصية غالية من صديق عمره، وبالفعل انتقل المركز على الساحة الإعلامية، وأذكر أنه حدد لقاء مع محافظ البنك المركزى الأستاذ الدكتور فاروق العقدة وطلب منه تأييده لإقامة أول مؤتمر اقتصادى للبنوك، والشهادة لله أن الدكتور فاروق العقدة كان داعمًا لهذا الرأى.. ونقله إلى رؤساء جميع بنوك مصر الذين رحبوا بفكرة صلاح منتصر، ويرحل صلاح منتصر وتنتقل رئاسة المركز الإعلامى العربى إلى المفكر الكبير الدكتور مصطفى الفقى الذى أصبح رئيسًا لمجلس إدارته. - رحم الله صلاح منتصر؛ فقد ترك لنا تراثًا من أعماله لعمل أبناء المهنة الشبان يستفيدون منه ونجد بينهم أكثر من صلاح منتصر.
