أقام مهرجان أسوان الدولي لسينما المرأة ندوة لتكريم الفنانة سوسن بدر، ضمن فعاليات منتدى نوت. وقدم الناقد الفني طارق الشناوي الندوة واصفا سوسن بدر بأنها منحوتة فرعونية، وهو ما استوقف مخرج كبير هو شادي عبد السلام ، وأضاف أنه لسوء الحظ ان سوسن لم تقف امامه في فيلم اخناتون الذي لم يكتمل، ولكن يظل شادي بالنسبة لها بمثابة الملعم الاول، عرفت منه كيف تمثل، كيف تنظر الى الحياة والتفاصيل الكثيرة المختلفة، العمق الثقافي للمثل، فيجب أن تكون هناك ثقافات وينابيع عند المبدع ومن بعد ذلك تأتي الكاميرا. وأضاف الشناوي: «سوسن نموذج للفنان الذي يتصالح مع الانسان داخله وأيضا يتصالح مع الزمن، يصالح عيوبه قبل أن يرصد مميزاته مشيرا إلى إن منطق الامور كلما كبرنا فقدنا اجزاء من حواسنا، والانسان عموما لكي يرسل يجب ان يستقبل، وان سوسن حافظت على القدرة على الاستقبال، سوسن تعرضت لمواقف كان يمكن ان تكون بمثابة حكما بالاعدام ، ولكنها تخطتها بعزيمة وإرادة. وأشار الى لكن النجوم الكبيرة حين يقومون ببطولة مطلقة يرفضون التنازل عنها، هي عرفت ان العمل بقيمته وليس بترتيب اسمي في العمل، هناك نجوم لا مرونة لديهم مع الزمن ، تعرف ما تختار ، يعرض عليها الكثير ولكنها توافق على ما يضيف لرصيدها الفني وموهبتها فقط». وأشار الشناوي إلى ان فاطمة رشدي مثلا لم تستوعب تغير فن الاداء، بينما أمينة رزق استوعبت هذا التغير ، هذا له علاقة بتغير مفردات المجتمع ، الفنان يأخذ تعبيراته ومدلولات الكلمات من الناس ومن المجتمع، هناك لغة درامية أيضا تتغير وتتغير لغة الأفكار الفنية وبؤرة الإحساس. وذكر الشناوي واقعة قديمة قائلا إن القطة بسبع أرواح وسوسن بثمانية، هذه مقولة رددتها حين كنت أقلب في التليفزيون، فوجدت في الأولى سوسن وفي القناة الثانية سوسن، وكنا في بدايات عصر الفضائيات، وجدت على ثمانية قنوات مختلفة اعمال درامية لسوسن، 8 أعمال درامية، وتعجبت كيف يستطيع الفنان وجدانيا ان ينتقل من عمل لعمل في توقيت متقارب؟ لكن لأن سوسن تعشق العمل الفني، استطاعت أن تحقق ذلك، حالة الحزن التي انتابتها مع رحيل الأم، الفنانة آمال سالم، دفعتها للاستمرار والتفوق، فالأم الراحلة كانت ترى أن النجومية التي لم تحققها ستتحقق في ابنتها. وأوضح: «في مسلسل أم كلثوم كان هدف لكبار النجمات وصراعات بين أسماء كبيرة جدا، لأن هذه أم كلثوم من المتوقع للمسلسل ان يحظى بنجاح باهر، سوسن فيها شئ، الروح المصرية، لأداء أم كلثوم، اختارت أنعام محمد علي سوسن لأداء الدور، وبعد فترة من البروفات وجدت أن هذا الدور ليس لسوسن، ولن يكون لصالحها، لذلك الاعتذار لها وسوسن تفهمت الامر، وشكرت أنعام محمد علي واتصلت بصابرين هنأتها على الدور، هذا هو تصرف النجوم الكبار، فسوسن بدر تمثل نموذجا عظيما للممثل الذي يحتفظ بثقته بنفسه وموهبته وتوهجه رغم الزمان، ولذلك ننتظر منها الكثير والكثير. وقالت سوسن بدر أشكر مهرجان أسوان لإتاحة الفرصة لهذا التكريم، وهو من المفاجآت التي حدثت لي، وأشكر الناقد الكبير طارق الشناوي الذي كثيرا ما كتب عني، حتى رأيه الذي يحمل قسوة أفادني كثيرا، لذلك اشكره على كل ما كتبه عني، وأشكر كل الحضور وأتمنى أسمعكم. وطلب طارق الشناوي أن يستمع إلى أهالي أسوان باعتبارهم مستضيفي المهرجان، وأشاد بفكرة إقامة مهرجانات خارج القاهرة. وقدم محمود الفولي صحفي بوكالة ابناء الصين سؤالا حول كيفية معالجتها لقضايا المرأة في اعمالها الفنية ، وعن تكريمها في مهرجان أسوان . قالت سوسن منذ ان تلقيت الدعوة أردت أن أعرف عنه اكثر عن المهرجان، حين عرفت أن مهرجان أسوان يكرمني في وجود ناس كثير ولكن من بينهم الاستاذة انعام محمد علي فهذا أمر أسعدني جدا، بالصدفة كانت بداياتي في السنة الثانية بالمعهد، كان مسلسل هي والمستحيل، سمعت نقاشات وحوارات بين الاستاذة انعام محمد على والكاتبة فتحية العسال كونت تفكيري بشكل كبير . أدين بفني لأناس كثيرين ربنا وضعهم في طريقي . من وقتها قدمت أعمالا كثيرة للمرأة، مثل نونة الشعنونة وسهرات تليفزيونية مثل دولت فهمي التي لا يعرفها أحد، عن أول بنت استشهدت في ثورة 1919، وجدت نفسي في دائرة الاهتمام بالمرأة المصرية ، وأضافت: زمان لم تكن هناك ميديا تكشف التحرش، الآن المشاكل كثرت ولم تعد حلولها سهلة. وحول سؤال عن مدى تغير الدراما اليوم عن أمس ، قالت سوسن حدث تغيير كبير جدا في الدراما عما بدأت في السبعينيات، حتى تقنيا الاجهزة اختلفت ، الكتاب الذين يكتبون اليوم هم ابناء اليوم ، مدلول الكلام تغير ، حتى القضايا التي تطرح تغيرت، انا شخصيا اشتاق احيانا للعمل مثلما كنا في الماضي، بحكم انتمائي لجيل مختلف ، هذا لا يعني أني لا اريد أن افهم ما يدور حولي ، وإلا لن استمر، انا معنية بوطني مصر وقضايا بلدي ، وكل ما يحدث من تغيير في العالم . العالم المفتوح ادخلنا في عادات وتقاليد غريبة علينا بعض الوقت ، هذا لا يعني ان ننسى أنفسنا بالكامل ، لكن ما المانع ان نأخذ منهم بعض الاشياء ، ونعيد التفكير فيما ورثناه من زمان ، أكثر شئ يقلقني هو لغتنا وهويتنا ، لو نسينا لغتنا تضيع هويتنا، اللغة هي الهوية التي تعبر عنا بشكل حقيقي . وقدمت إحدى الناشطات المجتمعيات من أهل أسوان التهاني لسوسن بدر، وقالت: مبروك التكريم وسط اهلك في اسوان ، في جراند اوتيل جسدتي شخصيتين مختلفتين ، كيف يعطي هذا الأمر قوة للمرأة، المشكلات التي تواجه المراة المهمشة التي تحارب لتصل لمنصب قيادي ، وأشارت إلى سوسن بدر وانعام محمد علي الحاضرين وإلى باقي المبدعين قائلة: لماذا لا يأتون الينا ويعرفون لماذا المرأة مهمشة في مجتمعاتنا، نريد تحفيزا للمرأة الصعيدية، وتجسيد للشخصيات التي تعيش بيننا. وشكرت المخرجة إنعام محمد علي سوسن بدر لكلامها عنها وقالت ليس كل فنان يعترف بمن وقفوا معه في بداياته . وأضافت إنعام إن تجربتي مع سوسن بدر جاءت بعد ان توسمت فيها من البداية سمات من الممكن ان تؤهلها للبطولة ، شعرت بذكائها كيف تأخذ تعليقات وتعليمات المخرج وتغلفها بروحها لتقدم الدور المطلوب بشكل حقيقي. لم تكن تعيد المشاهد هي مرة واحدة فقط ، لا ترهق المخرجين . وتابعت : أعمالها متنوعة وفي كل عمل تنضج أكثر، وتتقمص الشخصية للنخاع . الاداء على درجة عالية من المصداقية . بالنسبة للمخرج تكون جوهرة . وقال الفنان باسم سمرة : تحياتي للحضور وللسيدة المصرية والعربية بشكل عام ، كنت من الممثلين المحظوظين، حيث عملت مع سوسن بدر في أكثر من عمل ، دائما كانت تعطيني اضافات واشعر بالأمان وأنا بجوارها، سوسن من الممثلات اللاتي تعرضن للمعاناة، ويمكن هذا ما ساعدها على النجاح . وقدمت إحدى السيدات من سوهاج مداخلة حول العنف ضد المرأة وكيف يمكن للفن أن يفعل الكثير من القوانين ويواجه تعرض السيدة الصعيدية للعنف من المجتمع . وردت سوسن بدر بان هناك شكلا مختلفا من الفن والدراما سيقدم في الفترة المقبلة يكون أكثر واقعية وأكثر نضجا عن الفترة الماضية . الفنانة سلوى خطاب قدمت التحية لسوسن بدر وأكدت أن تكريم سوسن بدر يؤكد أن هناك أملا أن يشعر الناس بالفنانين ومجهوداتهم ، نعرف ان هذا قدرنا ، ونحن نريد ان نناقش قضايا المرأة في الوطن العربي وليس في مصر فقط ، لكن الكتابة والإخراج والإنتاج وعناصر كثيرة يجب أن تتضافر ليحدث ذلك . وفي النهاية قال الناقد طارق الشناوي إن تكريم الفنان في عز عطائه هو أفضل ما يمكن أن يحدث، وهو ما يحدث اليوم مع سوسن بدر التي قدمت أدوارا متميزة في السينما والتليفزيون والمسرح .
